- تجتاز شركة اسنيم ـ الركيزة الأساسية للاقتصاد الوطني والمؤسسة ذات الحجم الدولي ـ مرحلة حرجة من تاريخيها كان لإضراب العمال، الذي يدخل في شهره الثالث، الفضل في الكشف عن حجمها وخطورتها.
- كما هو معروف، فإن الشركة شهدت طفرة مالية كبيرة خلال السنوات الأخيرة، بفضل ارتفاع اسعار الحديد في الأسواق الدولية؛ فقد ارتفعت هذه الأسعار من 72 دولارا للطن في سنة 2009 إلي 195 دولارا سنة 2011، لتستقر في معدل 123 دولارا خلال السنوات الستة الأخيرة.
- على الرغم من أن الإنتاج بقي كما هو (حوالي 12 مليون طن)، إلا أن الطفرة التي عرفتها أسعار الحديد رفعت قيمة مبيعات الشركة خلال الفترة المعنية الى2000 مليار أوقية، كما بلغ مجموع الأرباح الصافية بعد الضرائب مايساوي 800 مليار أوقية خلال نفس الفترة.
- اليوم وقد انهار سعر الحديد ليصبح 58 دولارا، وفي الوقت الذي يؤكد فيه الخبراء استمرار هذا التوجه في انخفاض الأسعار لفترة طويلة، يحق للجميع أن يتساءل : كيف تصرفت اسنيم في الأموال الضخمة التي حصلت عليها في سنوات الطفرة ؟ هل شكلت اسنيم احتياطات مالية كافية ورصدتها لمواجهة الظروف الصعبة ؟
- مع الأسف، الحقيقة المرة هي ان الفساد والنهب المقيتين قد تحكما في تسيير الشركة مما جعل مئات المليارات تذهب أدراج الرياح، في مشاريع ديماغوجية تكلفتها غاية في التضخيم، وكثيرا ماتكون لا علاقة لها بالدور المرسوم للشركة (قرض 15 مليار أوقية لمطار نواكشوط، شراء طائرات مستعملة لموريتانيا أيرلاينز، مصنع الأعمدة الكهربائية في ألاك المتوقف حاليا، طرق آ تي تي ام (ATTM) المثيرة للجدل، مقران بلا جدوائية في نواكشوط، نهب الحديد المستعمل (فياراي)، مؤسسة خيرية أصبحت تشكل عنوانا لجميع انواع الاختلاسات المالية...)؛ هذا بالإضافة إلي الكثير من النهب الذي يتم مباشرة بدون أي عنوان أو غطاء.
- الحصيلة التي لا يصدقها العقل اليوم هي:
ـ مشروع الكلابة الذي بدأ العمل فيه 2011 بكلفة مليار دولار، والذي كان من المفترض أن يبدأ إنتاجه في 2013 لم يكتمل إلي حد الآن، ونتيجة لذالك زادت تكلفته ب 30 في المائة.
ـ تكلفة إنتاج الشركة أصبحت تفوق أسعار السوق.
ـ أزمة مالية خانقة، جعلت الشركة عاجزة عن صرف مبلغ 3 إلي 4 مليار أوقية لتسوية التزاماتها نحو مطالب العمال المشروعة، وبالتالي إنهاء الإضراب، هذا في الوقت الذي كانت لديها في الوقت القريب 2000 مليار أوقية تديرها كما تشاء.
ـ أضرار جسيمة لحقت بالمنجم وبمعدات وتجهيزات الشركة، وبالموارد البشرية وبالشبكة التجارية من زبناء يشترون إنتاجها وموردين يزودونها بحاجياتها. وهذه الأضرار الأخيرة نتجت عن تعنت الإدارة اللامسؤول وتسييرها الكارثي للإضراب.
وأخيرا، فإن الأمر قد يعني القتل المتعمد للشركة، وذلك لأسباب مجهولة حتى الآن، لكن نتائجها غير محسوبة ومدمرة، ليس بالنسبة للشركة فحسب، بل بالنسبة للبلد ككل...
نواكشوط، 5 جمادى الثاني 1436 ـ 26 مارس 2015
القطب السياسي للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة