إن زيارة السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز للحوضين الشرقي والغربي هذه الأيام أثارت تساؤلات لدى بعض الفضوليين حول الدوافع من ورائها ، فهل الامر يعود كما يرى أحدهم أن السيد الرئيس حينما يريد أتخاذ قرارات هامة أو إستراتجية فإنه يحتاج إلى شحنة حماس زائدة من خلال تظاهرات جماهيرية حاشدة .
وهذه الفرضية ربما تستند إلى ماقد رشح عن السيد الرئيس في أحد خطاباته في إنواذيبو الذي قال فيه يومئذ أن سبب إتخاذه قرار إنشاء الجامعة الاسلامية في لعيون هو أن البعض أثار حماسه في شأن يتعلق بإجاد معلمة إسلامية وثقافية في موريتانيا .
وهناك من يزعم أن سبب الزيارة الفعلي هو إظهار مامدى شعبية السيد الرئيس قبل الدخول مع المعارضة في الحوار المزمع القيام به وذلك من أجل قبولهم باليسير مما سيقدم لهم من تنازلات .
ولكن مهما كانت الأسباب أوالدوافع وراء تلك الزيارة فكان الاولى بالسيد الرئيس في هذا الظرف الصعب - وهو مازال يفكر في هذه الرحلة- أن يتأسى بتجربة ذلك الشيخ الصالح الحاج الرحموني والذي كان يقيم في ضواحي مدينة مراكش ولديه سعة في العلم والرزق ، ولما قرر أداء فريضة الحج في سنة معينة أخذ معه أهله وبعض تلا مذ ته ومالا وفيرا ، ولماوصل في رحلته تلك إلى البلاد التونسية وجد الناس هنالك قد أنهكتهم السنين الممحلات بما رافقها من قحط وإملاق الشئ الذي حزّ في نفس ذلك الشيخ وآلمه كثيرا ، مما جعله يفكر ملياً فيما إذا كان عليه أن يواصل رحلة حجه ملبياً نداء سيدنا إبراهيم عليه السلام ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي ...) أو يٓترك مايحمل من أموال وأمتعة لأهل هذه البلاد المنكوبة ويقفل راجعاً إلى بلده .
وبعد أن إستخار ربه في مايجب عليه عمله في هذا الشأن فإذا بضميره يوجهه إلى ترك ما بحوزته من أموال وأمتعة (للتوانسة) ويعود أدراجه إلى وطنه حيث إستقر به المقام في منطقة تدعى (صخور الرحامنة ) بالقرب من مدينة بن إگرير حيث صار قبلة للناس بغية الاستفادة من علمه وبركته .
وقد شاهدت بأم عيني في صيف 1984 قافلة من الحافلات تقل بعض مريديه وأتباعه من دولة السينغال حيث حطوا رحالهم بالقرب من ضريحه في نفس المدينة .
ومحل التأسي أو المقاربة الذي فات على السيد الرئيس أنه كان عليه وهو مازال يفكر في هذه الرحلة و على علم تام بأن الحوضين ومعظم البلاد الموريتانية تعيش موجة قحط وجفاف أن يستدعي محاسباً أمينا لليقدر له نفقات هذه الزيارة بما فيها ثمن المواد الغذائية والبنزين وتهتار الآ لات وتكاليف الألبسة ونقل وإعالة الفرق الأمنية وجحافل الصحافة والفنانين والطفيليين يضاف إلى ذلك مايساهم به من أموال من طرف الوجهاء والمنتخبين وأعضاء الحكومة ، ويضع كل ذلك في حساب تحت يد أمينة إن وجدت ! على أن يصرف من ذلك الحساب على الفقراء ويُشترى منه العلف وتحفر الآ بار الارتوازية في أمكنة تواجد الكلا لتلافي ما أمكن من الثروة الحيوانية المهددة بالانقراض هذه السنة لا قدر الله .
وبعد ذلك يمكن للسيد الرئيس أن يعتذر لسكان الحوضين عن تأجيل الزيارة ويعدهم بؤخرى عند ما تختفي معالم الجفاف ، وواقع الحال يقول بأن الضيافة في سنة صعبة كهذ ه غير محببة لدى الموريتانيين الأوائل ولا يبررها عندهم إلا الضرورة القصوى أعاذنا الله وإياكم وبلادنا من الضرورة القصوى التي تبررمثل ذلك .
ذ/ إسلمو ولد محمد المختار ولد مانا