كانت منطقة مايعرف - الآن بباركيول - تساهم بحضورها المتميز في الحضارة الشنقطية من خلال علمائها وشعرائها وقادتها واستمرت في ذلك العطاء إلى مابعد الأستقلا ل بمدة يسيرة، ويعود سبب تراجع دورها ذلك - مقارنة بمثيلا تها من المقاطعات الوطنية - إلى أسباب أكثرها تأثيراً هوالعزلة التي كانت تعاني منها جراء عدم ربطها بطريق الأمل - الذي يعد الحبل السري الذي يغذي كامل جسم الوطن - ثم عدم وجود معاهد علمية في المنطقة لمالأ ساتذة تلك المؤسسات وطلا بها من أدوار تساهم في تنوير الرأي العام المحلي، ،ثم أيضاً ضعف تمثيلها في المجالس النيابية والبلدية رغم وطنية من كانوا يمثلو نها في هذه المؤسسات إلا أنهم للأسف يفتقدون الكفاءة العلمية التي تمكنهم من مسايرة ذلك التيار الجارف الذي كان يلهث وراء الحصول على التمويلات العامة والخاصة مما حرم منطقتنامن نمو متوازن طيلة العقود الماضية ، الشئ الذي جعلنا اليوم نشعر بالغبن من شركائنا في كيان الدولة.
ولكن ولله الحمد بدأنا نلمس رويداً رويداً بأن هناك ألتفاتة من التاريخ تجاهنا وإن تكن مازلت في إنحنائها تبشر سكان المنطقة بالخير العميم، ويعود مصدر هذا التفاؤل من وجهة نظري إلى معالجة بعض المعوقات التي كانت السبب لنا في ذلك الغبن .
منها مثلا فك العزلة عن المنطقة بربطها بطريق الأمل من خلال طريق الغايره باركيول .
وأيضاً إنشاء بعض المؤسسات التعليمية - وإن كانت مازالت ناقصة - إلا أن تأثير أساتذتها وطلابها كان له دور إجابي في توعية السكان بما يدور حولهم وطنياً ودولياً من القضايا التي تهمهم .
كما كان إدخال التيارالكهربائ مساهمة في إنعاش المنطقة حيث أصبح بالإمكان إنشاء ورش صناعية ودكاكين التبريد (بقالات) بالإضافة إلى الهاتف والأنترنت ،وكذلك ساهمت جاليات المنطقة في الخارج في المجال الأقتصادي والأجتماعي والثقافي والسياسي ، فدور هذه الجاليات يعد رافداً أساسياً في العوامل التي ساهمت في إجاد هذه النهضة التي بدأت معالمها تتجسد منذو قرابة عقد من الزمن يلاحظ ذلك من خلال النقاشات والحوارات سواء كانت شفاهة أو مكتوبة تلك التي كان يتعاطاها شباب المنطقة وأطرهامما حرك البركة ونقاها من المياه الآسنة .
إن تلك النقاشات سواءكانت جادة وموضوعية أو ذاتية لا تعبرعن الواقع المعيش لساكنة المنطقة إلا أنها في النهاية مهمة لكو نها خلقت ذلك الحراك الذي نفض عن المنطقة غبار الخمول الذي غشيها منذو العقود الماضية .
إن هذه النهضة الوليدة يجب احتضانها وتوجيهها الوجهة التي تجنب الفاعلين فيها من الأنغماس في مستنقع النفعية الذاتية على حساب المنفعة العامة ، والفرق شاسع بين المصلحتين فالعامة يستفيد منها الجميع في حين المصلحة الخاصة تكاد تنحصر فوائدها في أصحابها ومحيطهم الضيق ، فباركيول مثلا أجدى وأكثر نفعاً لسكانه إنشاء مصنع أوبناء سد من مجرد تعيين وزير أو إنتخاب نائب أوعمدة .
وفي إطار مراجعة أسباب تخلفنا محل إهتمامنا فيجب أَلاّ نضيع فرصة نذكر فيها الحكومة بضرورة جبر مافات منطقتنا من تنمية ، ولا نكتفي بمجرد الأستجداء بل نهئ الفرص التي تشجع الحكومة على مساعدتنا ، كما يجب علينا كذلك بجهودنا الذاتية أن ننشئ شركات تضامن أوذات مسؤلية محدودة أوتعاونيات للإسراع في تنمية المنطقة ، وعلى جالياتنا في الخارج أن تلعب الدور الأساسي في ذلك الأستثمارالمنشود.
وقبل الختام أذكر الشباب بأن الكورة في مرماهم بما يقتضي قيادتهم للمنطقة في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخنا متّحدين ولو في تجمعات متعددة ، وعليكم الإستعانة بالأطر واللأئمة والنساء صانعات الأجيال على أن ينصهر الجميع في حركة التطور الأجتماعي الذي بدأت عجلتها تدور وإن بحركة وئيدة ، وعلى العمال والفلاحين حمل معاولهم ومناجلهم والتوجه إلى إنشاء المعامل وزرع الحقول وحصادها .
وأخيراً أنصح شبابنا بأن يترفّعوا عن التنابز بالألقاب والتستر وراء الكنايات والأستعارات لأن التاريخ لم يعد فيه هامش يسمح لنا بفك رموز الأحاجي والكشف عن الوجوه المغطاة بأغشية الوهم الموغل في العبثية اللا متناهية !
يحي ولد مقامه