تجميد حرب وبدء أخرى من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط..... معركة غزة قد تتحول إلى مواجهة استنزاف عسكرية طويلة الأمد

ثلاثاء, 2024-03-05 23:01

تتواصل معركة تكسير الإرادات حول حرب غزة، وفي الوقت الذي تحاول فيه حكومة تل أبيب فرض وقف مؤقت لإطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية بشروط تتجاوب مع مصالحها عسكريا وسياسيا وإقتصاديا، يواجه رئيس الوزراء نتنياهو تحديات كثيرة منها تصاعد الخلافات الداخلية بين مكوناته الحزبية فيما يسمى مجلس الحرب، وتململا أمريكيا نتيجة تزايد الاقتناع داخل جزء من مكونات الأجهزة الحاكمة في البيت الأبيض بأن حملة السيوف الحديدية الإسرائيلية في غزة وبعد خمسة أشهر من انطلاقها لم تسفر عن الأهداف المتوخاة بل على العكس أسفرت عن نتائج سلبية لإسرائيل والمتحالفين معها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية ولذا يصبح من الضروري البحث عن سبل جديدة تراعي المعطيات الجديدة على الساحة وكذلك التأثيرات المتولدة عن معركة التوازنات الدولية في ظل الصراع الخطير على تعديل النظام العالمي الأحادي القطب وتحويله إلى نظام متعدد الأقطاب.

الوضع بين واشنطن وتل أبيب لخصه تحليل لصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية كتبه، مراسلها في واشنطن، بن صامويلز، لفت إلى أن زيارة بيني غانتس الوزير في حكومة الحرب إلى واشنطن منذ يوم السبت 2 مارس 2024 "تظهر حتما أن هناك شخصا في الحكومة الإسرائيلية يجد المسؤولون الأمريكيون أنه يستحق ثقتهم، بعد إضافة الأشهر الخمسة الماضية إلى عدم الثقة والشك تجاه نتنياهو".

وبحسب التحليل، سبق وأن قام غانتس بـ"زيارة سرية إلى واشنطن قبل أيام من هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 عندما كانت إدارة بايدن تحاول الدفع بالعلاقات الإسرائيلية السعودية نحو التطبيع".

ويضيف الكاتب "بعث اجتماعه مع سوليفان في ذلك الوقت، وكان وقتها مجرد رئيس لحزب معارض برسالة واضحة إلى نتنياهو والمؤسسة السياسية الإسرائيلية والشرق الأوسط الكبير على حد سواء مفادها أن هذا هو الرجل الذي يعتقد الرئيس بايدن أنه قادر على المساعدة في وضع إسرائيل على المسار المتوافق مع أهداف السياسة الأمريكية".

وهذه ليست المرة الأولى التي يوجه فيها مسؤولو إدارة بايدن أنظارهم نحو سياسيين إسرائيليين ليسوا في السلطة. 

ويشمل ذلك اجتماع كبار المسؤولين الأمريكيين مع زعيم حزب "يش عتيد" يائير لابيد عندما كان من المقرر أن يصبح نفتالي بينيت رئيسا للوزراء في عام 2021، واجتماعات أخرى مع غانتس ووزير الدفاع يوآف غالانت "تم الإعلان عنها بضجة تعادل تلك التي تحدث مع زيارات نتنياهو" يقول الكاتب الذي أشار إلى أن البيت الأبيض "لن يعترف صراحة بمثل هذا الشيء".

وذكر مسؤول في البيت الأبيض عن اجتماع غانتس المزمع مع هاريس "إن اجتماع نائبة الرئيس هو جزء من جهودنا المستمرة للتعامل مع مجموعة واسعة من المسؤولين الإسرائيليين بشأن الحرب في غزة والتخطيط لليوم التالي".

"لكن الأمريكيين يستمرون في الإصرار علنا على أن نتنياهو هو رئيس الوزراء وسيتعاملون معه على هذا النحو، بغض النظر عن الاختلافات السياسية".

لا يخفي المحللون في الغرب وكذلك جزء من السياسيين أن حرب غزة وأزمات الشرق الأوسط المتنوعة مثل الصراعات في القرن الأفريقي ومنطقة الساحل وأمريكا اللاتينية وغيرها هي جزء مكمل ومتكامل للصورة الأكبر لصراع شمال جنوب والغرب ضد كل من الصين وروسيا.

