عجيب أمر الحوار السياسي بموريتانيا تضعه الموالاة و المعارضة و شبكات المجتمع المدني و الشخصيات المرجعية و النقابات في خانة الخيارات الاستراتجية و مع ذلك يعجز الطيف السياسي و المدني أطرافا و مُسهلين عن الرسم التوافقي لخارطة الطريق إليه حتي تَنَدّرَ أحد الظرفاء قائلا إنه إذا كان قيل قديماإن العرب اتفقوا علي أن لا يتفقوا فإن " بعض الساسة الموريتانيين تآمروا علي أن لا يتحاوروا..."
و رغم "ارتفاع درجة حرارة الصيف السياسي" و ما يبدو من بعد الشقة و عمق الهوة بين الموالاة و قطبين علي الأقل من أقطاب المعارضة( المنتدي الوطني للديمقراطية و الوحدة و تكتل القوي الديمقراطية) فإن طرفي "التجاذب السياسي"مطالبان أكثر من أي وقت مضي بإنتاج أفكار من شأنها تقريب الشقة و تجسير الهوة وإنقاذ "الحوار الإجماعي" من حالة "الموت السريري".!!
و كم من قائل يقول بأن اعتذار بعض رموز المعارضة الوطنية عن " الخشونات اللفظية" الأخيرة اتجاه "منصب رئاسة الجمهورية"المخالفة لقواعد و تقاليد "أخلاقيات المهنة السياسية و اتخاذ الموالاة قرارا برد "مقبول شكلا" من طرف المنتدي الوطني للديمقراطية و الوحدة علي عريضة ممهدات الحوار المقترحة إجراءان كفيلان بإعادة الحياة إلي الحوار الوطني الإجماعي .
و لو أن ببلادنا مراكز علمية دقيقة متخصصة في استطلاع و قياس الرأي العام فأجرت استفتاء حول مدي تأييد الرأي العام الوطني للمقترح المنوه عنه آنفا لصدعت صناديق استطلاع الرأي بما لا يقل عن نسبة تأييد تساوي 70% من بين المنتسبين لكل من الموالاة و المعارضة و نسبة تأييد تُطَاوِلُ 90% من العينات المستطلعة آراؤُهم من غير المنتمين "للفسطاطين".!!
و ما ذلك التأييد الواسع إلا لأن الرأي العام في غالبه الأغلب "لاَ يَفْقَهُ كَثِيرًا" مما يملأ الفضاء الإعلامي من عبارات "محاكمة النيات" و "التسويف" و "التعطيل" و التخوين و"الإلغاء"،.. بل يعتبر أن الذين يرددونها إنما عَمَتْ قلوبهم عن "الهشاشة الاجتماعية العالية للبلد" و التي تتطلب "إجماعا سياسيا مسؤولا"لا يتم إلا بالاستعداد لتقديم "تنازلات سياسية مؤلمة" من أجل تأمين و صيانة العقد الاجتماعي الوطني.!!
و خير الكلام في هذا المقام هو دعوة كافة أحزاب الموالاة التي تبدو منسجمة "انسجاما صامتا" و سائر أحزاب المعارضة التي يتضح أنها متعددة "تعددا ناطقا" و أخص الأحزاب السياسيةالكبيرة بتعاطفها الجماهيري المعتبر أو برصيدها النضالي التراكمي أو بهما معا دعوتي لهم جميعا بلغة رمضان الكريم الذي بدأنا نشد له المَآَزِرَ أن "تَحاوروا تَصُحوا" و أن اعملوا وِسْعكمْ من أجل إنقاذ "حياة" "الحوار الإجماعي الوطني".
فمن الأكيد أنكم إن تحاورتم جميعا بلا استثناء فمعني ذلك أنكم تقدرون حساسية "اللحظة العربية الراهنية" و خصوصية "الحالة الاجتماعية الوطنية شديدة الهشاشة" و أنكم تستخلصون دروس التجارب التي أثبتت أن "الحوار السياسي الخالص" هو أحد "قَسَائِمِ و سندات التأمين" العاصم بإذن الله من مخاطر"أوبئة" عدم الاستقرار السياسي و "الاحتراب الداخلي"و "الهَوَانِ و التدخل الخارجي"واسعة و سريعة الانتشار في عالمنا العربي و الإفريقي و الإسلامي.