مثلما يمر ثعبان ضخم بجانب انسان دون ان يلدغه؛ فيقول في قرارة نفسه: الحمد لله على سلامتي. هذا هو شعور قسم كبير من الجمهور الفلسطيني بعد ان مر علينا الرئيس ترامب دون أن يؤذينا.
اسرائيل بدت صغيرة ومتسولة ورديئة الاداء في استقبال ترامب، ولا شك ان كلمات الاطراء (الإلزامي) التي قالها ترامب لاسرائيل لن تغير من نظرتهم لانفسهم؛ انفعال هستيري وهوجاء سياسي وارتباك برلمان وصبيانية وزارية. حتى ان كلمة ترامب امام الكنيست تم الغاؤها لان نتانياهو قال إنه لا يستطيع ضبط اعضاء البرلمان اثناء الكلمة. وبعد صراخ وبكاء على الفيس بوك سمح للوزراء بمصافحة ترامب لكنهم احرجوه بالتقاط صور السلفي والثرثرة وعدم الانضباط ما يشكل اهانة للبرتوكول ووصمة عار في جبين الدبلوماسية، وخصوصا حين همست سارة نتانياهو للمصور ان يهتم بها عند نزول الضيوف من الطائرة.
الرئيس الفلسطيني اكتفى بطاقم مصغر جدا في استقبال ترامب حتى ان رئيس الوزراء د رامي الحمد الله لم يحضر وانشغل باجتماع مجلس الوزراء في رام الله.
التركيز الرسمي الفلسطيني اعلاميا وسياسيا كان على كلمة الرئيس وليس على ما قاله ترامب في اشارة واضحة ان القيادة تنتظر الخطوة التالية ولا تريد ان تشتري السمك وهو في البحر.
القمم الثلاث في السعودية اخطأت كثيرا حين وضعت كل بيضها في سلة ترامب مجانا ومن دون أية ضمانات ومن دون ان تشترط اي ثمن حتى لو كان وعد ترامب كتعويض سيكولوجي عن وعد بلفور. ما يذكرنا بخطأ السادات حين طرد الخبراء الروس من مصر وذهب الى الرئيس الأمريكي كارتر يطلب الثمن مقابل التحالف مع أمريكا ( وحسب مذكرات وزير الخارجية الامريكي آنذاك كيسنجر، فان الامريكان قالوا للسادات: ولماذا ندفع لك ثمن ذلك وانت طردت الخبراء الروس مجانا ومن دون ثمن !!!).
وكان الفلسطينيون سيكتفون لو أن العرب طلبوا أية ضمانة لاستعادة الحقوق العربية مقابل مئات مليارات سكبوها في جيب ترامب. بل ان ترامب كرجل اعمال كان سيبدو مستعدا أن يبصق في وجه نتانياهو لو طلب العرب ذلك مقابل 600 مليار دولار. وأكاد ابالغ وأقول لو ان العرب دفعوا هذه المليارات لحزب الليكود ذاته لاعطى الليكود ضمانات للعرب ان يسجنوا نتانياهو لفترة طويلة وينسحبوا من جميع المستوطنات ومن القدس كلها.
اداء عربي سياسي أمني باهت ؛ واداء اسرائيلي سياسي رخيص ومقرف ، واداء أمريكي غامض ، واداء فلسطيني حذر ومتشكك من كل ما حدث .
يقول احد المحللين الاسرائيليين في القناة الثانية والقول له : انتم واهمون اذا تعتقدون ان اسرائيل ودول الخليج قد ينجحوا في اقامة أية علاقات من دون حل القضية الفلسطينية .
د. ناصر اللحام