تعليقا على مقابلة " كان صو"  السابقة.. د /- إشيب ولد أباتي

سبت, 2023-06-10 11:02

نظرا لإعادة نشر المقابلة السابقة - في موقع" الساطع" بكيفة  -   التي اجريت مع " كان صو" الذي،  كان عضوا في حركة "المشعل" الافريقية  الموريتانية ( افلام)،،

وفي المقابلة، ذكر  انفصاله عنها، غير أنه لم يعرض للأمور الجوهرية، كالعنوان  اللافت للنظر على سبيل المثال، ومغالطته للوعي العام، لأنه حيثما يذكر " التحرير"،  و المطالبة به، إلا وتبادر للأذهان محاربة القوة الوطنية للاستعمار، لكن أن يرفع الشعار  بعد الاستقلال -  ولو أنه استقلال مشروط حصل في ١٩٦٠م. - 

فذلك، غلق مجالا  للمطالبة بالتحرر الا على أساس  التبعية  في شتى المجالات: السياسية، الثقافية، الاقتصادية، والعسكرية، لكن هل  طالبت حركة المشعل الافريقي " افلام" بالاستقلال  من التبعية لفرنسا في هذه المجالات؟

لا، طبعا..

لهذا ، كان على  "كان صو" تقديم  المبرر لطرح قضية التحرير، وهل هو تحرير للوطن ومجتمعه العام، أو مقتصر على الجماعات الافريقية الموريتانية، وعلى  أي مبدأ انفصالي يبرر هذه المطالبة؟، ومن أي قوة؟  وهل هذه  المطالبة كانت على أساس الحقوق الخاصة للنخبة، او في سبيل استرداد الحقوق العامة للأقليات في الجماعات الإثنية؟ وأيها  في السجون،حتى تكون هناك ضرورة للمطالبة بتحريرها؟  أو أن التحرير، هو  للأرض من - الى؟ ومن هو الغاصب  لها : النظام السياسي، او المجتمع الموريتاني العام ..؟!

إن الأمر المقبول حقوقيا،و سياسيا، و اجتماعيا، هو  الارتقاء بالوعي الوطني  للمطالبة بالعدالة الاجتماعية كحقوق ناقصة،  ويتفق  الجميع مع فكر النخبة الوطنية الواعية عليها، كما يسندها الرأي العام العربي، والأفريقي، قبل الغربي، ولكن دون التدخل في الشان العام الوطني، والا كان هذا الحق مفتوحا للموريتانيين وللنظام الوطني، ولأفراد مجتمعنا للتدخل في الشأن السياسي للغير على اساس المعاملة بالمثل؟

اما عكس ذلك، فيطرح التساؤل  حول تحديد دلالة مفهوم" التحرير"

ولماذا  كان التحرير، بمعنى الانفصال، وليس بالمعنى المتعلق  بالحقوق المدنية، والسياسية؟!

ولماذا كان( التحرير ) على أساس "إثني"، وهذا يشكل غياب الوعي المعاصر الذي نظر إلى الاختلاف العرقي، والثقافي في الوطن الواحد، كعاملين لتعزيز التنوع الثقافي، والبناء الحضاري المتكئ على" المركب الاجتماعي"  في تفعيل دور التجارب المعاصرة، سواء أكانت  في  الغرب المتقدم، أم في غيره في افريقيا  حيث الاقليات الأوروبية الاستطانية التي تفاعل معها الوطنيون بعد انتزاع حقوق  للأكثرية، وسلب نفوذها في جنوب افريقيا. 

ومن المفارقات المناقضة للوقائع التاريخية، أن "كان صو"، عرض  لما يعزز الوحدة الاجتماعية، خلافا لما  لازال يراهن عليه  في مشروعه السياسي  في طرح الحركتين الأولى التي انفصل عنها،  والثانية التي انخرط فيها، لأن  منطق التعليل الذي ذكر في المقابلة، أشار  الى وعي مطابق لسابقه، فالرؤية، هي ذات الرؤية بدون إيضاح في المختلف عليه مع الأولى، أو المتفق عليه في الثانية...!

لأن المبررات، هي ذاتها، وهذا  يشير الى أن انفصاله المزعوم، كان تكتيكيا، وليس استراتيجيا، مبدئيا  لتعزيز الوحدة الوطنية، ونبذ الوعي الانفصالي..!

