هل يقود الشيخ بن زايد جهود المصالحة بين اردوغان والأسد اثناء زيارته لأنقرة غدا؟ وكيف ينقلب الأعداء الى أصدقاء فجأة؟

أربعاء, 2021-11-24 07:17

القرار هنا لإردوغان؛ ففي حال اتّفق مع ابن زايد حول ما سيقترحه عليه، فالأيام القليلة القادمة قد تحمل معها الكثير من المفاجآت.

بعد أسبوع على المكالمة الهاتفية التي أجراها رجب طيب إردوغان مع نظيره الإسرائيلي إسحاق هارتزوغ، يستقبل الرئيس التركي الأربعاء (24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021) ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، الذي أعلنته أنقرة سابقاً “العدو اللدود لها ولقضاياها الوطنية والقومية، منذ أن أيّدت أبو ظبي انقلاب السيسي ضد الإخوان في تموز/يوليو 2013”.

إردوغان الذي شنّ هجوماً عنيفاً على محمد بن زايد بعد أن وقّع على اتفاقية التطبيع مع “تل أبيب” في آب/أغسطس 2020، وهدَّد بقطع العلاقات مع أبو ظبي، قال الأربعاء الماضي لإسحاق هارتزوغ: “إن العلاقات التركية الإسرائيلية مهمة وضرورية من أجل الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط”، مؤكّداً “ضرورة التحرّك المشترك في إطار التفاهم المتبادل، ليساهم ذلك في تجاوز الخلافات في وجهات النظر حيال القضايا الثنائية والإقليمية، كما أنَّ استمرار الحوار بين تل أبيب وأنقرة يصبّ في مصلحة الطرفين”.

إردوغان الَّذي استقبل في 18 آب/أغسطس الماضي مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، وتحدَّث هاتفياً إلى محمد بن زايد بعد أسبوعين من ذلك، أكد “أهمية تطوير العلاقات بين البلدين وضرورتها”، وهما يشهدان توتراً خطراً، وخصوصاً بعد أن قطعت السعودية والإمارات ومصر علاقاتها مع قطر في حزيران/يونيو 2017، فأرسل إردوغان جيشه لحماية حليفه “الاستراتيجي” الأمير تميم. وقد تضامنت أبو ظبي بدورها مع أعداء تركيا، ومنهم القاهرة ونيقوسيا وأثينا و”تل أبيب” وباريس وبنغازي.

محمد بن زايد الّذي تحدّث إليه الرئيس بشار الأسد هاتفياً في 20 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، رجّح أنقرة على دمشق في تحركاته الإقليمية الّتي يريد لها أن تدعم دور الإمارات الجديد في المنطقة، أولاً كوسيط جديد للمصالحات المختلفة، وثانياً للحد من الدور القطري المدعوم من تركيا؛ الدولة المهمة في مجمل معادلات المنطقة.

ابن زايد الَّذي سيبحث مع إردوغان فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، بما في ذلك طرد رئيس إحدى عصابات المافيا الموجود في أبو ظبي، والذي يتحدث عن قضايا فساد خطرة تورط فيها إردوغان والمقربون منه، من المتوقع أيضاً أن يقترح على الأخير صفقة مصالحات مع “إسرائيل” ومصر، وبعدهما سوريا، على أن يعترف الجميع لتركيا بدور كبير في مجمل مشاريع التنمية المستقبلية في المنطقة، وذلك في إطار خطة شاملة تهدف إلى إعادة ترتيب أمور المنطقة برمّتها بدور إماراتي مدعوم أميركياً وأوروبياً، بهدف الحد من “مخاطر الدور الإيراني” الَّذي أشار إليه البيان الخليجي-الأميركي المشترك الأسبوع الماضي، وهو الموضوع الذي يبدو أنَّ التحضير له بدأ عندما استضاف محمد بن سلمان كلاً من تميم آل ثاني وطحنون بن زايد في 17 أيلول/سبتمبر الماضي على شاطئ البحر الأحمر، وسط المعلومات الإعلامية التي كانت تتحدَّث آنذاك عن خلافات بين قطر وكلّ من السعودية والإمارات، ولكلّ منها دورها المرحلي في المسرحية الأميركية.

