خلال زيارته السابقة لدولة الامارات قابل الرئيس محمد بن عبد العزيز بعض وجهاء الجالية الموريتانية على شكل مجموعات في مقر اقامته في قصر الامارات الفاخر الواقع على كورنيش ابوظبي وكنت ضمن تلك المجموعات ومن بين المتدخلين ايضا , فقد تحدثت عن اربع او خمس نقاط –على ما اذكر – بشكل مجمل مراعيا المقام ومفسحا المجال لغيري , وقد نشرت مقالا في وقته بهذا الخصوص تحت عنوان (لقائي مع الرئيس) .
وكان من بين تلك النقاط تنبيه السيد الرئيس الى ان الفساد ما زال مستمرا باشكال وطرائق ووسائل مختلفة . واذكر من بين النقاط ايضا الاعتراض المرتكز على نبض الشارع حول ارسال قوة عسكرية كان من المزمع – اذ ذاك –ارسالها الى مالي ضمن قوات افريقية ..
ولكن السيد الرئيس خلال زيارته الاخيرة لم يقابل ايا من افراد الجالية لسبب او لآخر , في حين كانت الجالية تتشوف إلى مقابلته بشغف واهتمام حتى ان مجموعة منها رابطت حيث يقيم الرئيس واسرته في ضاحية سياحية خاصة من ضواحي العاصمة ..
وأما انا - بدوري – فقد كنت اسعى لمقابلته لاتحدث عن بعض النقاط كما فعلت في المرة السابقة .
اما هذه النقاط فاثنتان منها مكررة ويتعلق الامر بالفساد من جهة , ومن جهة اخرى بوضع الجالية هنا والعلاقة بالدولة .
وقد كنت اريد ان انبه الرئيس واذكره بأن الفساد ما زال يضرب اطنابه باشكال مختلفة وان القضاء عليه يعتبر حجر الزاوية ومربط الفرس في اي عملية تهدف إلى الإصلاح والتغيير فما دام الفساد مستشريا في المؤسسات العمومية فلا بناء ولا اصلاح فالفساد –ياسادتي – مثل السرطان الذي ينخر في الجسم ليصيبه بالوهن والهشاشة ثم يقضي عليه آخر الأمر حفظ الله بلادنا من كل سوء .
وخلال مداخلتي المتعلقة بهذه الظاهرة رد السيد الرئيس على هذه النقطة فقال ان الفساد اصبح ثقافة (لم يقل العبارة بالحرف) وأن هناك إرادة لمحاربته بحيث سجن البعض وعزل آخرون من وظائفهم , ولكن يبدو أن ذلك لم يجد نفعا ولم يقض على الظاهرة (هذه عبارتي) .
أما النقطة الثانية التي كنت اريد ان لفت انتباه الرئيس اليها فتتعلق بشأن الذهب و ((المعادن المرتبطة)) لاقول له إن على الدولة أن تتساهل مع المواطنين الأغنياء والفقراء بالأحرى وتفتح لهم مجال التنقيب ليس في صحراء تازيازت وحسب بل في أنحاء البلاد الشاسعة المترامية الأطراف برسوم رمزية , فأنا لا انكر ولا اعترض على اهمية حضور الدولة وتأمين الناس والممتلكات ومتابعة هذه الأنشطة الحساسة من طرف الدولة ..
اما الشق الثاني من هذه النقطة فيتعلق بشركة ((كينروس تازيازت)) فهذه الشركة الكندية تنهب ثرواتنامقابل فتات لا يتجاوز نسبة 3% من الناتج السنوي , وهذا لعمري غبن لا مزيد عليه وظلم ما بعده ظلم فيكفي ان نعلم ان هذه الشركة قد عوضت للشركة لتي سبقتها 7 مليار دولار فقد لاغير مقابل التنازل عن حقها في انتاج الذهب في المنطقة وهذا اقوى دليل على اهمية المشروع.. !