موسكو بدورها تقدر أن المرحلة الحالية للمواجهات في الشرق الأوسط تدخل في نطاق صنع توازنات عالمية جديدة، وهي تعمل على إظهار ما تعتبره فشلا أمريكيا. 

بداية شهر مارس 2024 أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الولايات المتحدة تسعى إلى فرض حقيقة أن الفلسطينيين لن يحصلوا على أي دولة، وبدلا من ذلك، ستخلق واشنطن "صورة جميلة" دون تغيير الوضع الراهن.

وأشار لافروف إلى أن الولايات المتحدة تولت مهام "العمل التفاوضي السري"، وقال: "سوف يؤدي هذا العمل إلى وهم آخر، ولن يحصل الفلسطينيون على أي دولة. وسيكون هناك إعلان جميل، على سبيل المثال، أنه سيتم قبول فلسطين كعضو في الأمم المتحدة، ولكن كل شيء على أرض الواقع سيبقى كما هو بالضبط أي على حاله. صورة جميلة لكن دون تغيير الوضع الراهن".

وأشار لافروف مرة أخرى إلى أن الولايات المتحدة هي التي أوقفت أنشطة "اللجنة الرباعية" للوسطاء الدوليين، والتي تضم روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وأكد وزير الخارجية الروسي خلال لقاء مع المشاركين في الاجتماع الفلسطيني في موسكو، أن قيام دولة فلسطين هي السبيل الوحيد لإحلال السلام الدائم في منطقة الشرق الأوسط.

خسرت الولايات المتحدة رهانها على أوكرانيا في إضعاف روسيا وهي الآن مع دخول الحرب في وسط شرق أوروبا سنتها الثالثة أمام ثلاث خيارات رئيسية أما القبول بتسوية سياسية مع موسكو تصاغ بشكل يحفظ ماء وجهها وحلف الناتو أو مواصلة التصعيد وإرسال قوات غربية أساسا أوروبية تحت تسميات وتبريرات مختلفة وهي هنا تخاطر بمواجهة استخدام موسكو للسلاح النووي لأن الرئيس بوتين يقدر أن المناورة الجديدة للناتو تستهدف محو ما أنجزه الجيش الروسي منذ 24 فبراير 2022 والتعلق بأمل صعود موجة داخل روسيا تعارض مواصلة الحرب.الاختيار الثالث الذي أصبح له منذ بداية الربع الأول من سنة 2024 أنصار كثر سواء في البيت الأبيض أو المخابرات المركزية أو البنتاغون هو نقل ثقل الصراع مع موسكو خارج الساحة الأوروبية واستخدام القوة الأمريكية الأطلسية في الشرق الأوسط للعمل على قلب كل التوازنات وبسط الأرضية من جديد لتسيير مسلسل التفتيت على أساسا مشروع المحافظين الجدد لإعادة هندسة المنطقة الشرق أوسطية وتقسيم دولها إلى ما بين 54 و56 دويلة على أسس دينية وعرقية وقبلية ومناطقية، مما يساعد تل أبيب على استعادة ثقلها العسكري المزعزع وتنشيط مشاريعها التوسعية، واستكمال طوق الحصار على روسيا من على جناحها الجنوبي الغربي وحرمانها من امتلاك حلفاء على ما يسمى بالبحار الدافئة وربط مصادر الطاقة الغاز والنفط بشكل مباشر وعبر التقسيمات المخطط لها مع الغرب الأوروبي وبالتالي منع أي تمرد أوروبي نابع أساسا من دوافع اقتصادية والعودة إلى مصادر الطاقة الروسية الغاز أساسا والذي سمح للعديد من الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا من بناء اقتصاد وصناعات قادرة على مواجهة المنافسات المتصاعدة من الاقتصاديات الآسيوية.

 

مستنقع غزة

 

أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية نهاية شهر فبراير 2024 نقلا عن مصادر مطلعة، بأن رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، "يخطط لجر إسرائيل إلى عملية رفح"، مشيرة إلى أنه واثق من أنه "سيخرج منتصرا في نهاية المطاف". وأشار التقرير الذي نشرته الصحيفة إلى أن "يحيى السنوار، نقل رسالة إلى قيادة الحركة في قطر، مفادها: "الإسرائيليون لدينا في المكان الذي نريده"، وأن "مقاتلي حماس (كتائب القسام)، في حالة جيدة".