الزيارة التي تتزامن مع الأزمة الماليّة الخطرة التي تعيشها تركيا، من المتوقع أن تساعد ابن زايد على إقناع إردوغان بضرورة العمل المشترك بعد وعود إماراتية بمساعدات ماليّة ضخمة تساعد أنقرة على تجاوز أزمتها الحالية، وهو ما توقّعه وزير التجارة التركي محمد موش اليوم، إذ قال “إن تعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تركيا والإمارات في جميع المجالات سيكون لمصلحة البلدين”. وأضاف: “أعتقد أنَّ تطوير التعاون القائم بين تركيا والإمارات مهم جداً من حيث تشكيله نموذجاً لباقي دول المنطقة ومحفزاً للاستقرار الإقليمي”.

وهنا، يجب التذكير بالدعم المالي القطري وتمويل الدوحة لكلِّ المشاريع الإقليمية التركية ومساعدة إردوغان خلال أزمته المالية 2018، وهو ما لم يكن كافياً لإنهاء هذه الأزمة، التي يرجع “سببها إلى سياسات إردوغان الداخلية والخارجية ومغامراته الخطرة التي أوصلت البلاد إلى حافة الدمار الشامل”، بحسب رأي المعارضة.

في جميع الحالات، لن تكون زيارة ابن زايد عابرة، شرط أن يقنع الرئيس إردوغان بمشروعه الإقليمي الجديد، مهما كانت التسمية التي لن تحقّق أهدافها إلا بضم سوريا إلى هذا المشروع، وهو ما يتطلب مصالحة إردوغان مع الرئيس الأسد، الأمر الذي سيشجعه الرئيس فلاديمير بوتين، بعد أن بات واضحاً أن موسكو لا تريد المزيد من المشاكل مع أنقرة في سوريا والقوقاز وآسيا الوسطى وأوكرانيا، التي اعترف لافروف بقلق بلاده من التعاون العسكري التركي فيها.

ويبقى الرهان على الجانب النفسيّ للرئيس إردوغان الذي لن يكون سهلاً عليه مصالحة الأسد، لأن ذلك سيعني تخليه عن مشاريعه ومخططاته العقائدية والتاريخية التي سعى لتطبيقها خلال السنوات العشر الماضية. وبتخلّيه عنها وعن عناصرها الخارجيّة، وهم الإسلاميون بمختلف أطيافهم السياسية والمسلّحة، فقد يحالف الخط إردوغان لحل مجمل مشاكله الخارجية، وبالتالي الداخلية، وهو ما سيضمن له البقاء في السلطة لفترات أطول.

القرار هنا للرئيس إردوغان؛ ففي حال اتّفق مع ابن زايد حول ما سيقترحه عليه، فالأيام القليلة القادمة قد تحمل معها الكثير من المفاجآت التي ستحقق العديد من الانفراجات الإقليمية، وستحتاج في نهاية المطاف إلى الرضا الإسرائيلي أيضاً، وهو ما يسعى إليه الرئيس بوتين الَّذي لا يريد أي مشاكل في علاقاته مع “تل أبيب”، بسبب قوّة رجال الأعمال اليهود وتأثيرهم في روسيا، وبالتالي عدد اليهود من أصول روسيّة في “إسرائيل”، والذي لا يقلّ عن مليون.

وفي انتظار هذه الانفراجات، يبقى الرهان الأخير على مصير الاتفاق النووي ومستقبله، والذي تريد له واشنطن أن يساعدها على الحدّ من الدور الإيراني في سوريا والعراق واليمن ولبنان (لعلاقتها بـ”إسرائيل”)، وهي جميعاً في سلة واحدة ستقرر مصير كل التحركات التي سيأتي من أجلها ابن زايد إلى أنقرة قبل دمشق، وربما لاحقاً طهران، وإلا!

حسني محلي  باحث علاقات دولية ومختصص بالشأن التركي

(الميادين)