“الإخوان ورطوا قطر في مصر.. والجيش المصري القوة العربية الوحيدة القادرة على مواجهة الغزو.. وخسارتنا مصر تعنى أن إيران ستكون القوة الأولى.. والشعب القطري كله ليس مع جماعة الإخوان..”، هذا الكلام أدلى به وزير العدل القطري الأسبق نجيب النعيمي، لجريدة الوطن المصرية منذ ثلاثة أيام، وهو كلام يختزل حجم النكسة التي ألمّت بدُويلة قطر التي كانت في بداية سنة 2011 أي تاريخ اندلاع مؤامرة الربيع العربي، تُمثل رأس الحربة في المشروع الصهيوأمريكي، الذي كان يستهدف تدمير الوطن العربي، وتمزيقه وتقسيمه، وبرعُونة وغباء بعض القادة القطريين وحتّى السعوديين، توهّم أمراء قطر والمُتسلّطين على قبلة المسلمين في مكّة المُكرّمة، أن المُشاركة في المُؤامرة ستعفيهم من دفع الحساب.
اليوم مع هذا التصريح الوازن لوزير قطري سابق عايش فصول المُؤامرة، هل نملك أن نتضامن معه ومع دُويلته، ومع المُتسلّطين على أماكننا المقدسة في بلاد الحجاز، أم نتركهم يذوبون في حمم الرئيس الأمريكي المنتخب دُونالد ترامب، الذي فاز على كل المؤسسات الرسمية الأمريكية التي كانت تُصنّع رؤساء أكبر وأعظم قوّة في العالم؟
اليوم لم نتفاجأ عندما سارعت السعودية إلى التبرؤ من الكاتب السعودي جمال الخاشقجي وتأكيدها أن الأخير “لا يمثل الدولة بأي صفة، وما يُعبر عنه من آراء تُعد شخصية ولا تمثل مواقف حكومة المملكة العربية السعودية بأي شكل من الأشكال”، فالسعودية أُصيبت بالذعر لمّا هاجم الخاشقجي الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب، لكنّ هذه السعودية نفسها لم تهتزّ قيد أنملة لمّا زار وفد سعودي برئاسة الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي الكيان الصهيوني، بل إن أبواق السعودية في مختلف وسائل الإعلام قالوا إن “أنور عشقي” يمارس عملا أكاديميا، ولا دخل للسعودية في تحرّكاته، لكن العجيب في الأمر أن المؤسسات الرسمية السعودية لم تصدر بيانا رسميا كالذي أصدرته بحق تصريحات “الأكاديمي” جمال الخاشقجي، الذي نرى أنّ من حقّه أن ينتقد “ترامب” و “يُبهدله” كما يشاء، كما بهدل “عشقي” العرب، ونكّل بهم وبفلسطين، فما الذي جعل آل سعود هذه المرّة يهرولون ويُسارعون إلى التبرّؤ من “الخاشقجي”؟
المسألة وما فيها أن الأعراب اصطدموا بحقيقة مزدوجة، وهي أنهم فقدوا أكبر حليف لهم، وهو أمريكا، التي ورّطتهم في حرب تدمير أعتى وأعرق الدول العربية، وعلى رأسها سوريا والعراق ومصر واليمن والجزائر، وأوهمتهم بأنهم سيكونون في الزعامة، ويعوضون الدول العربية العريقة، لكن المفاجأة قبل فوز ترامب، أن كلا من سوريا والعراق قد خرجتا من رمادهما كما يخرج طائر الفينيكس من رماده، في حين أن الجزائر العصية، لم تُولِ أي انتباه لهذا “الربيع العربي” الذي كان يدغدغها لا أكثر، ليقين مهندسي المؤامرة أن الجزائر هي العصيّة وبامتياز، واليوم وقد انهار الأعراب واصطدموا بجدار الحقيقة، أي أن ضحايا “الربيع العربي” لن يسقطوا، ولن تتمّ عملية تشييعهم، -ليس بالمفهوم الطائفي على كلّ حال-، لأن أكبر دولة شيعية ناصرت سوريا والعراق، ونعني بها إيران التي جابهت ولثلاثة عقود من الزمن، كل مؤامرات ومحاولات التدجين والتركيع، وقفت بعكس الأعراب ضدّ الإرادة الأمريكية والصهيونية لتشييع منارات الحضارة العربية والإسلامية إلى مثواها الأخير، في الوقت الذي كانت تُحضّر فيه بلدان “أعرابية” لجنازتها دُونما أن تعلم.
هذا برأينا ما يُفسّر تصريح الوزير القطري السابق النعيمي، لجريدة الوطن المصرية، وما يُفسر هرولة قادة السعودية وقطر باتجاه الجزائر لإيجاد المخارج من الورطة، ونقول ذلك من منطلق أنه إذا عجز أقوياء العرب عن الدفاع عن أنفسهم، فما سيكون عليه حال الأعراب يا تُرى؟
بالتأكيد لا يمكننا كعرب ومسلمين، لا نبالي بالإختلاف في المذاهب، -لأنّ الإختلاف رحمة-، أن نفكر للحظة بأن الوقت قد حان للإنتقام من السعودية وقطر، بل بالعكس من ذلك كلّه نقول للعرب والأعراب، إن مصيركم واحد –وللأسف الشديد-، فلا يمكن للعربي الصحيح أن يفكر يوما في إيذاء من تحالفوا ضدّه وتآمروا عليه، فكلّ ما يملكه هو أن يدافع عنهم لأنهم جزء منه، ويقول لهم “إذهبوا فأنتم الطّلقاء”.