من ذكريات عيد الفطر السعيد...

اثنين, 2020-05-25 14:11

في نهاية رمضان سنة 2000 (يوافق نهاية ديسمبر من هذا العام)، سافرت من كيفة عائدا إلى القرية، وكنت في المقصورة الخلفية من تويوتا بيك-آب، وقبيل وصولنا إلى الغايرة، فطنت إلى أن حقيبة الكتب والدفاتر التي كانت مثبتة تثبيتا جيدا قد سقطت.وصلت وأمضيت ليلتي في ضيافة هذه الأم المرحومة عند أخوالها في الأقاصي الشمالية من الغايرة.

في اليوم التالي والذي يوافق التاسع والعشرين من رمضان، وبدل مواصلة السفر إلى قريتنا، أرغمت على الرجوع مع الطريق حتى أتقصى أثر الحقيبة. جئت إلى نقطة تفتيش الدرك في وسط الغايرة، وحدثتهم بما كان وطلبت مساعدتهم، فتبسم هذا الشاب الأسمر الذي  استمع إلى حديثي وقال: أولا، ستنجح في امتحان شهادة الباكلوريا، وأضاف: فقدان الحقيبة دليل على أنك ستنجح هذا العام( وهي نبوءة صدقت)، وثانيا، سنرسلك في سيارة ونلزم سائقها أن يتعاون  معك ويتوقف في كل المظان وأن تعلم كل نقاط التفتيش حتى كرو. وقد أوفت نقطة التفتيش بما وعدت، وأرسلوني  في سيارة وبالمجان، وأمروا صاحبها بالتعاون، وهو شيء وفى به، فشكرا له وشكرا لنقطة التفتيش(وددت لو أني أعرف أسماءهم أو اسم الضابط الآمر حتى أوفيهم حقهم من الشكر ).

رجعت في المساء إلى الغايرة، لم أجد الحقيبة إلا أني أوصيت كل النقاط التفتيشية على طول الخط بين كرو والغايرة.  وكان اليوم التالي هو يوم العيد، أدركني في الطريق. وأثناء الحديث الصباحي الباكر  على الشاي مع هذه المرحومة، إذا بهذا الأخ الفاضل الودود البشوش يخرج دراعة وقميصا وسروالا، ويصر على أن أرتديهما في الحال وبدون تأخير أو معاذير. 

وفي ضحى يوم العيد ونحن نتجاذب أطراف الحديث في مجالسة أخوية ماتعة أحب هذا الأخ أن يمازحني، وقال أحب أن أسألك شيئا! ولكن قبل ذلك، أود أن أعبر لك عن إمتناننا لك لأنك اخترت المرور بنا (كار فين أنك أمبرك عند)؛ ولكن أود، وهذا هو السؤال، أن تبين لي بالتفصيل قرابة النسب التي تجمعنا (شنه قرابتن نحن وأنتوم؟)! فاحترت كيف أجيبه! وبادرت بالقول إن الأمر بسيط، لكن توقفت عند هذا، وصار يستحثني أن أزيد! وأثناء ذلك تولت  هذه المرحومة تزويدي بالتفاصيل، فأعيد تكرار ما قالت للتو حتى خلصتني -خلصها الله من كل حساب- من هذا الحرج البالغ.

* الصورة من عيد الفطر المبارك لسنة 2012، والمصلون من قريتنا في انتظار إقامة صلاة العيد على الكثبان الجنوبية للقرية، حيث تقام الصلاة في العادة.