ونقل التقرير عن أشخاص مطلعين على اجتماع عقد، في وقت سابق من شهر فبراير، ناقشت فيه قيادة "حماس" العليا المخاوف من أن "الحركة قد تخسر المعركة البرية في غزة، مع اجتياح معاقلها وقتل عناصرها، لكن السنوار كان يعتقد خلاف ذلك".

ووصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" استراتيجية السنوار، بأنها "انتصار تاريخي" بعد أن قاد أكبر عملية ضد إسرائيل، ثم صمدت الحركة في وجه عملية الجيش الإسرائيلي، حيث سينظر إلى "حماس" على أنها "قيادة القضية الوطنية الفلسطينية".

ووفقا للتقرير، كان العسكريون الإسرائيليون يشعرون بالقلق من أنه حتى مع تحقيق الانتصار في ساحة المعركة، قد لا ينتهي الأمر إلى هزيمة "حماس"، وهو هدف حرب إسرائيل إلى جانب إعادة الأسرى.

بداية شهر مارس 2024 أفادت وسائل إعلام عبرية بأن الجيش الإسرائيلي يواجه تحديات ويحتاج إلى زيادة ضخمة في القوات، وسط توتر في الجهاز السياسي الإسرائيلي.

ولفت الإعلام العبري إلى أنه "فيما يستمر الاضطراب في النظام السياسي بعد تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي أكد على أنه لن يقدم "قانون التجنيد" دون موافقة جميع أعضاء الائتلاف، يقوم الجيش بجمع البيانات لتوضيح كيفية تأثير هذا الأمر".

وتمت الإشارة إلى أن مشكلة القوى العاملة تبقى مسألة ذات أهمية دراماتيكية، لا تقتصر على السياسة أو المطالبة بتحمل أعباء متساوية، فيما يظل الوضع الحالي غير مطمئن وغير متناسب مع خريطة التهديدات المعروفة.

وأفاد تقرير نشرته هيئة الأركان صباح يوم الجمعة فاتح مارس لأول مرة على موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بأن الجيش الإسرائيلي بحاجة ماسة إلى إضافة ما لا يقل عن 7000 جندي وجندية، حيث يقترب نصفهم تقريبا من أدوار قتالية.

وجرى التوضيح أنه تتم إضافة هذا العدد إلى الجنود المقرر تجنيدهم بالتناوب، مع طلب الجيش معايير 7500 ضابط وضابط صف إضافي، في حين أن الخزانة توافق حاليا على 2500 فقط.

وتعتبر هذه الأرقام غير مسبوقة، مما يدل على حالة الصدمة التي ألمت بالجيش الإسرائيلي بعد ما يقرب من 150 يوما من القتال، الذي بدأ بخسائر فادحة في 7 أكتوبر. 

وخلال المعارك، قتل 585 عسكريا حسب أرقام تل أبيب، وهناك آلاف آخرون من الجرحى جسديا ونفسيا، قد لا يكونون قادرين على العودة إلى مهامهم بسبب الإصابات التي تعرضوا لها.

بالإضافة إلى ذلك، سقط العديد من كبار المسؤولين العسكريين الذين كانوا يقودون القوات على الأرض قتلى، والآن يجب تدريب بدلائهم لتولي المسؤوليات.

كما ستؤثر مشاركة الوحدات الخاصة في القتال على وضع الجنود هناك، حيث يتطلب تدريب هذه الوحدات مهارات وتخصصات متقدمة، وهو أمر يجعل الوضع أكثر تعقيدا ويتطلب تخصيص جهود تدريبية أكبر.

 

اخطر حرب

 

يوم الأربعاء 28 فبراير 2024 أقر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت،، بتكبد الجيش خسائر وصفها بـ"الباهظة" في الحرب على غزة، وقال إن هذه الحرب "لم نخض مثلها منذ 75 سنة"، وهو الأمر الذي يفرض عليه "تغييرات جديدة"، من بينها ضم المتدينين لجيش إسرائيل.

وفي لقاء إعلامي له، قال غالانت إن الجنود "يحاربون في غزة وعلى الجبهة الشمالية، ونبذل قصارى جهدنا لاستعادة المختطَفين"، واعترف بأن "الأثمان التي نتكبدها في أعداد القتلى والجرحى باهظة".

