تلك تصرفات من أوشك على الغرق !!

اثنين, 2020-10-26 06:25

لقد تابعت بامعان في الآونة الأخيرة (تغاريد ) في بعض المواقع الإلكترونية تروج اكاذيب مرتبطة بملفات التحقيق المقدمة منذ بعض الوقت امام شرطة مكافحة الفاسد المالي و الاقتصادي، و ذلك من طرف لجنة برلمانية قد عهد اليها من طرف البرلمان بالتحقيق في بعض ملفات العشرية التي يثار حولها الكثير من اللغط المرتبط بالفساد في تسير معظم مسؤولي تلك الحقبة الزمنية الموصوفة بالفساد و عدم الاستقامة من معظم المواطنين !
و لقد تركزت تلك الاراء حول كوّن تلك الملفات قد تقادم معظمها و قد ذكروا من ذلك مثلا الملفات المتعلقة ببيع مدارس الدولة و رصيف الحاويات و الشركة الصينية و كذا مشروع الطاقة الشمسية ثم تفليس شركة ( سوني مكس ) و غير ذلك من تلك الملفات ذاكرين ان جلها قد تقادم و ان الشرطة قد حذفته من تحقيقها و لن تعرض تلك الملفات امام النيابة العامة.
و أظن ان ذلك اللغو الكلامي يستخدم الآن بعد ان يأسوا من إقناع الرأي العام المحلي و الدولي بعدم اختصاص القضاء العادي في تلك الملفات متعلقين بأهداب المادة 93 من الدستور كوسيلة إنقاذ وحيدة من ورطة جريمة ذلك الفساد .
و نظرا الى ان تلك الاخبار غير مبنية على اي أسس صحيحه و ليست لها مرجعية قانونية و لا صادرة من مختصين في مجالات المساطر المدنية او الجنائية و لا الإدارية، و ذلك لكون المختصين في تلك المجالات يعلمون المعطيات التاليه و هي : ان نظام التقادم - اذا لم يكن قد  طرأ عله تغيير بعدي - أنه ليس من النظام العام و بالتالي لا تحكم به الشرطة و لا القاضاء من تلقاء انفسهم . بل لا بد ان يطلب التقادم من طرف صاحب المصلحة او وكيله من القاضي للقيام به اذا توفرت شروطه، و قبل اي دفاع في الموضوع.
ثانيا ان التقادم مبدئيًا يبدأ احتساب اجاله من يوم اكتشاف موضوع الخطأ او العيب الخفي او ثبات التهمة، و ليس مع بداية انشاء العقد او حصول المسؤولية التقصيرية او الجنائية. 
ان اصحاب الحصانات الدستورية او القانونية يبدأ التقادم في شأن التهم المنسوبة اليهم و ذلك بانتهاء الحصانة الممنوحة  لهم بسبب  الوظيفة الرئاسية مثلا او الوزارية او البرلمانية، او اذا نزعت منهم بحكم قضائي .
رابعا و ذلك هو الأهم فهنالك جرائم لا تتقادم اصلا كجريمة الانقلابات العسكرية او الإبادة الجامعية و كذا جرائم الحروب ثم الخيانة العظمى و معظم جرائم الفساد الإقتصادي و المالي.
اذا فإن اثارة موضوع التقادم في هذه الملفات حاليا فإنما يهدف الى تجنيد رأي عام معظمه يجهل اوصول التقاضي و المساطر المتعلقة به لليشوشوا بذاك على سير العدالة المتعلقة بتلك الملفات المذكورة اعلاه او غيرها. 
و لا اعتقد ان محاميا محترما او قاضيا كذلك يمكن لأي منهما ان يدعي أن هذه الملفات المعروضة الان امام شرطة الفساد المالي و الإقتصادي انها قد تقادم بعضها او معظمها .
و أخيرا ارى ان ما قد اثير من لغط او اشاعات حول تقادم الدعوى في هذه الملفات و حذفها قبل نظر العدالة في مضمونها ماهو الا نوع مما يعرف عندنا ( بتهباز الغارق ) الذي يبحث صاحبه جاهدا - و على غير هدى - عن عروة نجاة تنقذه من موت محقق بسبب ذلك الغرق الوشيك!
فهذه مجرد وجهة نظر من محام قد فرضت عليه الهجرة بسبب غياب تكافؤ الفرص في بلده، و قد تطوع بتقديم هذه الاستشارة القانونية الى جماهير شعبه ليلا يضللها المرجفون الداعمون للفساد و المفسدين أو أكلة اموال الناس بالباطل و بدون اي حق شرعي .

ذ/ اسلم محمد المختار مانا