غزوة رام الله والحلّ على طريقة (كل واحد يصلح لحاله)

أربعاء, 2018-12-19 15:36

تساءل صحفيون اسرائيليون باستغراب كبير: خطر الحرب مع حزب الله في جنوب لبنان! عمليات قاتلة في رام الله! غزة! الوضع خطير ويتطلب تضحيات كما قال نتانياهو باعتباره وزيرا للدفاع ووزيرا للخارجية! هل المنطقة في خطر المعارك والحروب والعمليات؟
لا تقلقوا. نتانياهو يصطحب زوجته سارة في رحلة تستمر ستة أيام الى البرازيل. ولو كان هناك خطر فعلا لما فعل ذلك! أم ان هناك خطرا فعلا ويسافر 6 أيام الى قارة أمريكا اللاتينية! ام أن الامر لا يحتاج الى تضحيات من المسؤولين وانما تضحيات من الجمهور!
كادت الامور تتدهور الاسبوع الماضي الى مستويات غير مسبوقة. وفجأة ساد الهدوء والصمت الرسمي من جميع الجهات. فما الذي حدث وما الذي دار في اللقاءات المعلنة وغير المعلنة ... ونذكر منها:
- زيارة الوفد الامني المصري لمقر الرئاسة في رام الله.
- لقاء الوزير حسين الشيخ مع رئيس جهاز الشاباك نداف ارجمان.
- لقاء الرئيس مع الملك الاردني في العاصمة الاردنية.
- دعوة روسيا اسماعيل هنية لزيارة موسكو.
واتصالات مكثفة مع قيادة حماس في غزة من عدة اطراف دولية وعربية.
فهل نجحت مصر والاردن في تبريد الرؤوس الحامية، وتطويق العدوان الاسرائيلي حتى لا يتدحرج الى أكثر مما حدث؟ وهل قبلت الاطراف بهذه النتيجة؟
اجابة السؤال الثاني: لا لم ترض الاطراف وكل طرف له تحفظاته الكبيرة على كل ما حدث ويحدث ولكنهم مضطرون للقبول لان البديل هو حرب وقلب الطاولة على الجميع.
اسرائيل اوصلت رسالة للرئيس أنها قادرة على هدم السلطة خلال ساعة واحدة\ وأوصلت رسالة لحماس أن تخفيف حصار قطاع غزة ودخول الاموال القطرية كلها في مهب الريح اذا نفذت عمليات في الضفة الغربية\ ومنظمة التحرير اوصلت رسالة لنتانياهو أنها ستقلب الطاولة على رأسه وتجعل الضفة نارا حمراء في وجه جيشه اذا نفّذ تهديداته واوصلت رسالة لحماس انها اذا لعبت في ساحة الضفة الغربية بقصد تقويض السلطة فان قواعد اللعب سوف تتغير كلها\ وحماس اوصلت رسائل لاسرائيل بأن صبرنا بدأ ينفذ وأوصلت رسالة لمنظمة التحرير وللرئيس بأن الذهاب بعيدا سوف يجعل الامور أكثر صعوبة على الجميع\ ومصر اوصلت رسالة لنتانياهو أنه من دون مصر سوف يتورط كل شهر في حرب جديدة، وأن عليه أن يصغي جيدا ويلتزم بما يتفق عليه والا فان الامور ستكبر عليه كثيرا. وأوصلت رسالة لحماس وللسلطة أن الامور بعيارات الذهب وليس جزافا وأن الخطوات احادية الجانب غير مسموح بها\ من جانبه الملك عبد الله بن الحسين أوصل رسالة لاسرائيل انها ليست اللاعب الوحيد وانها لن تستطيع ان تعيش بامان لمجرد ان ترامب قال لها ذلك، وان في المنطقة جبال لا يمكن زحزحتها، وأوصل رسالة للرئيس ولمنظمة التحرير أن البقاء بعيدا عن طاولة المفاوضات سيفتح شهية المسلحين للسيطرة على الشوارع\ الولايات المتحدة الامريكية حافظت على صمت سلبي وحصلت على نتيجة صفر، حيث ان اللاعبين الجدد تمكنوا من ايجاد قنوات جديدة من دونها.
جميع الاطراف غير راضية، ولكن جميع الاطراف لم ترفض الواقع الجديد... والان يجري ترتيب الفواتير ودفاتر الحسابات لان كل طرف سيدفع ثمن ما حطّمه، على طريقة حادث سير تتضرر فيه سيارتان فيقول الحاضرون (كل واحد يصلّح لحاله).
د. ناصر اللحام