لا إنتفاضة من دون فتح ولا هدوء من دون حماس

أحد, 2018-12-16 16:33

لا يبدو أن انتفاضة جديدة تلوح بالأفق، وانما هي غضبة اخرى من غضبات الضفة الغربية التي أربكت اسرائيل وأربكت القيادات الفلسطينية والعربية أيضا.. ولسنا مضطرين للتذكير بالحقيقة الماثلة أمامنا والتي تؤكد استحالة قيام انتفاضة فلسطينية من دون حركة فتح، كما لسنا مضطرين للتذكير أنه لا يمكن لأي إتفاق سلام أن ينجح من دون حركة حماس.
الاحترام والتقدير لباقي الفصائل والقوى الفاعلة على الارض ولكن مفاعيل الانتفاضة دائما تحتاج الى زخم جماهيري أكبر وإلى قوة تنظيمية ومالية وسياسية لا يملكها الا تنظيمات واسعة ومسيطرة و"غنية " مثل فتح وحماس.
المشهد في الاسبوع الماضي لا يوحي بالتقارب بين التنظيمين، ولم تنجح ملفات مثل القدس والاقصى والشهداء والاسرى والاستيطان أن توحد هذين التنظيمين على شعار سياسي واحد. بل انه وفي كثير من الاحيان نشعر ان الخصومة السياسية بينهما قد تحوّلت الى عداء سياسي، فيما العداء السياسي مع الاحتلال يتحول الى مجرد خصومة. ونظرة واحدة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر حجم الكارثة الاجتماعية والانحطاط  السياسي.
كلام موجع ولكنه واضح. السلطة "تثق" أحيانا باسرائيل أكثر مما تثق بحماس ومخططاتها السياسية. وحماس "تثق" أحيانا بوعودات إسرائيل أكثر مما تثق بوعودات السلطة. والدليل أن الاتفاقات بين كل جهة مع اسرائيل تنجح بسهولة بينما الإتفاقات بين بعضهما لا تنجح أبدا.
والأخطر من ذلك أن اسرائيل تبدو موحدة وراء المستوطنين والتطرف اليميني وتزيد وتيرة مصادرة الاراضي وبناء المزيد من المستوطنات، ولربما يخططون لاستغلال الظروف التي تعيشها فرنسا الان لنقل 200 الف يهودي فرنسي للاستيطان في الضفة. وزراء من الليكود وباقي الأحزاب الصهيونية خرجوا اليوم للتظاهرات التي تدعو الى نفي (طرد) عائلات منفذي العمليات من الضفة الى غزة، وطالبوا بهدم 106 منزلا فلسطينيا وهي كارثة إقتصادية وإجتماعية على المجتمع الفلسطيني. كما أن نتانياهو يؤجل قرار إعدام الفلسطينيين منفذي العمليات ضد الاحتلال، ولكن هناك اجماع اسرائيلي على حتمية المضي لتثبيت هذا القانون. والذي يؤجل تنفيذه هو الدراسات الاسرائيلية الخاصة التي تفحص مدى تأثير هذه الاجراءات على الغضب الشعبي الفلسطيني. 
المستوطنون ويصل عددهم الى 600 الف مستوطن معظمهم مسلحون بأحدث الأسلحة ولا ينقصهم الذخيرة، خرجوا إلى شوارع الضفة وقطعوا الطرق وعربدوا وإعتدوا على المدنيين الفلسطينيين يدعمهم ويشارك معهم وزراء مثل وزير القضاء ايلات شكيد واوري ارئيل واسرائيل كاتس ونفتالي بينيت ووزراء في الكابينيت، حتى كتب بعض الصحفيين الاسرائيليين ( وزراء يتظاهرون ضد حكومتهم !!! ).
ولو ان فلسطيني حمل عصا للدفاع عن نفسه في وجه هجمات المستوطنين لأطلق جنود الاحتلال النار عليه وأعدموه ميدانيا. وهذه مرحلة خطرة وقاسية لا يستهان بها وتذكرنا بما فعله الانتداب البريطاني ضد الفلسطينيين عام 1936 وكيف سمح لليهود بالتسلح والسيطرة على المدن وتهجير العرب منها.
موازين القوى ليست في صالح سكان الارض المحتلة ولا يوجد بعد ما يثبت ان هناك انتفاضة:
- انقسام سياسي فج ومتواصل.
- عدوان إعلامي داخلي متبادل يكسر ارادة الجمهور.
- وضع عربي مهين وتذلل رسمي من الحكومات لنتانياهو وحكومة اليمين؟
- ضعف السلطة وقطع المعونات عنها.
- سوء أداء وانعدام الحكم الرشيد وغياب العدالة الاجتماعية.
- عزل القدس وتهويدها.
- عنجهية أمريكية وصفقة قرن غامضة.
- تهور الرئيس الامريكي ترامب وجهله بالتاريخ لدرجة لم يعد أحد يعرف رأس ترامب من ذيله.
- هرولة منحطة من جانب بعض الدول العربية للتطبيع المجاني.
التضحيات كبيرة والغضب الشعبي مستمر ومتواصل... ولكن الانتفاضة تحتاج الى قيادات تفتح الطريق أمام الجماهير وتسير في مقدمتها، وليس أن تحمي نفسها وتضمن سفر اولادها وتجلس في الاستوديوهات لتشجّع الضحايا.
 د. ناصر اللحام