
أكد رئيس محكمة الحسابات احميده أحمد، أن المحكمة تمارس عملها وصلاحياتها بكل حرية دون تدخل من أي جهة أيا كانت، مشيرا إلى أن تقرير المحكمة السنوي أصبح يتم نشره بشكل منتظم خلال الخمس سنوات الأخيرة، مبينا أن هذا الانفتاح غير المسبوق، يأتي انسجاما مع إرادة السلطات العليا في الدولة، الرامية إلى ترسيخ الشفافية والمساءلة.
وأضاف خلال المؤتمر الصحفي الذي نظمه مساء الاثنين، أن المحكمة تساهم بعملها الدائم والمنتظم في مجال التدقيق والتقييم والإعلام والمشورة في تحقيق حماية الأموال العمومية، وتحسين طرق وتقنيات التسيير وعقلنة العمل الإداري، إضافة لتقييم السياسات الحكومية، موضحا أن محكمة الحسابات ليست مجرد هيئة تدقيق واستشارة، بل هي كذلك جهة قضائية مالية.
وقال إن التقرير الذي تم تقديمه، جاء نتيجة ثمرة عمل جماعي ومنهجي قام به قضاة المحكمة، مبرزا أنه نتج عن أكثر من عام من عمليات تدقيق دقيقة، ومقابلات وتحقيقات ميدانية، كما تم تحليل كل ملاحظة في ضوء ردود الإدارات المعنية قبل اعتمادها من طرف غرفة المشورة، موضحا أن التقرير يرتكز على منهجية دقيقة تتضمن، التخطيط السنوي لمهام التدقيق والمراجعة، إضافة لعمليات الرقابة على الوثائق وفي عين المكان في الوزارات والمؤسسات العمومية والمجموعات المحلية، وكذا عمليات تدقيق مالية على الأداء والمطابقة تغطي التنفيذ الميزانوي والطلبية العمومية والتدفقات المالية، ومرحلة الحضورية التي تتيح للمسؤولين المعنيين الرد على الملاحظات، وأخيرا اعتماد التقرير في غرفة المشورة قبل إحالته ونشره، لافتا إلى أن هذه المقاربة تهدف إلى ضمان الصرامة والإنصاف والموضوعية في النتائج.
وخلص إلى أن التقرير العام السنوي يغطي سنتي 2022، 2023، ويسلط الضوء على نواقص في تحصيل الإيرادات وتأخر في تنفيذ الميزانية، إضافة لمخالفات في الصفقات العمومية، تتعلق باختلالات إدارية أكثر منها أفعال احتيالية، وضعف في أنظمة الرقابة الداخلية، ونقص في التنسيق بين بعض الكيانات، وتأخر في الفوترة والتحصيل وتبرير النفقات، إلى جانب تحسينات تدريجية، خاصة في تطبيق الرقابة الداخلية والشفافية المحاسبية.
ولفت إلى أن الملاحظات الواردة في التقرير، تتعلق بأخطاء واختلالات إدارية وبمخالفات تسيير أو أخطاء إجرائية، موضحا أن المحكمة تقدمت خلال التقرير بتوصيات تصحيحية لها، كما ستقوم بمتابعة ومعاقبة ما يتعلق بأخطاء التسيير التي تندرج ضمن صلاحياتها في مجال التأديب المالي، مشيرا إلى انه فيما يتعلق بالمخالفات التي تترتب عليها عقوبات تأديبية، ستقوم المحكمة بمراسلة السلطة التنفيذية لاتخاذ ما يلزم، مؤكدا أنه خلال التقرير يتضح أنه لم يتم الوقوف على ممارسات يمكن تكييفها احتيالا أو اختلاسا فيما يتعلق بالملفات التي كانت موضع التدقيق.
وبين أن الهدف من نشر التقرير، ليس التشهير أو الإدانة، بل فتح نقاش بناء حول سبل تحسين تسيير الموارد العمومية، مبينا أن الهدف الجوهري هو تعزيز الشفافية ورفع الأداء وتكريس المسؤولية في تسيير الأموال العمومية، لافتا إلى أنه من خلال نشر هذا التقرير، تكون المحكمة قد انخرطت بالكامل في النهج الوطني للحكامة الرشيدة الذي تتبناه السلطات العمومية، والمبني على إرادة فعالة ومسؤولة في خدمة المواطن.
وأكد أن نشر التقرير بشكل منتظم يعد عملا من أعمال الشفافية والمسؤولية، كما يعكس الإرادة المشتركة للدولة ومحكمة الحسابات في بناء إدارة أكثر كفاءة ونزاهة، مشيرا إلى أنه لا ينبغي استغلاله لأغراض تزعزع الاستقرار السياسي، ولا ان يكون ذريعة لتصفية الحسابات الشخصية أو الحزبية، كما لا يجب ان يكون مصدر جدل أو سجال، بل أداة للإصلاح والتقدم الجماعي وترسيخ الشفافية العمومية، داعيا باسم المحكمة، كل المواطنين ووسائل الإعلام والمجتمع المدني إلى مواكبة جهود المحكمة بمتابعة موضوعية ومسؤولة وبناءة في إطار احترام حقيقة الوقائع، موضحا أنه وفاء لتفويضها الدستوري، ستواصل المحكمة عملها بشفافية وصرامة لضمان أن تصرف كل أوقية فيما يخدم المواطن ومستقبل الوطن.