لذلك، اعتبر غالانت أن "هناك حاجة وطنية حقيقية لتمديد خدمة العسكريين وتمديد خدمة جنود الاحتياط"، كما أقر بأن إسرائيل لم تشهد مثل هذه الحرب منذ 75 عاماً، و"هذا يدعونا إلى إقرار تعديلات على قانون التجنيد"، من بينها "تجنيد الحريديم (المتدينين) في صفوف الجيش.

وبخصوص التحذيرات من التصعيد في المسجد الأقصى جراء قرار الاحتلال فرض قيود على المصلين خلال شهر رمضان، زعم غالانت أن "هدف حركة حماس هو تأجيج الوضع في المسجد الأقصى، ونحن علينا منع ذلك".

كما أكد أن الجيش "مستعد لكل الاحتمالات، ونعرف كيف نتصرف في حال ظهور أي خطر يهدد إسرائيل".

بخصوص التصعيد في الشمال، قال غالانت: "نحن يقظون حيال ما يحدث شمالي البلاد، واستهدفنا مواقع لحزب الله وأوقعنا قتلى في صفوف مقاتليه".

والثلاثاء 27 فبراير، توعد رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، "حزب الله"، خلال جولة أجراها على الحدود الشمالية، التقى خلالها قائد القيادة الشمالية أوري غوردين، وعددا من القادة العسكريين.

وقال هاليفي: "لقد قرر حزب الله مساء السابع من أكتوبر 2023، الانضمام (إلى الحرب)، ما يعني وجوب جعله يدفع الثمن باهظا جدا بالمقابل".

 

انتشار مكلف

 

يوم السبت الثاني من مارس وحسب موقع واللاه العبري حذرت مصادر عسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية من عجز الجيش الإسرائيلي على المناورة العسكرية السريعة والمكثفة في غزة وتعرض الجنود لهجمات مباغتة أو بالعبوات الناسفة.

ونقل الموقع عن مصادر في وزارة الدفاع الإسرائيلية قولها أن هناك تحذير في "مؤسسة الدفاع" من وضع "لا يستطيع فيه الجيش الإسرائيلي القيام بمناورة سريعة ومكثفة، والقيام أيضا بمهام عملياتية مثل تحديد مواقع منازل الإرهابيين والأنظمة تحت الأرض، والمسح والتدمير، ونتيجة لذلك يستطيع العدو الاقتراب من القوات وضربها بواسطة النيران المضادة أو العبوات الناسفة".

وانتقدت المصادر العسكرية الإسرائيلية عدم اتخاذ قرارات حاسمة، وقالت: "في الوقت الحالي، يضيع الجيش الإسرائيلي وقته في قطاع غزة".

وأشار موقع "واللاه" إلى وجود خلافات بين قادة الجيش وأعضاء مجلس الحرب وأعضاء منتدى الأركان العامة للجيش الإسرائيلي بشأن اجتياح رفح. 

وينقل الموقع عن ضابط كبير في القيادة الجنوبية للجيش قوله: "لا نريد توسيع المناورة إلى رفح أو المعسكرات المركزية بشكل يتزامن مع اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، ما يفرض توقفا للهجوم ومنع زخم عملياتي حاسم لهزيمة حماس وأسر كبار المسؤولين"، مضيفا أن "الأيام المقبلة ستكون متوترة. سيطلب من المستويات السياسية والعسكرية العليا دراسة التطورات في المفاوضات واتخاذ قرار بشأن مسائل كبرى".

وتنتشر حاليا فرقتين قتاليين في الجيش شمال قطاع غزة و4 فرق قتالية من الألوية في منطقة خان يونس، في وقت تنتشر فيه قواتأخرى على طول حدود القطاع.

وفي تحديث لبياناته على موقعه الرسمي مساء يوم السبت 2 مارس، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 585 عسكريا في صفوفه منذ السابع من أكتوبر.

 

مستنقع عميق

 

ذكرت شبكة "إن بي سي" الأمريكية في تقرير لها يوم السبت 2 مارس، إن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قادرة على جر إسرائيل إلى "مستنقع طويل" في قطاع غزة.

وأوضحت الشبكة، نقلا عن ضباط أمريكيين لم تسمهم، أن "حماس ما زالت قادرة على جر إسرائيل إلى مستنقع طويل، مثل الصراعات السابقة في لبنان".

وأضافت أن "عملية إسرائيل ألحقت ضررا بقيادة حماس وبنيتها التحتية، لكن الحركة لا تزال لديها قدرات"، حسب المصدر ذاته.

