د. إشيب ولد أباتي يكتب : النصر آت، والويل للكيان الصهيوني. 

جمعة, 2024-08-02 05:54

إذا كان الكيان الصهيوني حرص على الحروب الصغيرة بين الحروب العسكرية الكبرى، وذلك لجعل المجتمع الصهيوني في حالة توحد، وابعاده عن عوامل  التفكك الاجتماعي بالصراع الداخلي بين الطوائف داخله، والجماعات  الإثنية المختلفة، والصراع الاجتماعي، والثقافي، والديني مقابل اللاديني ، و"الغيتي" لكل تجمعاته، الأمر الذي  مكنه  طيلة احتلاله  في توجيه  بوصلة الصراع الداخلي باستبداله بالصراع اليومي مع أهلنا في فلسطين، ولبنان، وتجيير الصراع الاجتماعي في مجتمعاتنا، إلى الصراع الطائفي في العراق، و سورية، واحتلاله لليبيا، وتغييب دورها القومي ، ولو مؤقتا، والحرب الأهلية بطابعها العسكري في السودان، والصومال…

فإن الكيان الصهيون اليوم، بفضل "طوفان الأقصى"، وهزيمة الكيان، عسكريا، وسياسيا، وتوابعهما من هجرة طاردة، وجنون لمجرميه المشرفين على سياسة ردم الرؤوس المهزومة في " غزة" في برك دماء مدنييها من الأطفال والنساء، والشيوخ، والمعاقين، واصحاب الحاجات الخاصة،  والآن سعى للخروج من مستنقع الهزيمة،  فبدأ يضرب برجليه، كالغارق في " الجب ، بعد أن غاص رأسه العسكري، والسياسي في الدماء، وبذلك فقد البصيرة..

ومن هنا  نراه  يضرب  في كل اتجاه للخروج من الجحيم إلى هذا المسسقر المحتوم…

وهذا في صالح أمتنا في المعركة المصيرية في فلسطين…

ولقد كتبت، كغيري، وسنبقى معا  نكرر ما كتبنا، لعلنا نلقى استجابة، وتستوطن آراؤنا  في وعي المتلقي العربي حتى تعي جماهير امتنا، أن هذه معركة الأمة، وليست معركة فصيل ثوري، وليست معركة  مجتمع واحد من أمتنا في فلسطين، كان يشاغل بالمواجهة اليومية، والانتفاضات البطولية، والثورات الوطنية منذ ثورة "القدس" و"يافا"  في ١٩٢٠م إلى معركة "طوفان الأقصى" التي ستحسم النصر بإذن الواحد الأحد، ثم بفضل التلاحم  البطولي، لقوى المقاومة في وحدة الساحات التي كان تقدير قيادتها في لبنان، واليمن، يراوح، كقوى مساندة، وهنا حصل خلل في هذا الإسناد الكثير كالتأخير في دخول المعركة، بما يتنافى مع واجباتها  ، وكان تأثير ذلك  قويا على المقاومين، وذخيرتهم، وعلى المجتمع العربي في غزة من تدمير لبنيته في الانظمته الاجتماعية، ووحدته  السكنية الحضرية.. 

ومن هنا كان مفهوم" الإسناد" عنوانا، معبرا عن سوء التقدير لحجم المعركة، وتداعياتها، ومحاولة تجنب التدحرج الذي سيحصل حتما،، بعد أن استنزف قوى المقاومة، ومجتمعها في غزة…

لذلك، يجب - وليس ينبغي فحسب - تغيير العنوان " الإسناد " الى " التلاحم " والتشابك، والانخراط في المواجهة المصيرية، وفرض الهزيمة على العدو بالقضاء على الكيان الصهيوني، وليس لإيقاف الحرب،، فالحرب توسعت الآن، وكان يجب أن تتوسع في أول يوم، في ٧ من أكتوبر ٢٠٢٣م.

……….

ولقد وجهت في شهورها الأولى انتقادا، عابه علي  العديد من القراء حين، استهجنت  محدودية  الإسناد، نظرا لما عبر عنه من تردد القائمين عليه في دخول المعركة، والاكتفاء بضرب وسائل الرصد العسكري، والتجسس على الحدود الفلسطينية اللبنانية، فحسب ،،!

