كُورونَا بِمُورِيتَانْيا..الحلُّ فى التكَيُّفِ الصَّارِم. المختار ولد داهى،سفير سابق

أربعاء, 2020-05-13 10:25

 أعاد اكتشاف إصابة "الحالة رقم 9"     ببلادنا الليلة البارحة إلى الواجهة  الجدل حول الحل الأنسب لمواجهة هذه الجائحة  بين فسطاطين أحدهما  يحذر من التهوين  و يدعو إلى الأوبة إلى الحجر شبه الكلي و ثانيهما يخشى التهويل  و يميل إلى  التكيف مع الوباء توخيا للجمع و التكامل بين الحفاظ على صحة النفس الأساسية  و   حركة الاقتصاد الضرورية.

و يسوق دعاة العودة إلى الحجر شبه الكلي  مبررات لا تخلو  من وجاهة من أهمها هشاشة المنظومة الصحية و عجزها المطلق عن مواجهة موجة من الإصابات ولو محدودة العدد و ضعف الثقافة الوقائية لدى المواطنين  و ميل غالبهم إلى عدم الاكتراث و الاستهزاء بالاحتياطات الوقائية ضف إلى ذلك  النتائج الإيجابية التى مكنت منها تجربة الحجر  شبه الكلي(ثمانى حالات شفيت منها سبعة ).

و رغم وجاهة المبررات أعلاهُ فإن خيار "التكيف الصارم"يبدو الأنسب لبلادنا  خصوصا  إذا ما استحضرنا  أن كل دول العالم   المجاورة و البعيدة واسعة الإصابة بالفيروس و متوسطة و خفيفة الإصابة به  انتهجت  نهج التكيف و الرفع التدريجي لإجراءات الحجر الشامل و شبه الشامل.

و يتأكد خيار التكيف أكثر بالنسبة لبلادنا إذا ما أخذنا فى الاعتبار  العدد القليل و الحمد لله  لحالات الإصابة(9فقط)،النسبة  "شبه المنعدمة" لإصابة المخالطين بالعدوى فى الحالات الثمانية التى تم إجراء الفحوص للمخالطين لها بالإضافة   إلى  انتماء  ثلاثة أرباع السكان إلى فئتي الأطفال و الشباب الأقل  احتمالًا بالتأثر بالوباء.

ضف إلى مسوغات التكيف الصحية  المبرر الاقتصادي ذلك أن الغالبية العظمى من الدخول الموريتانية تعتمد على الاقتصاد شبه المصنف و  غير المصنف  داخل الأسواق و حوالَيْها  و لم يعد أغلب الناس يستطيع صبرا على الحجر و الإغلاق كما أن الدولة مهما تسلحت به إرادة  و  عبأت من إمكانيات فلن تستطيع تحمل الفاتورة الاقتصادية و الاجتماعية للحجر.

و رغم ترجيحي لخيار التكيف فإن هذا الترجيح لا يكون سليمًا إلا إذا كان التكيف  تكيفا صارما و أقصد بالتكيف الصارم اتخاذ الإجراءات التالية على سبيل المثال:

أولًا-إجراء الفحص عن الوباء عند أدنى اشتباه: و ينبغى الانتباه فى هذا المقام إلى استخلاص الدروس من شبهات التقصير الطبي التى تحوم حول حالتي الوفاة بكورونا حيث  اكتشفت إصابة إحداها بعد الوفاة و اكتشفت إصابة الثانية سويعات قبل الوفاة!!! و هو ما يحتم اتخاذ قرار بإجراء الفحص عن الوباء لدى أدنى اشتباه خصوصا لدى كبار السن و  أو من لديهم أمراض مزمنة؛

ثانيا-الاستنفار  الشامل لآليات التعبئة و التحسيس و "التخويف"من مخاطر الوباء  و اتخاذ الإجراءات السريعة من أجل فرض "الكمامات أو ما يعادلها كاللثام الرجالي و النسائي "فى الأماكن العامة (المساجد،المكاتب،الأسواق،النقل العمومي،...)

ثالثًا -مزيد الصرامة  فى إغلاق الحدود أمام الأجانب و حظر التجول الليلي و حظر التنقل بين الولايات و سن تنظيم يحصر الحالات الصحية و الإنسانية و الاجتماعية التى يمنح على أساسها ترخيص التنقل بين الولايات و العدل و الصرامة فى تطبيقها،

رابعًا -تخصيص وحدات أمنية ثابتة   لضبط و تنظيم و فرض إجراءات الوقاية عند منافذ الأسواق  الكبرى   و المستشفيات و المستوصفات و سائر الأماكن التى  قد يرتادها جمهور كبير ؛

خامسا-مراجعة قرار الافتتاح الشامل لكافة مستويات التعليم ما قبل المدرسي،المدرسي و الجامعي و الاقتصار مؤقتا على الافتتاح التدريجي التجريبي الخاص بالسنوات الختامية للمستويات الدراسية (الباكالوريا،االشهادة الإعدادية و الشهادة الابتدائية)؛

سادسا-تسريع و توسيع المساعدات الاجتماعية العينية و النقدية الموجهة إلى الفقراء و الفئات الذين تأثرت سلبيا دخولهم و الحرص كل الحرص على الشفافية و العدل و اللطف  و الرفق فى إيصالها؛