في هذه الأثناء تتسع الخلافات داخل الدوائر العسكرية الإسرائيلية حيث أعلنت مجموعة من الضباط والمسؤولين الكبار في وحدة المعلومات بالجيش الإسرائيلي يوم الأحد 3 مارس 2024، تقديم استقالات جماعية احتجاجا على سير الأمور العملياتية والشخصية.

وبحسب القناة 14 الإسرائيلية: " أعلن عدد كبير من الضباط استقالتهم من الوحدة المسؤولة عن نظام المعلومات في الجيش الإسرائيلي".

وأشارت القناة إلى أن " الكولونيل شلوميت ميلر بوتبول الذي يعتبر الرجل الثاني في قسم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بعد دانيال هاغاري، قد قدم استقالته، بالإضافة إلى عدد كبير من الضباط المسؤولين في قسم المعلومات بالجيش"، وأضافت القناة الإسرائيلية أن "موران كاتز رئيسة دائرة الاتصالات في وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ستترك وظيفتها".

وفي حين لم يرد أي تأكيد أو نفي رسمي لذلك، أشارت القناة إلى أن الاستقالات الجماعية ناتجة عن احتجاج الضباط على سير الأمور العملياتية والشخصية، وأوضحت أن الاستقالات "تعكس حالة الاضطراب" بوحدة المعلومات التي يديرها هاغاري.

 

حقائق مرعبة

 

يوم الأحد 3 مارس 2024 انتقد لاري جونسون، المحلل السابق في وكالة المخابرات الأمريكية CIA، في لقاء مع الصحفي سلام مسافر في برنامج قصارى القول على شاشة RT تعامل الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الوضع الكارثي في قطاع غزة.

ووصف حادثة حرق الطيار الأمريكي، آرون بوشنيل، أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن احتجاجاً على حرب الإبادة في غزة بـأنه مؤشر على أن جيلا مختلفا من الأمريكيين بات يفهم العالم أفضل ويحتج على سياسات بلاده.

وأضاف لاري جونسون الذي عمل سنوات طويلة محللا وخبيرا في وزارتي الدفاع والخارجية "إن الولايات المتحدة تعيش شرخا بين من هم دون الخمسين وبين من تجاوزوا الخمسين.. هولاء الأخيرون يؤيدون بشدة لجنة العمل السياسي الأمريكية الإسرائيلية، أما الأصغر سنا وآرون بوشنيل (الطيار) واحد منهم، فيمثلون الشق المعارض. وقد التزمت وسائل الإعلام الصمت وتجاهلت الحادث لأنه يجسد معارضة شديدة ومروعة، وهذا يمكن أن يؤثر على جميع الناخبين في الولايات المتحدة".

وردا على سؤال: كيف يمكن فهم التناقض الذي يظهر في المواقف الأمريكية، إذ ثمة من جانب زيارات متكررة لوزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل ودول الجوار، يتحدث خلالها عن أن واشنطن لا تريد لإسرائيل القيام بعمليات عسكرية تؤدي إلى ضحايا، وفي الوقت نفسه يشجعون إسرائيل ويمولونها ويزودونها بالأسلحة، بل حتى يقال أن هناك عسكريين امريكيين يشاركون القتال مع الجيش الإسرائيلي، أوضح جونسون أن "المال والمال وحده هو كلمة السر، ستقول الإدارة ما تراه مناسبا لتحاول أن ترمم صورتها دوليا ولتشرح للبلدان الأخرى أن الولايات المتحدة ليست في خندق واحد مع إسرائيل تماما. ولكن الولايات المتحدة قادرة على وقف العنف، فيكفي أن يقول بايدن غدا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إننا سنقطع عنك الأسلحة والذخائر ودعم الاستخبارات إذا لم تتوقف" في الحرب على غزة، ليتوقف العنف.

وذكر جونسون: "لدى الإسرائيليين أفضل كونغرس في السوق. فقد اشتروا الجمهوريين والديمقراطيين. ومنذ 1975 نشطت لجنة العمل السياسي الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) في مجال تقديم الدعم للجمهوريين والديمقراطيين على السواء، ولذلك من المهم أن نفهم أنه لا يهم إن كان جو بايدن أو دونالد ترامب في البيت الابيض، السياسة لن تتغير لأن الضغط المالي من قبل اللجنة (إيباك) كبير وسيطرتهم واسعة، لذلك من المستبعد أن يعارض الجمهوريون أو الديمقراطيون إسرائيل.. إن قطع المساعدات عن إسرائيل هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يجبر إسرائيل على التوقف".

