
تشهد منطقة الشرق الأوسط المركز خلال الربع الأول من سنة 2025 حالة تأرجح بين التسويات السياسية وما قد تجلبه من استقرار لزمن محدد وبين أخطار مواجهات عسكرية صغيرة أو كبيرة لها أبعاد يمكن أن تتجاوز حدود الإقليم الواقع في غرب آسيا.
وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس في غزة وتل أبيب الذي تم الشروع في تطبيقه يوم 19 يناير 2025 يتأرجح بين التوصل إلى تفاهم حول تطبيق المرحلة الثانية منه أو استئناف القتال. الرئيس الأمريكي ترامب ورغم التصريحات النارية التي يطلقها وتدعم إسرائيل لا يريد تصعيدا عسكريا يضر بمخططات البيت الأبيض في الشرق الأوسط ويضعف رغبته في تركيز ثقل واشنطن في الشرق لمواجهة صعود الصين الجارف، في تل أبيب هناك تياران يصفهما الإعلام الغربي بين اليمين المتطرف واليمين "العادي" الأول يحث على مواصلة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة حتى النجاح في إفراغ القطاع من سكانه وتصفية حركة حماس حتى لو أدى ذلك إلى حرب مع مصر، في حين يريد الجانب الصهيوني الآخر تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق وكسب الوقت لإعادة بناء قدرات الجيش الإسرائيلي المنهك من حرب استمرت 15 شهرا، إلى مستويات تمكنه من مواجهة حماس بشكل أفضل من السابق وما قد يترتب من تصعيد على مختلف الجبهات التي تهدد إسرائيل.
تحركات القوات اليمنية على المد خل الجنوبي للبحر الأحمر وتهديد صنعاء باستئناف قصف إسرائيل وحظر مرور سفنها من مضيق باب المندب إذا لم ترفع تل أبيب الحصار على دخول الإمدادات إلى غزة يعقد المواقف المتأرجحة لواشنطن وتل أبيب.
إلى الشمال من قطاع غزة تستمر المماطلات الإسرائيلية في الانسحاب من آخر خمس نقاط من جنوب لبنان قرب خط الحدود المعترف به دوليا بين لبنان وفلسطين المحتلة، في نفس الوقت تخرق إسرائيل اتفاقها مع لبنان بمواصلة الغارات الجوية على مواقع حزب الله اللبناني الذي يسعى لاستعادة تنظيم صفوفه بعد نجاح تل أبيب بالتعاون مع حلفائها الغربيين في تصفية الجزء الأكبر من قياداته، في نفس الوقت تحاول واشنطن بالتعاون مع أطراف أخرى إيجاد السبل والوسائل لنزع سلاح حزب الله وقطع خطوط إمداداته بالسلاح والمال لأنها تدرك حجم قدرته على ردع تل أبيب. هذه الجهود الأمريكية الغربية ضد حزب الله تواجه تحديا أساسيا من تطور التحالفات سواء إقليميا أو دوليا حيث تفيد تقارير مخابرات غربية أن كلا من موسكو وبكين تعزز علاقاتها مع الحزب اللبناني ليس فقط لدوره في مواجهة النفوذ الغربي بالشرق الأوسط بل لكونه عنصر توازن عسكري في شرق المتوسط.
في سوريا وبعد النجاح في إسقاط حزب البعث بعد حرب شبهدولية دامت 14 سنة، تستمر المواجهات غير المباشرة بين تركيا التي دعمت حكام دمشق الجدد والولايات المتحدة الأمريكية حول تنظيم قسد الكردي الانفصالي في سوريا الذي يشكل جزء من المشروع الأوسع الذي تسانده وتدعمه واشنطن ودول غربية لإقامة دولة كردية باقتطاع أراض من تركيا وسوريا والعراق وإيران. وفي داخل سوريا حيث لا تزال عملية تصفية 14 تنظيما مسلحا ودمجهم في الجيش السوري الجديد معلقة، تتصاعد المواجهات المسلحة العنيفة في منطقة الساحل السوري أساسا اللاذقية وطرطوس وجبل العلويين بين قوات الأمن الجديدة ومسلحينالمعارضين للنظام.
