منذ حين ونحن نلاحظ أن إعلِ ولد محمد فأل مدير الأمن والرئيس السابق يعطي تصريحات لوسائل الاعلام أقل ما يستشف منها العمل على زعزعة الأمن الوطني وذلك بتناول هذه التصرحات الريبة والشك فيما مدى شرعية النظام الحالي في موريتانيا, وكون رئيسه متمرداً ومغتصباً للسلطة حسب ماورد في بعض تلك التصريحات .
والذي يثير الاشتباه أكثر حول أهداف الرجل من تلك التصريحات هو كونه يقدمها أحيانا لوسائل إعلام أجنبية ، ربما بعضها لأيكن الود اللا زمه للدولة الموريتانية إذا ام يكن يناصبها العداء منذ أمد بعيد.
ومن أجل فك لغز تصرفات إعل تلك فإنه يلزمنا العودة ولو قليلا إلى ماضيه كمدير عام للامن الوطني من جهة ومن جهة أخرى كونه معروف عنه أنه غربي الثقافة والتكوين والتفكير وحتى الولاء ، الشئ الذي هيأه لاحقا لقتناص فرصة شغل منصب رئيس الدولة بعد إنقلاب 2008، ويعود سبب إختياره لذلك المنصب -حسب رأي البعض - هو علاقته المتميزة بالغرب لعله بواسطة تلك العلاقة يسهل لأ لئك الضباط الانقلابيين معبر الخروج من المأزق والورطة الذين وقعوا فيهما بسبب ذلك الانقلاب ، والذي وإن كان على العموم مقبولا من طرف الشعب الموريتاني إلا أنه مرفوض أيضامن بعض الدول الغربية والإفريقية .
ثم تلت ذلك مرحلة مابعد رئاسة إعل للدولة حيث بدأ بعض الاعلام الغربي والخليجي معاً يلمعان صورته وكأن ذلك الاعلام يعده لقيادة البلاد في المرحلة القادمة ، مما جعل إعل يعتقد أنه أصبح منقذاً للبلاد بلا منازع ويكفيه مجرد ذلك ليلقي ببدلته شبه المدنية على كتفي الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله متخذاً منه -حاشاه- حارساً لكرسي الرئاسة إبان غيبته
إلى أن يعود إلى الحكم لآحقاً وهو مائل "الخوذة" منتصراً بعد إنجلاء غبار التحول الديمقراطي ، المفروض أصلا على البلاد من طرف الغرب .
ولكن للأسف جرت الرياح بما لاتشتهي سفن إعل ! وذلك أنه وبدون سابق إنذار أو توقع من طرفه فوت عليه الجنرال محمد ولد عبد العزيز فرصة العودة تلك المؤملة بإنقلابه الذي قاد ضد ولد الشيخ عبد الله ، حيث كان ولد عبد العزيز يومئذ وحده القادر بسبب قيادته للحرس الرئاسي على تلافي ذلك الحكم وهو مازال يترنح بين يدي ذلك الشيخ الصوفي الذي أودع لديه الحكم كمحلل شرعي له لمن سيخلفه من القادة العسكريين في السلطة لاحقا، فهللا يعد هذا نوع من غسيل المناصب مثل غسيل الأموال تماما إن صحت المقارنة .
من هنا صار بإمكننا العودة من جديد إلى تلمس إمكانية حل عقدة تلك الأحجية على ضوء مامر معنا من خلال إحتمالين إثنين :
أولهما حسب رأي بعض المحللين السياسيين أن يكون إعل قد صحا ضميره أخيرا وهو الآن ـ بهذه الحركات ـ يبحث عن فرصة العودة إلى رئأسة نظيفة خالية من شبهة الانقلابات العسكرية ليكفر بواسطتها عما يمكن أن يكون قد إرتكبه من أخطاء وصفها البعض بأنها جسيمة إبان إدارته للامن العام الوطني حيث صنفه آخرون على أنه ثالث مدراء الأمن المغاربي من أمثال البصري في المغرب والسنوسي في ليبيا وهو في موريتانيا ، وكونهم الثلاثة كانوا يقسون بشدة على المعارضين السياسيين من شعوبهم .
أما الاحتمال الثاني والذي يراه البعض أقرب إلى الواقع منطقياً أن يكون مدير الأمن السابق عاد إلى دوره الأمني من النافذة , وهو مكلف هذه المرة بمهمة تحريك الساحة السياسية من وقت لآخر بتلك التصريحات ليظهر على السطح ما إذاكانت هناك جماعة ما متحفزة للانقضاض على السلطة ليتولى بعد ذلك الرئيس محمد ولد عبد العزيز دور التعامل معها حسب مقتضيات أمن النظام .
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح حسب مقتضى هذا التحليل يدور حول أي الاحتمالين أقرب إلى الصواب ، والجواب حتماً سيكون بإستبعاد الاحتمال الاول وذلك ببساطة لكون ولد عبد العزيز -بالرجوع إلى سجيته في الحكم- لن يستطيع الصبر طويلا على معارض جاد قادم من المؤسسة العسكرية والأمنية ورئيس سابق له أنصاره من الغرب وفي الخليج العربي ، كما مر معنا من قبل , وهو أي ولد عبد العزيز الذي ضاق ذرعاً بمعارض ليس من ذلك الطراز السابق ولايشكل خطراً داهماً على النظام في المدى المنظور على الأقل ، ذلك هو المصطفى ولد للشافعي شبه المنفي بسبب معارضته للنظام لم يستطع زيارة والده وهو على فراش الموت , كما لم يسمح له بالعودة بعد وفات المغفور له الشافعي ولد أحمادو لتعزية العائلة ولتلقي التعازي باعتباره الابن الأكبر للمرحوم للشافعي .
أما الاستثناء الوارد على الاحتمالين السابقين والذي يجعل ولد عبد العزيز يتغاضى - ولو بدون رضاه - عن تصرفات إعل تلك الموصوفة , ويترك له الحبل على الغارب يقول ما يقول ويفعل ما يفعل دون أن يكون مكلفاً بذلك من طرف السلطة ، فلربما الامر يعود برمته إلى ضغط قبلي أو أسري أوكليهما معاً وفي هذه الحالة وحدها يكون التأثير الاسري أو القبلي أقوى لدى السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز من الشعور بالمسؤلية تجاه سيادة الدولة وهيبتها التي تنتهك بتلك التصريحات ، علماً أن هذه الدولة أعطت لولد عبد العزيز أغلى ما لديها وهو رئاسة الجمهورية ولدورتين كاملتين تخللتهما مدد زمنية غير محسوبة عليه من الوقت الضائع كما يقول معلقي كورت القدم .
ذ/ إسلم ولد محمد المختار ولد مانا