فالرجاء مراجعة الاتفاقية من اصلها , فلماذا لا يكون نصيبنا يصل إلى40 أو 20% مثلا . والظاهر والمتواتر والمؤكد أن هناك حسابات أخرى ..
اضف إلى ذلك ان تلك الشركة تهين العمال وتنقص حقوقهم وامتيازاتهم من أطرافها حتى خرجوا عن صمتهم ونفذ صبرهم فأعلنوا الإضراب في وقت حساس .. ولسان الحال يقول : ((لو ذات سوار لطمتني)) .
اما النقطة الثالثة التي كنت اريد ان اتحدث مع السيد الرئيس حولها – وقد كنت اشرت إليها في اللقاء – فتتعلق بوضع الجالية هنا وبأهمية العلاقة بدولة الإمارات .
اما فيما يتعلق بالجالية فلابد من الاشارة إلى انها جالية نوعية ومتنوعة , عاملة ومنتجة حيث لا مجال للبطالة .
وهناك مطلب يخص الجالية ويهمها لم يكن في نيتي الحديث عنه ويتعلق الأمر بالقطع الأرضية التي التزم الرئيس بمنحها لأفراد الجالية لكثرة من سيتحدثون بهذا الخصوص , ويجدر بالذكر أن الموضوع قد قطع بعض المراحل وأتخذت بشأنه إجراءات لجهة التنفيذ ولكن يبدو انه الآن قد وصل إلى طريق مسدود .
أما فيما يتعلق بالعلاقة مع الدولة هنا فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر دولة ذت اهمية خاصة ولها آفاق استثمارية واسعة وهناك مجالات مختلفة سيكون التعاون البيني بشانها له نتائج مؤكدة ومرضية وأصحاب الشان أدرى بذلك .
اما النقطة الرابعة والاخيرة فمجالها شبه ضيق ويتعلق الأمر بقبيلة معينة معروفة وشهيرة فهي قبيلة وازنة ذات أهمية لا تخطئها العين على المستويين المادي والمعنوي وتتواجد في مقاطعتين مهمتين احداهما تتكون من ثمان بلديات والاخرى تتالف من اربع بلديات شاسعة . إضافة إلى تواجدها في شرق البلاد وغربها وفي مناطق اخرى متفرقة وبكثافة متفاوتة داخل البلاد وتتواجد في الدول العربية والإفريقية وغيرها كمواطينين وكجاليات مثلوا البلاد خير تمثيل ..
ولهذه القبيلة اهمية علمية وثقافية خاصة سواء تعلق الامر بالماضي ام بالحاضر وينتمي إليها كم لا يستهان به من الأطر في مجالات مختلفة كما ينتمي اليها رجال اعمال متميزون وناجحون في الداخل والخارج افادوا البلاد والعباد , وهي – إلى هذا وذاك - ممثلة في علمائها وأطرها ووجهائها تعي وتدرك قيمة واهمية الولاء لولي الامر ونصحه ومناصحته , فهي بشكل عام تتناظم مع ولاة الأمر إتكاء على الحكم الشرعي , ولم تسع يوما لمغالبتهم لما قد يترتب على ذلك من مفاسد ونزوع لجهة عدم الإستقرار فحفظ الموجود اولى من طلب المفقود ولكنها – بالمقابل – تأمل وترجوا من ولاة الأمراحترامها وتقديرها من باب إنزال الناس منازالهم كما ورد في الحديث الشريف : (( أمرت أن انزل الناس منازلهم)) فهي رغم كل هذا وذاك – لا حظ لها في الحكومة الحالية بل إن ((منظومة اطرها)) ـ إن صح التعبيرـتنقص من أطرافها يوما بعد يوم بدل ان تزاد او ((تعوض)) على الاقل
والى هذا الأمر لزم التنبيه وكلها أمور ذات بال يعبر عنها المعنيون بالامر لمن يهمه الامر .
هذا وبالله التوفيق وإليه يرجع الأمر كله .
مولاي بن عبد الدايم