بعيدا قليلا إلى الشرق، يتأزم الوضع بسبب المواجهات الأمريكية الإسرائيلية الإيرانية حول البرنامج النووي الإيراني، وتؤكد مصادر غربية خاصة أن طهران قررت امتلاك السلاح النووي لأنه الضمانة الوحيدة لاستقرارها والحفاظ على أمنها في مواجهة التهديدات الغربية الإسرائيلية ووجودها بجوار ثلاث قوى نووية إسرائيل والهند وباكستان. وتشير معلومات واردة من العاصمة الألمانية برلين نقلا عن مصادر رصد أن طهران في طريقها لصنع ما بين 5 و8 قنابل نووية قبل نهاية شهر سبتمبر 2025 والوصول إلى وضع مشابه لكوريا الشمالية.
حماس ترفض نزع سلاحها
رفض القيادي في حركة "حماس" سامي أبو زهري الدعوات الإسرائيلية والأمريكية المطالبة الحركة بنزع سلاحها، مؤكدا أن حق الحركة في المقاومة غير قابل للتفاوض.
وقال أبو زهري لوكالة "رويترز" يوم 4 مارس على هامش القمة العربية التي عقدت في القاهرة إن "سلاح المقاومة خط أحمر، وهو غير قابل للتفاوض"، مشددا على "أننا لن نقبل أي صفقة لمبادلته بإعادة الاعمار أو دخول المساعدات".
وأكد أن "الحركة ترفض أي محاولة لفرض مشاريع أو أي شكل من أشكال الإدارة غير الفلسطينية أو وجود أي قوات أجنبية على أراضي قطاع غزة".
بعد حوالي 48 ساعة أكدت حركة حماس يوم الخميس 6 مارس إن تهديدات الرئيس الأمريكي ترامب المتكررة للفلسطينيين تشكل دعما لرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتشديد الحصار على الفلسطينيين في القطاع.
ترامب كان قد طالب حماس يوم الأربعاء عبر منشور على موقع للتواصل الاجتماعي "بإطلاق سراح جميع الرهائن الآن، وليس لاحقا" بما في ذلك تسليم رفات القتلى منهم "وإلا فإن الأمر سينتهي بالنسبة لكم". وقرب نهاية منشوره، وجه ترامب حديثه إلى شعب غزة وقال أنتم أموات إذا استمر احتجاز رهائن في القطاع.
وندد مدافعون عن حقوق الإنسان والمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي بما ورد في حديث ترامب من تحذيرات موجهة لسكان غزة، وقالوا إنه يصل لمستوى التشجيع على العقاب الجماعي وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي.
وجاءت تهديدات ترامب في اليوم الذي وردت فيه أنباء عن إجراء مبعوث من الإدارة الأمريكية محادثات سرية مع حماس، في خطوة أثارت انتقادات إسرائيلية كما تشير إلى التخلي عن سياسة أمريكية استمرت لعقود بعدم التفاوض مع الحركة التي تعتبرها واشنطن منظمة إرهابية.
وفي كلمة نقلت عبر التلفزيون، قال أبو عبيدة المتحدث باسم الجناح العسكري لحماس "تهديدات العدو بالحرب والحصار لن تحقق سوى الخيبة للعدو ولن تؤدي إلى الإفراج عن أسراه".
وأضاف “بل على العكس سينال أسرى العدو المتبقيين ذات المعاناة كما كل شعبنا وإننا نحذر عائلات أسرى الاحتلال وكل ما يعنيه الأمر بأن لدينا إثبات حياة حتى اليوم لما تبقى من أسرى العدو الأحياء وأي تصعيد على غزة سيؤدي غالبا إلى مقتل بعض أسرى العدو كما حدث من قبل في الكثير من الحالات”.
