ماسح الأحذية: عمل شريف وعيش كريم

ثلاثاء, 2022-05-17 12:34

تجلس على هذه الشرفة عند هذا كرفور النشط بوسط العاصمة، وأنت تلتقط الأنفاس بعد جولة مشي قصيرة. وأثناء الجلسة يمر بجانبك شاب يطقطق أدواته، فترفع نظرك إليه فإذا هو ماسح الأحذية يجول كعادته يبحث عن زبناء، فتشير عليه أن يقترب، وتبدأ في مساومته لتلميع زوج حذاء درس.

ولا يفاوضك الماسح في الثمن ابتداء، ويبدلك نعلين من عنده ، ويأخذ نعليك، وتسأله ما ثمن هذا؟ فيرد عليك بهدوء وبرودة أعصاب أن هذا يكفيه ثلاثمائة أوقية. وترد عليه بقوة أن هذا شيء لا يصدق ولا يعقل. فيواصل منكبا على عمله أن الغلاء أيضا وصلت نيرانه أيضا إلى ماسحي الأحذية وهم يحاولون التأقلم. وتطلب منه التوقف حتى تعرف ثمن عمله ولست شديد الحرص على أن تبخسه أو تبهته، ولكن في حدود مقبولة. وتعرض عليه مائة فيرفض فتزيدها مائة أخرى فيقبل مبتسما ويقول أنت بطرون  يمكنك أن تكملها إلى ثلاثمائة، إلا أن البطرون للأسف أيضا يشعر بعدم القدرة على أن يرفع ثمن العمل لأكثر من مائتي أوقية.

ماسح الأحذية مواطن يعمل بجهده وعرقه ولا يبغي فسادا أو طغيانا، يجول ومحفظته على ظهره، يقدم خدمته وبسعر معقول، فيغنيه هذا عن توسل الناس وسؤالهم ويحفظ كرامته  ويعيل نفسه وأهله بمعروف وعزة نفس، تحية تقدير واحترام له ولكل من يعمل ولا يتقاعس ولكل من يبادر ولا يتكاسل.
———————

#ماسحُ_الأحذية

الكاتب الصحفي سيدأحمد أعمرْ محم