عقدت لجنة مُراقبة الدولة، التابعة للكنيست الإسرائيليّ، الأحد، عقدت جلسةً خاصّةً في مستوطنة (نتيف هعساره)، المتاخم لقطاع غزّة، والواقعة ضمن مستوطنات “غلاف غزّة”، بهدف الاستماع لشكاوى سكّان المنطقة، الذين أكّدوا للنواب على أنّهم يسمعون عناصر حماس تحت بيوتهم وهم يحفرون الأنفاق ويتحدّثون باللغة العربيّة. وبحسب التقرير، الذي بثته القناة الثانية بالتلفزيون الإسرائيليّ، فإنّ مندوب وزارة الأمن الإسرائيليّة، الذي شارك في الجلسة، وتعرّض لوابلٍ من الاتهامات، رفض الكشف عن الأعمال التي قامت وتقوم بها الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة لدرء هذا الخطر، الذي اعتبره إستراتيجيًا، بحسب تعبيره.
ولفت مُرسال التلفزيون إلى أنّ الهلع والفزع والتوجّس باتوا يلازمون سكّان المنطقة، في حين قال رئيس المجلس المحليّ إنّ وزارة الأمن لا يُمكن أنْ تزعم في المُستقبل بأنّها لم تعرف عن الأنفاق، لأننّا أخبرناها في الوقت الصحيح والدقيق، بحسب تعبيره.
أمّا مُحلل الشؤون العربيّة في القناة الثانية، المُستشرق إيهود يعاري، فنقل عن مصادر أمنيّة وصفها بأنّها رفيعة المُستوى قولها هل خطر الأنفاق يُحتّم على إسرائيل الشروع في حربٍ جديدةٍ على غزّة، في الوقت الذي تخشى فيه من اندلاع المواجهة في الشمال مع حزب الله اللبنانيّ. أمّا مُحلل الشؤون العسكريّة في (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل فقال إنّه في الأسابيع الأخيرة، منذ النشر حول إصلاح الأنفاق الهجومية لحماس، سُمعت تصريحات عديدة، حيث قال مسؤولون إسرائيليون منهم وزير الأمن ورئيس الأركان ووزير التعليم إنّ هناك إمكانية لأنْ تعود حماس للهجوم عن طريق الإنفاق، لافتًا إلى أنّه خلال لقاء بين ضابط من لواء غزة مع أعضاء أحد المجالس المحلية قال إنّ حماس مستعدة للجولة القادمة، وحماس من ناحيتها ردت بالتهديد من خلال وسائل الإعلام الفلسطينية. وأكّد أنّ ما يحدث في الميدان لا يقل أهمية، حيث تزداد الحوادث والأخطاء التي تتعرض لها حماس تحت الأرض، الأمر الذي يعني انتهاء الاستعدادات هناك من اجل مواجهة محتملة، وشدّدّ على أنّ هناك سباق ضدّ الزمن: حماس توجد تحت الضغط من اجل إنهاء تجهيز الإنفاق، في الوقت الذي تُحاول فيه إسرائيل الكشف عن الأنفاق الهجومية في أراضيها انطلاقًا من فرضية أنّ حماس ستستخدمها خلال وقت قصير. وأشار إلى الحرب الأخيرة، وقال إنّ العمليات عن طريق الإنفاق، ودخول قوات الجيش إلى إطراف القطاع لتدميرها، هي التي أدّت إلى الإصابات الكثيرة في الجانب الإسرائيليّ. كما أوضح أنّ اهتمام حماس بالإنفاق كسلاحٍ هجوميّ بات كبيرًا، واضطرت حماس إلى الاعتماد على التصنيع الذاتي للقذائف التي ليست بالمستوى المطلوب ومداها محدود والضرر الذي تتسبب به أقل.
وقال المُحلل أيضًا إنّه في حال اندلاع مواجهة مستقبلية يحتمل أنْ تُبادر حماس إلى خطوات فجائية مثلما فعلت عن طريق طائرات بدون طيّار ودخول فرق كوماندوز بحريّة، لكنّ إسرائيل أثبتت قدرتها على إفشال هذه الهجمات في 2014. وأوضح هارئيل، الذي اعتمد في تقريره على مصادر رفيعة في المؤسسة الأمنيّة بتل أبيب، أوضح أنّه من ناحية التفكير العسكريّ يبدو أنّ حماس تقترب من الأفكار العملية لحزب الله بعد حرب لبنان الثانية، رغم أنّ هذا لم يُطبّق بعد. ولفت إلى أنّ تصريحات مختلفة لنصر الله، شدّدّت على الحاجة إلى المبادرة إلى خطوة مفاجئة تضع حماس في حالة تفوق منذ المرحلة الأولى للحرب، مُوضحًا أنّه في إسرائيل فسّروا ذلك على أنّه نية محتملة لتنفيذ العمليات، محاولة للسيطرة على منطقة إسرائيليّة أوْ معسكر للجيش قرب الحدود من اجل القتل والخطف، في حال اندلعت حرب في المستقبل.
واستدرك هارئيل قائلاً إنّه في 2014 لم تنجح حماس في إحداث مفاجئة كهذه لأنّ الحرب اندلعت بعد أسبوع من التصعيد على حدود القطاع، وإذا قررت الذراع العسكريّة المبادرة إلى الهجوم فيبدو أنّها ستُحاول تحييد القيادة السياسية. وبرأيه، فإنّ نقاط ضعف خطوة كهذه واضحة لحماس، فلم يستيقظ القطاع بعد من الدمار الذي سببته الحرب السابقة مع إسرائيل وآلاف المنازل التي لم يتم إعادة تشييدها حتى اللحظة. ووفقًا لمصادره، فإنّ التفوق العسكريّ والاستخباريّ للجيش الإسرائيليّ واضح، وغياب مخزون كبير من القذائف الدقيقة والضرر الذي ستتسبب به حماس للجبهة الداخلية الإسرائيلية، يُتوقّع أنْ يكون محدودًا. لكن، زاد المُحلل، الحصار الفيزيائيّ والشعور بالحصار السياسيّ الذي تشعر به حماس قد يدفعانها إلى العمل، وتحديدًا إذا كانت القيادة العسكريّة لحماس تعتقد أنّه يمكن أسر جنود إسرائيليين، وبالتالي تفرض على إسرائيل صفقة تبادل أسرى أخرى.
وأضاف: هناك أمران من شأنهما إحداث التدهور في القطاع: الأوّل، محاولة حماس تنفيذ ضربة استباقية من خلال عدة أنفاق هجومية في نفس الوقت خشية من أن تكشفها إسرائيل وتقوم بتدميرها. الثاني، نجاح محاولات المنظمة في تنفيذ عمليات كبيرة في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، الأمر الذي سيُسرع الرد الإسرائيليّ في القطاع. وخلُص إلى القول لكنّ الحرب الجديدة في غزة ليست قدرًا، ومنع اندلاعها يرتبط أيضًا بتل أبيب وبسلوك مدروس من المستوى السياسيّ، إضافةً إلى نجاح الجيش و”الشاباك” في إفشال خطط حماس الهجوميّة، على حدّ تعبيره.
"رأي اليوم"