وتوقف القتال في غزة منذ 19 يناير، وأطلقت حماس سراح 33 أسير وأسيرة إسرائيلية وخمسة تايلانديين مقابل نحو ألفي سجين ومعتقل فلسطيني. وتعتقد السلطات الإسرائيلية أن أقل من نصف 59 رهينة متبقين في غزة ما زالوا على قيد الحياة.
خريطة الشرق الأوسط
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يوم 5 مارس أن "حربنا ليست في قطاع غزة فقط، بل سنعمل على تغيير خريطة الشرق الأوسط.
وخلال حفل ترقية رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، إيال زمير (58 عاما)، قال نتنياهو: "بمساعدة أمريكا يحصل جيشنا على المزيد من الأسلحة، ونحن ملتزمون بعودة كافة الرهائن، وسنستعيدهم وسننتصر بالحرب".
ولفت إلى "أننا خضنا حربا متعددة الجبهات وستكون نتائجها واضحة لأجيال قادمة وسنحقق كل أهداف الحرب ومنها القضاء على حركة حماس سلطويا ومدنيا"، مضيفا: "وصلنا إلى قمة جبل الشيخ بسوريا وغيرنا وجه الشرق الأوسط".
وشدد نتنياهو على "أننا نستطيع الرد بقوة على كل من يهددنا"، محذرا من "قوة الرد بحرب شعواء على كل من يهددها".
وأقيم حفل ترقية زمير إلى رتبة فريق في مقر الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، ويتولى زمير منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بدلا من الجنرال هرتسي هاليفي، الذي استقال بسبب فشل الجيش في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.
وجاءت تصريحات نتنياهو بعد ساعات من تأكيد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن تل أبيب لن تسمح لمصر بانتهاك معاهدة السلام الموقعة بينهما في عام 1979.
وذكر الوزير في كلمة باللغة العبرية نقلتها صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، الاثنين، أثناء إحياء ذكرى وفاة رئيس الوزراء السابق، مناحيم بيغن، إن مصر "أكبر وأقوى دولة عربية ولا تزال كذلك"، والمعاهدة "أخرجت مصر من دائرة الحرب".
ووصف المعاهدة بأنها "قرار قيادي تاريخي غير واقع إسرائيل ولا يزال كذلك حتى اليوم"، مضيفا أن إسرائيل "لن تسمح بانتهاكات الاتفاق أو انتهاكات بنيوية".
ومنذ أعلنت مصر رفضها خطة ترامب، لتهجير سكان غزة ونقلهم إلى دول أخرى، تحدثت تقارير إسرائيلية عدة عن تحركات عسكرية مصرية في سيناء.
وغالبية هذه التقارير التي صدرت عن صحف من بينها جيروزاليم بوست وإسرائيل هيوم ركزت على صور أقمار صناعية مزعومة تشير إلى نقل الجيش المصري أسلحة وعتاد وإقامة حواجز.
وفي حين لم ترد هذه البيانات عن مصادر إسرائيلية رسمية، خرج السفير الإسرائيلي للولايات المتحدة، يخيئيل لايتر، ليدلي بتصريحات تسير في هذا الاتجاه.
وتحدث السفير في تصريحاته المتلفزة عما اعتبره "وجودا عسكريا متزايدا" للجيش المصري في شبه جزيرة سيناء، و"انتهاكا" لمعاهدة السلام، "مصر تنتهك اتفاق السلام في سيناء بشكل خطير للغاية. وهذه قضية سوف تبرز إلى الواجهة، لأن هذا الوضع غير مقبول".
وصرح إن "هناك قواعد قيد الإنشاء، ولا يمكن استخدامها إلا في العمليات الهجومية والأسلحة الهجومية. وهذا انتهاك واضح. ولفترة طويلة، تم تهميش هذه القضية، ولكنها مستمرة. وسوف نضعها على الطاولة قريبا جدا وبكل تأكيد".
وحذر مسؤولون مصريون إسرائيل، مؤخرا، من أن السماح بتدفق اللاجئين إلى سيناء يعرض معاهدة السلام للخطر.
المقاومة اللبنانية مستمرة
في العاصمة اللبنانية بيروت أكد الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم التمسك بثوابت المقاومة وخطها في المرحلة المقبلة.
