حدثني أحد العارفين ببواطن القصر الرمادي أن السلطات الموريتانية هي التي استدرجت مدير مخابرات القذافي ، عبدالله السنوسي اللذين كان يقيم في المغرب ويخشى من القبض عليه في أية لحظة .
خطة الاستدراج كانت بسيطة وتلخصت في منحه وعدا بالإقامة معززا مكرما مقابل أموال يجود بها الرجل على الجنرال وبعض بطانته واستقر الحديث على مبلغ ٢٠ مليون دولار يدفعها السنوسي على دفعات ومن حسابات متفرقة وعلى آجال متعددة.
لم يكن مدير المخابرات الرهيب في عهد القذافي يثق في أي من الوسطاء اللذين فاوضوه ومنهم مسؤولون كانو على صلة بالقذافي، بعد وصول السنوسي إلى انواكشوط تغيرت الموازين فقد وجد بعض بطانة الرئيس أن هذا الصيد أثمن من أن يباع على دفعات غير مضمونة ، وأنه لكي تحقق البطانة سعرا ممتازا في رجل ثمين فإنه على الحكومة الموريتانية أن تطلق مناقصة دولية تعرض فيها السنوسي للبيع في المزاد العالمي العلني ، فأبلغت المخابرات الموريتانية كل أجهزة المخابرات في العالم بأن السنوسي لديها وحددت أسعار الخدمات من الاستجواب إلى التسليم فكان من الدول التي دفعت مقابل استجواب السنوسي ، لبنان مثلا الذي تسعى حكومتها المقربة من حزب الله للحصول على معلومات عن اختفاء موسى الصدر في ليبيا في سبعينيات القرن الماضي، لذلك أرسلت محققين إلى انواكشوط وسمح لهم باستجواب السنوسي لكن بعد الدفع مقدما طبعا.
دول أخرى مثل بريطانيا كانت تحتاج معلومات عن طائرة لوكربي دفعت هي أيضا في مزاد الاستجواب.
لكن الصفقة المهمة بالنسبة للقصر الرمادي كانت فيمن يتسلم السنوسي حيّا يرزق وله أن يفعل به مايشاء بعد أن يدفع طبعا ثمنه بالتمام والكمال، في هذه الصفقة بالذات وقع الاختيار على الحكومة الليبية المؤقتة المشكلة من ثوار معظمهم موتورون من القذافي ورجاله ويعني لهم صيد مثل السنوسي الكثير ، علاوة على أنهم سيدفعون بسخاء ودون شوشرة أوفضائح ، لأن المال مال الشعب وهم يسرقونه بمناسبة أو بغيرها، وعلى عكس الراجح والمشهور في أن الصفقة تمت بالتراضي فإن المفاوضات بشأنها كانت ماراتونية ومرهقة ، وقد طلبت حكومتنا في البداية مبلغ ١٠٠ مليار من الأوقية لكنها وبعض مفاوضات شاقة قبلت بنصف هذا المبلغ ، خاصة أن معظم دول العالم لم تبدي حماسا في المزايدة في هذا المزاد
معضلة الشعب الموريتاني في هذه الصفقة ليست في أنها خيانة لمستجير لعبدالله السنوسي المشهور بإرهابه وبطشه قد لايجد لدينا من يعارض تسليمه بدون مقابل حتى إلى الشيطان الرجيم.
لكن مشكلتنا نحن الموريتانيين أننا وكما يقول المثل المصري " خرجنا من المولد بلا حمص" حيث سلم السنوسي وقبض الجنرال وبطانته ثمنه وترك لنا وصلا من البنك المركزي الليبي يحمل شعار " هدية إلى الشعب الموريتاني "