واضاف: "استثمار المساهمات السياسية التي تتدفق على أعضاء الحزبين الديمقراطيين والجمهوريين في مجلس النواب ومجلس الشيوخ كبيرة، وبعض أعضاء الكونغرس سابقا خسروا مقاعدهم لأنهم تجرأوا على معارضة إسرائيل، والإسرائيليون من خلال لجنة العمل السياسي يمارسون تاثيرا هائلا. إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تفعل هذا، فلو فعلت روسيا الشيء نفسه في الولايات المتحدة، لاعتبر ذلك تدخلا، ولو فعلت إنجلترا ذلك في الولايات المتحدة لأعتبر تدخلا خارجيا. إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تفلت من المساءلة، بل إنها تتدخل وتقود السياسة الأمريكية لمصلحتها".

 

الكابوس

 

كتب لورانس هاس في ناشيونال إنترست الأمريكية يوم 2 مارس 2024:

بينما تضغط الولايات المتحدة والغرب باتجاه دعم الأوكرانيين، خوفا من انتصار روسيا، فإنهما يتعاملان بديناميكية مختلفة تجاه الحرب بين حماس وإسرائيل.

إن الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة للحد من القتال في غزة مفهومة في ضوء المخاوف العالمية بشأن معاناة المدنيين.

يقيس الخصوم الآن عزيمة الغرب من خلال مراقبة الأحداث في الشرق الأوسط، كما يراقب الخصوم الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، ومنها طبعا حركة حماس المعادية لإسرائيل وحزب الله في لبنان.

إن وقف إطلاق النار، سواء كان مؤقتا أو غير ذلك، من شأنه أن يترك حماس قادرة على إعادة البناء وشن المزيد من الهجمات الشبيهة بهجمات السابع من أكتوبر. وهو ما تعهد قادتها بالقيام به إلى أن يتم تدمير الدولة اليهودية. كما أنه سيشجع حزب الله على تكثيف هجماته على إسرائيل.

ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فمن الحكمة أن لا يضغط الزعماء الأمريكيون والأوروبيون على إسرائيل لحملها على قبول سلام سابق لأوانه من شأنه أن يشجع على المزيد من إراقة الدماء وحتى معارك أكبر في المستقبل في هذه المنطقة المضطربة أو خارجها.

في الوقت الحالي، يركز العالم كله على غزة. وفي الأيام الأخيرة، تعكف الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل لوقف مؤقت لإطلاق النار، وإطلاق سراح رهائن حماس، والسماح بوصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وفي الوقت نفسه، عقدت محكمة العدل الدولية جلسات استماع حول السياسة الإسرائيلية في "الأراضي الفلسطينية المحتلة"، والتي تعرفها بأنها الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة - على الرغم من انسحاب إسرائيل من غزة في عام 2005 وحكمها من قبل السلطة الفلسطينية. ومن ثم حماس منذ ذلك الحين.

ومع استمرار إسرائيل في عمليتها العسكرية في غزة، واستهداف وتدمير الأنفاق وغيرها من مرافق البنية التحتية، فإن الأمم المتحدة وغيرها من زعماء العالم يضغطون على القدس لحملها على عدم الانتقال إلى رفح. لكن إسرائيل مصممة على الانتقال إلى رفح لمواصلة "تفكيك كتائب حماس المتبقية".

وفي هذه الأثناء كان حزب الله يهاجم إسرائيل بشكل شبه يومي منذ 7 أكتوبر، حيث يطلق آلاف الصواريخ والقذائف والطائرات دون طيار ويتسبب في تهجير 120 ألف إسرائيلي من منازلهم في الشمال.

يقول زعماء إسرائيل إنهم لن يتسامحوا بعد الآن مع تواجد حزب الله على هذا القرب من الحدود، والذي يستطيع من خلاله شن هجوم أكثر تدميرا على الدولة اليهودية، باستعمال أسلحة أقوى كثيرا من حماس. وهم يحذرون من أنه إذا لم يجد المجتمع الدولي طريقة لطرد حزب الله من الحدود، فسوف يوجهون بنادق إسرائيل نحو حزب الله بمجرد القضاء على حماس.