ولعل  " كان صو"،  لا يدري عن التلاحم عبر الأحلاف التاريخية، والوحدات السياسية التالية لها منذ القرن التاسع عشر الميلادي حيث  أسست  مملكة " تكرور" لأنصهار الإثنيتين في الوحدة المصيرية في التاريخ الاجتماعي والسياسي، وهو الامر الذي عزز  الوحدة الاجتماعية والسياسية في مجتمعنا منذ اكثر من قرنين الى الآن.

وليعلم "كان صو"، وغيره من قراء مواقعنا الوطنية " الساطع"، و" والرائد"، و "الواجهة"، و " موريتانيا ١٣"، و " اقلام حرة" التنويرية..

أنه، لولا التحالف بين اللمتونيين -  قبل قيام حكم  للمرابطين في القرن الحادي عشر  -   مع العديد من  الإمارات الافريقية في الجنوب، والجنوب الشرقي الى نهر النيجر، كما  على طرفي النهر ، لما قامت دولة المرابطين، ذلك،  أن عبد الله بن ياسين، أخذ القوة العسكرية المرابطية بعيد تأسيس للنظام السياسي  خلال اثنتي عشرة سنة وعاصمته : " أرتنيني"... 

وخلال خروج  القوات العسكرية للمرابطين  من جبل لمتونة،  والدخول في الحرابة على أساس الاصلاح السياسي، والديني للانظمة الفاسدة في أقاليم المغرب، واولها في سجلماسة..

واثناء تلك الحروب، قامت قبيلة " اكدالة" التي كانت تسكن على شواطئ الاطلس، ولم تدخل  في دعوة المرابطين، ولم يقم المرابطون بفرض دعوتهم عليها، وإنما تركوها لحال سبيلها..

ورغم التعايش السلمي  بين اللمتونيين، والكداليين؛ إلا ان  " اكدالة"،  بادرت بارسال قوة  للهجوم على مركز دولة المرابطين في جبل لمتونة في خطوة، كانت ستقضي على التوازن الأمني بين الإمارات في المنطقة، وتحالفاتها السابقة،  وهنا تدخلت إمارة افرقية على ضفاف النهر، كانت متحالفة في السابق مع " الاحلاف" اللمتونية، وقامت  بصد  هجوم " اكدالة" على مركز المرابطين.

وقد انتهت تلك المواجهة، بصد الهجوم، وهزيمة " اكدالة"،  فاجبرت على  الاعتراف بحكم المرابطين، وربما كان ذلك  لتجنب  قوتهم التي عززها  التماسك القائم بين الامارات المتحالفة من ذي قبل...

ومثل هذا الحدث التاريخي، هو الذي غير مجرى التاريخ في المنطقة بتقوية نفوذ المرابطين، ولا ادري لما لم يركز عليه الباحثون الوطنيون..

قد سبقه - كما ذكر  [ ابن حوقل] في "صورة الأرض" خلال رحلته للمنطقة في القرن الرابع الهجري/ التاسع الميلادي -   استجابة قائد الاحلاف اللمتونية " تيلوتان" الذي ارسل جيشا من خمسين ألف رجلا على خمسين ألف نجيبا" جملا"، وذلك للدفاع عن احد الملوك الذي استنجد بالاحلاف اللمتونية  ضد خصمه ... 

ولعل التذكير  بالحوادث - الداخلية، والخارجية معا -   من التاريخ المشترك،  يوجه بوصلة الوعي، وذلك للاستفادة منها في تطوير الوعي السياسي، وتعزيز  الوحدة الاجتماعية القائمة منذ تأسست  على عهد مملكة" تكرور"، حيث أسست الإمارة على وحدة اجتماعية عامة خلال  تاريخها  في الاربعين سنة من حكمها ( ٤٠ )..

وهذا لا يعزز المطالبة  بالانفصال تحت شعار مغالط " التحرير"، ما لم تكن هناك  قوة غازية، ومستعمرة، وشعب مستعمر داخل الوحدة الاجتماعية، والجغرافية، والسياسية الموريتانية، مع العلم أن نظام الحكم  منذ قام، كان على  أساس المشاركة في الحكم، الأمر الذي جعل المناضل الافريقي" نيلسون مانديلا"، يطرد رموز حركة " افلام"  بعد أن سألهم، هل تشاركون  الحكم  بوزراء، وفي الإدارة بإداريين،  والأمن الوطني، بأمنيين،   والجيش بعسكريين ؟

فقالوا له، نعم، نشارك فيها جميعا، ولكن هذا، لايكفي.

 فقال لهم، انتم حركة انفصالية، ولستم  حركة تحرر وطني، حتى نساعدكم..