وكان العديد من أصحاب التعليقات  المداخلات -  باعتبارها توجيهية للكاتب، وقد استبشرت  بها، وفتحت لها صدري خلافا لمن يمتعض  من اصحابها ، ويصفهم بالأوصاف السخيفة  -  طلب مني سحب المقال  بعد نشره، لأني شككت في نوايا قادة المقاومة، وقائدها، وقد فاتهم، أنه في اقديري، كما الجماهير العربية، يعتبر من أخلص قادة الأمة في هذا الزمن العربي المتصهين، ولعله المقتنع، والقادر بحمد الله على إنزال الهزيمة، وحسم المعركة في صالح أمته…

ولأن وجهة نظري، استندت إلى ما سبق من تقدير لقادة قوى المقاومة العربية، فقد  كنت أتوقع منها في وحدة الساحات، اكثر من الإسناد، بل التدخل السريع، واتخاذ المبادرة، كفرصة للدخول في المعركة المصيرية، ولا يكون ذلك الا بتحديد ابعاد طوفان الاقصى، وخروجها من حيزها في فلسطين، قبل أن يفرض ذلك مجرمو الاعتداء الاجرامي في" بيروت" اليوم، و "طهران" في وقت واحد، وهذا جعل من بعض قادتنا الميدانيين، يستشهدون  بعيدين عن جبهات المواجهة للأسف.. 

وما أشرف للقادة، أن يستشهدوا  على جبهات الحسم العسكري - رحم الله يوسف بن تاشفين الذي انتقل من مراكش  الى " وادي الحجارة" على اطراف " مدريد" لقيادة معركة " الزلاقة" التي انضافت الى معارك الأمة  كمعركة "ذي قار"، والقادسية قبل معركة " حطين" الخالدة - ..

ولكن السؤال الاهم  موجه بدافع الرفض لهذه المواقف المخزية لجماهير أمتنا العربية من المحيط الى الخليج، فأين أنت؟ اين قواك الحية -  إذا كانت كذلك فعلا، لا تفاؤلا مميتا -  من  الحراكات السياسية، والاجتماعية،، ؟ ومتى تتوحد ساحات المظاهرات، لتدخل بها الأمة في معركتها المصيرية،،؟ فجماهير المجتمع العربي في فلسطين في الضفة الغربية،  دخلت في معركة الشوارع مع قطعان المستوطنين، وعصابات جيش العدو الصهيوني.. بينما لا زلنا في انتظار دور المظاهرات في الشوارع العربية لمواجهة أنظمة الخيانات..  والدور المنتظر من جماهير الأمة،  لا يتحمل التقاعد المشين، والرجوع عن الزحف، هو من "الموبقات السبع" التي تخرج  مرتكبيها من الملة.. 

يا جماهيرنا العربية من المحيط الى الخليج،، أين نحن من معركة الأمة؟

فلنخرج في الشوارع مكسرين  بوابات السفارات الأمريكية والصهيونية، والفرنسية، والبريطانية، والألمانية تحديدا،،،

فلنضرب المصالح الغربية، ولنطرد السفراء، ونوقف تفريغ البواخر الغربية في الموانئ العربية، وهذا دور نقابات العمال الشرفاء…

إن على الأمة، أن تقاتل كل في موقعه، لكسب المعركة جنبا إلى جنب مع  هذه المشاركة العظيمة للأمة الإيرانية، وقيادة ثورتها - وهذا "يجب" ما قبله حقا، وحقيقة -  التي أعلنت عن دخولها في معركة "طوفان الأقصى"  دفاعا عن كرامتها المجروحة باستشهاد " هنية" المجاهد الذي نال شرف الاستشهاد، وسجل باستشهاده في طهران  للأمتين  العربية، والاسلامية  دورهما للمشاركة في تحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.. 

وهذا كان دور " هنية"  العظيم، وتنبؤه بمآلات " طوفان الاقصى"، وهو اعظم دور للقيادة  الاستشهادية في اتخاذ المبادأة في معركة " طوفان الأقصى"، وهذا شرف يخلد القائد "هنية"، كواحد من أبطال أمتنا…

 فهنيئا له بهذه التهنئة التي حملها اسمه من ظهر الغيب عمن اسمه بهذا الاسم الذي أخذ  معانيه العظيمة ودلالته بهذه النهاية التي فتحت صفحة التاريخ له في سجل الخالدين..