يقال إن حزب الله لديه 20 ألف مقاتل نشط و20 ألف احتياطي وترسانة من الأسلحة تشمل أسلحة صغيرة ودبابات وطائرات دون طيار وما يقدر بنحو 130 ألف صاروخ، مما يجعله "الحزب الأكثر تسليحا في العالم". 

وفي الوقت الحالي، كان نصر الله راضيا عن صرف انتباه القدس عن طريق الهجمات الخادعة بدلا من إشراكها في حرب واسعة النطاق. فهل سيستمر ذلك؟ أم أن نصر الله وداعميه سيقررون نشر مقاتلي حزب الله ومحاولة التغلب على إسرائيل من خلال إطلاق آلاف الصواريخ بينما تظل القدس غارقة في غزة؟ 

وسواء وقفت واشنطن والغرب إلى جانب إسرائيل أو زادوا الضغوط عليها للتراجع في غزة، فإن ذلك قد يدفع بقوة نحو تشكيل الخطوة التالية لحزب الله.

 

تجميد حرب وبدء أخرى 

 

كتب المحلل السياسي ألكسندر نازاروف فاتح مارس 2024:

لا شك أن هواية الولايات المتحدة المفضلة هي شن الحروب حتى تبدو وكأن آخرين بدأوها.

فقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية، في الحرب العالمية الثانية، حظرا نفطيا خانقا على اليابان، ما اضطر الأخيرة أن تشن حرب من أجل الوصول إلى الموارد الحيوية.

فرضت مولدوفا، يناير 2024، وقبلها أوكرانيا، حصارا على جمهورية بريدنيستروفيه غير المعترف بها. على المدى المتوسط، فإن الوضع بالنسبة لبريدنيستروفيه وروسيا ميؤوس منه، ولا تستطيع روسيا حاليا فك الحصار عن الجمهورية.

هناك أيضا أذربيجان وأرمينيا، التي تسلّحها وتشجعها فرنسا، فيما يدفع الغرب بنشاط هذين البلدين نحو حرب جديدة، استنادا إلى حقيقة أن إيران سوف تضطر إلى التدخل في هذا الصراع، ذلك أن إنشاء ممر بين تركيا وأذربيجان (آسيا الوسطى) هو أمر غير مقبول بالنسبة لإيران. وإذا كان الغرب محظوظا، فسوف تنجر روسيا أيضا إلى هذا الصراع.

كذلك نرى، في الوقت نفسه، بوتين يوافق على التخلي مؤقتا عن مدينة خيرسون الروسية رسميا، وبالتالي لا يشكل الاحتلال المؤقت المحتمل لبريدنيستروفيه من قبل مولدوفا، أو الحرب الأذربيجانية الأرمنية الجديدة ورقة رابحة قوية للغاية في أيدي الأمريكيين. لكنها، مع ذلك، أوراق رابحة في يد واشنطن، بما في ذلك كجزء من محاولات تجميد الحرب في أوكرانيا.

زار رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز أوكرانيا في 15 يناير 2024، ثم قام رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، التي توسطت بنجاح بين روسيا وأوكرانيا الغرب، وبعدها بيوم واحد زار زيلينسكي السعودية.

من الواضح أن المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا جارية، لكن المهم هو فحوى هذه المفاوضات ومستوى المطالب الروسية. ولا أعتقد أن بوتين سيغير تلك المطالب ولو بشكل مؤقت لأسباب تكتيكية. وبالحكم خلال تسلسل الزيارات، فقد أحضر بيرنز إلى كييف أمر الاستماع إلى الروس، ثم استمع زيلينسكي، في الرياض، إلى المطالب أو الشروط الروسية من السعوديين. دعونا نراقب سلوك زيلينسكي في الأسابيع المقبلة.

فإذا حدث تجميد مؤقت، رغم أنني لا أعتقد أنه سيحدث فعليا، فإنه سيسمح للولايات المتحدة بالتركيز على انتخاباتها، فضلا عن تركيزها على الوضع في الشرق الأوسط.

في الوقت نفسه، كثيرا ما نسمع آراء وتقارير في الصحافة الغربية تفيد بأن الولايات المتحدة تحاول احتواء إسرائيل، وأنها تخشى بدء حرب واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله وتوسيع رقعة الصراع. في رأيي المتواضع، أن الولايات المتحدة لا تخشى توسيع رقعة الصراع، بل تخشى فقط من مشاركتها المباشرة في هذه الحرب، وهو ما تسعى إليه إسرائيل. 

