
هناك مصطلح يكثر استعماله في مجال الإعلام والصحافة وهو "تخليق المهنة الصحفية"، والسياسة نظرا لأهميتها وخطورتها فهي أحوج بكثير إلى تخليق وتمهين وحتى إلى مواثيق شرف وأن تؤسس الأحزاب على بنيات سياسية صلبة بعيدا عن الاسفاف والارتزاق والوصولية.
ثم هناك تحديان هامان يتهددان كل بناء حزبي وديمقراطي في موريتانيا وهما تدخلات كبار ضباط الجيش في السياسة وغض الطرف عنهم من القيادة السياسة حتى أن بعضهم يدعم بعض المواقع ولديهم مدونون يعلمون على تحسين صورتهم وإبقاء ذكرهم في الإعلام والرأي العام، وهو شيء يتعارض مع مسئولياتهم فالجيش والقوات المسلحة مؤسسة وطنية ويجب أن تكون مهنية وأن تقوم بدورها في حفظ الأمن والدفاع عن الحوزة الترابية ولا يجوز لها ولا يجب أن يسمح لها تحت أي ظرف بالانزلاق إلى حبال السياسة ومتاهاتها وهذا في كل دول العالم، حتى في الصين وكوريا الشمالية الجيش مؤسسة مهنية ولا يتدخل في السياسة البته.
والأمر الثاني غياب الثقافة الحزبية وهشاشة البناء الحزبي وهذا من الطبيعة البدوية للساكنة والتى عاشوا في سهوب وتلال هذه الأرض قرونا وأحقابا من غير عقال ولا تنظيم ولا وحدة، في فضاء منفلت وسائب، يسوقون ماشيتهم في ترحال دائم، لا حدود له ولا نهاية له.
هذان التحديان الجاثمان واللذان يستويان في الخطر وفي قتل أي تجربة ديمقراطية حقة؛ وإن كنت أرى أن الثاني أشد خطورة من الأول. فحتى مع وجود إرادة من كبار الضباط بعدم التدخل في السياسة وتوجيهها فإن الضعف الحزبي والهشاشة والصراعات السخيفة داخل الحزب الواحد سوف تلقي بظلال من الشك على عدم قدرة البداة على تجسيد انتقال مدني ديمقراطي قابل للعيش والدوام.
الكاتب الصحفي سيدأحمد ولد أعمر ولد محم