ياسر الحريري
المواقف التي اعلنها الامين العام لحزب الله على مدى ثلاث ساعات يمكن التوقف فيها عند نقطة جوهرية، وتبدو هي المحورية والمتعلقة بالعدو الاسرائيلي، فوفق المراقبين والمتابعين فإن توقيت مقابلة السيد حسن نصرالله غير مفهوم خاصة لجهة التوقيت او التطويل والاسهاب، مع العلم انه كان قد تحدث قبل اسبوع في مناسبة ولادة الرسول الاكرم والامداد، كما انه قبل فترة ليست ببعيدة، كانت مناسبة عاشوراء التي هي ايام في معظمها مخصصة للسيد نصرالله.
كل هذا الشكل يؤدي الى ان هناك شيئاً ما يدور في الافق، حمل الامين العام للحزب لأن يجلس ثلاث ساعات ممنتجة، اي ربما كانت الجلسة اطول بكثير وجرى الاكتفاء بهذا الوقت الطويل الذي في العادة لا يحتاجه السيد ابو هادي لاعلان المواقف وابداء رأيه في الاوضاع الداخلية والاقليمية والدولية. من هنا ترى المصادر المراقبة والمتابعة التي استشفت اراء العديد من السياسيين والمحللين في الداخل حتى في دول اوروبية وفي واشنطن، بمجمل كلام الامين العام السيد حسن نصرالله.
وفي الجوجلة الاولية تبين نقطتان :
1- الرسالة المباشرة للكيان الاسرائيلي.
2- الحديث عن الاختراق الامني الذي اصاب حزب الله وخصوصا بما يتعلق بقضية العميل محمد شوربة.
النقطة الاولى مرتبطة حقيقة بالاختراق الامني، اذ ان التطورات العسكرية والامنية في المنطقة وانشغال حزب الله في المعارك في سوريا وكذلك مشاركته في العراق، قد تفتح شهية الاسرائيلي على احتمال الحرب مع حزب الله، لماذا؟
الجواب لدى هؤلاء بسيط جداً، اولاً لأن التطورات في سوريا اثبتت ان محور الارتكاز الميداني الى جانب الجيش السوري هو حزب الله، الذي سبق ان حقق انجازات ضد العدو الاسرائيلي، واهمها الانتصار التاريخي في حرب تموز 2006، وهذا الحزب استطاع ان يثبت معادلة اقليمية قوية، من خلال تواجده العسكري في سورية كعقدة الوسط في محور المقاومة الممتد من طهران الى لبنان وكل حركات المقاومة المنضوية تحت هذا المحور، وقد ثبت لواشنطن ولحلفائها العرب وتحديدا الخليجيين انه ليس بمقدورهم اسقاط سوريا بشار الاسد كون التحالف المرتبطة به، استطاع ان يقف الى جانبها بمختلف الاشكال والمستويات.
بالطبع إن الدعم السياسي والديبلوماسي الروسي ومن الدول الاخرى بحسب المصادر نفسها، الى جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية، يرتكز على قوة النظام والجيش في سوريا، لكن ما اصاب سوريا من هجمة عربية ودولية شرسة جعل حزب الله يتدخل وكان لهذا التدخل نتائج هامة على المستويات السياسية والعسكرية والميدانية. لكن مختلف الدول المعنية بالتآمر على سوريا بما فيها اميركا والخليج واسرائيل، تعلم ان وجود ايران وحزب الله في الميدان اعاد الامور الى التوازن الذي كاد ان يفقد في بدايات الحرب على سوريا.
كل هذا المشهد يجري امام تهاوي المعارضة السورية، اذ لم يعد للائتلاف اهمية تذكر على الارض وقد حلت المنظمات التكفيرية - السلفية مكانها، ما اثبت نظرية حزب الله وايران وروسيا، ان الارهاب هو الذي جرى تمويله في سوريا وليس المعارضة التي تريد الحرية والديموقراطية. الا ان نظرة حزب الله وسوريا وايران وروسيا، لم تكن مجرد نظرة بل واكبها جهد على الارض ادى الى صياغة جديدة ادت الى الاعتراف الاميركي ان لا حل عسكريا في سوريا، وان الرئيس بشار الاسد هو مفتاح الحل وبدونه لا حلول في المنطقة ولا في سوريا تحديدا.
كما ان الاسرائيلي والاميركي والخليجي يعلمون يقول هؤلاء المتابعون والمراقبون الذين استمعوا الى اراء من في الداخل والخارج حول كلام السيد نصرالله ، ان حزب الله له مستشارون وخبراء في العراق الى جانب الايرانيين، لجهة تدريب وتقوية الحشد الشعبي العراقي وانه متدخل في اليمن وما ادت اليه نتائج تدخله من انجازات هامة قام بها الحوثيون وحلفاؤهم داخل اليمن، مما ادى الى متغيرات اقليمية حقيقية جعلت واشنطن ولندن وباريس ومن معهم يقفون عند هذا الانجاز الهام والكبير.
وتضيف المصادر: كل هذه الاجواء تشير الى ان حزب الله هو قطب الرحى والعمود الفقري للانجازات اللبنانية والسورية الميدانية التي حتمت نتائج سياسية لمصلحة محور المقاومة، ما يجعل الخليجي والاميركي يفكران بأن اعادة خلط الاوراق في المنطقة ككل وفي سوريا ولبنان ونقاط اخرى، تتطلب الهجوم على حزب الله ليس في لبنان وليس انطلاقا من لبنان، بل انطلاقا من سوريا الى لبنان، وبالتالي ضرب هذا المرتكز الاساسي لهذا المحور وبالتالي تغيير المعادلات في المنطقة.
من هنا كان كلام السيد حسن نصرالله واضحا للاسرائيليين من ان حزب الله يملك صواريخ مدمرة وليست صواريخ تهدم جدراناً كما كان قال سابقا، وان المقاومة قادرة على دخول الجليل وما بعد الجليل، في رسالة واضحة الى القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية من ان حزب الله جاهز لأي احتمال قد تكون تلك القيادة تفكر فيه في شن هجوم ما على حزب الله، مما يعني ان التركيز الاساسي هو على الرسالة الاسرائيلية وما يمكن ان يرافقها من تداعيات..
(غدأ : الاختراق الامني)
(شارل أيوب)