أعتقد كذلك أن أحدا لا يشك في أن الولايات المتحدة قد حددت لنفسها بالفعل هدف التعامل مع الصين. ولن تقاتل الولايات المتحدة الصين بشكل مباشر، إلا إذا فشلت الإجراءات الأخرى. كما أنه من الصعب كذلك إثارة صراع عسكري بين الصين وتايوان. لقد انتظرت الصين عقودا من الزمن، وربما تستطيع الانتظار بضع سنوات أخرى.

إن الفرصة الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة، لإجبار الصين على القتال هي حرمانها من الموارد، وفي المقام الأول النفط. وفوق كل شيء حرمان الصين من نفط الخليج العربي. فقطع الوصول إلى الموارد أمر فعال حتى بدون حرب.

ومن غير المرجح أن تكون العقوبات الغربية الشاملة فعالة، كما أنه من غير المرجح كذلك أن تنضم الدول العربية إلى تلك العقوبات. وما تبقى هو حرب إقليمية في الشرق الأوسط، من شأنها أن تغلق المضايق، وتقطع إمدادات نفط الخليج عن الأسواق الخارجية.

وذلك ما يفسر سبب قيام واشنطن، بتوسيع المواجهة مع أنصار الله، بدلا من إجبار إسرائيل على وقف الحرب في غزة، على الرغم من أن بايدن نفسه اعترف بأن العمل العسكري من قبل التحالف الغربي لن يكون قادرا على وقف هجمات الحوثيين.

وسيكون نجاح واشنطن تمكنها من إثارة هجمات الحوثيين على البنى التحتية النفطية السعودية والإماراتية، وإغلاق إيران لمضيق هرمز، وضرب إيران لقواعد عسكرية أمريكية في دول الخليج العربي، مع تورط هذه الدول لاحقا في الحرب مع إيران.

لهذا تحتاج الولايات المتحدة، على أقل تقدير، إلى تصعيد الحرب في البحر الأحمر والحرب في أرمينيا، ومن المستحسن كذلك إضافة استفزازات ضد السفن التجارية المدنية، لاسيما الصينية والروسية، وبالطبع الضربة الإسرائيلية ضد إيران.

كذلك ستسمح المشاركة في حرب الوصول إلى نفط الخليج للدول الأوروبية بالانجرار بشكل أكيد إلى القتال، ما يسهل مشاركتها في التحالف ضد الصين بشكل أكبر.

إلا أن الرائع في مثل هذا الموقف هو أن الولايات المتحدة تستطيع في هذه الحالة شن حرب ضد الصين، ليس من خلال وكيل فحسب، وإنما كذلك من دون تزويد الصين على الإطلاق بمنافس يمكن هزيمته وبالتالي حل المشكلة. سوف يتقاتل أصدقاء الصين هناك فيما بينهم. 

 

الحرب الإقليمية

 

إن الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط لا تضر بقدر ما تفيد الولايات المتحدة، التي ستصبح حينئذ أكبر مورد، إن لم يكن المورد الوحيد للنفط والغاز إلى أوروبا، وتحرم الصين من موارد الطاقة بشكل موثوق. إلا أن القيد الوحيد هنا هو أن مثل هذه الحرب ستشكل صدمة للاقتصاد العالمي، بما في ذلك بالنسبة للولايات المتحدة نفسها. ولكن، إذا كان الاقتصاد مقدر له أن ينهار على أي حال، وهو واقع الحال الراهن، فإن القيام بذلك بطريقة متعمدة وتحت السيطرة سيكون الخيار الأفضل.

كذلك فإن هناك السيناريو الذي ترغب فيه إدارة بايدن في صدمة الولايات المتحدة إذا فقد الديمقراطيون الأمل في البقاء في السلطة في الانتخابات في وقت لاحق من هذا العام. وكما نتذكر، فقد توقع ترامب بالفعل حدوث كساد أسوأ من الكساد الكبير عام 1929، وقال إنه لا يريد أن يصبح نسخة ثانية من الرئيس هربرت هوفر، الذي ورث الانهيار الاقتصادي والصدمة الاجتماعية من سلفه، ومخاوف ترامب تبدو في محلها.

بالتالي، وفي رأيي المتواضع، كل المتطلبات متوفرة لكي نرى حربا إقليمية في الشرق الأوسط هذا العام أو أوائل العام المقبل.

 

عمر نجيب

[email protected]