وعلى صعيد الحرب ضد الاحتلال الإسرائيلي، قال الشيخ قسم "إننا واجهنا الكيان الإسرائيلي ومن ورائه الطاغوت الأكبر أمريكا التي واجهت غزة وفلسطين ولبنان والعراق وإيران".
وأشار إلى "حجم الضغط الذي كان غير مسبوق على المقاومة ومجاهديها وبيئتها ولكن حجم الصمود في المقابل كان غير مسبوق أيضا". وفي هذا السياق، تطرق الشيخ قاسم إلى مسألة الأسرى متوجهاً إليهم بالتحية، ومشددا على عدم تركهم لدى الكيان الإسرائيلي.
وبشأن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وكيان الاحتلال، أكد الشيخ قاسم أن لبنان التزم بالاتفاق ولم تلتزم به إسرائيل، لافتاإلى مسؤولية الدولة اللبنانية بعد انتهاء مهلة الاتفاق للانسحاب الإسرائيلي.
وقال الشيخ قاسم "وافقنا على طلب العدو وقف إطلاق النار لأن لا مصلحة لنا باستمرار القتال من دون أفق سياسي ولا ميداني"، موضحا أن ذلك مثل نقطة قوة.
وذكر الشيخ قاسم أن المقاومة موجودة ومستمرة في جاهزيتها وقوية عددا وعدة وأن "النصر الحتمي آت"، مضيفا أن المقاومة هي "خيارنا الإيماني والسياسي، وهي حق وهي حياة الشعوب الحرة للتحرير، ولا يستطيع أحد أن يسلبنا هذا الحق".
وأضاف أننا أصبحنا الآن في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وكيفية التعامل معها، وقال "سنمارس عملنا في المقاومة نصبر أو نطلق متى نرى مناسبا"، مشددا على أنه "لن تأخذوا بالسياسة ما لم تأخذوه بالحرب".
ورفض قبول تحكم الولايات المتحدة في البلاد، مشددا على الانسحاب الإسرائيلي من المناطق التي لا تزال محتلة. وهنا دعا "دعاة السيادة إلى الاستيقاظ وإسماع كلمة" ضد "إسرائيل" أو أمريكا.
وفي ما يتعلّق بالدولة اللبنانية، شدد الأمين العام لحزب الله على المشاركة في بناء الدولة القوية العادلة والمساهمة في نهضتها تحت سقف اتفاق الطائف، مشيرا إلى أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، و"نحن من أبنائه"، مؤكداً الموقف الواحد بين حزب الله وحركة أمل.
وعبر الشيخ قاسم عن دعم دور الجيش والتمسك بطرد الاحتلال وإعادة الاعمار والحرص على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.
ضغوط واشنطن
جاء في تقرير نشر في واشنطن يوم 5 مارس في الوقت الذي تتكثف ضغوط الإدارة الأمريكية على حكومة لبنان لنزع سلاح حزب الله:
على وقع استمرار التصعيد في التصريحات، تتزايد التساؤلات حول ما إذا كان حزب الله يستعد لجولة جديدة من المواجهة، أم أنه يستخدم التهديدات ورقة ضغط في إطار حرب نفسية وفي محاولة للهروب من أزمته في لبنان إثر خسائره الأخيرة.
وأثار تصريح مسؤول ملف الموارد والحدود في الحزب، نواف الموسوي، الجدل حول نوايا حزب الله، حيث أكد في حديث لقناة "الميادين" يوم الاثنين 3 مارس، أن الحزب قادر على المواجهة "إذا عوض القصور وأنهى التقصير وحل الاختراقات التقنية والبشرية".
ويحمل هذا التصريح إعترافا مباشرا بنجاح إسرائيل في اختراق الحزب، بشريا وتقنيا. بيد أنه يعكس، في المقابل، استمرار الحزب في تبني النهج العسكري.
على مدى سنوات طويلة، نجح حزب الله في بناء "إمبراطورية مالية"، إلا أن سقوط حليفه في سوريا والتغيرات الجيوسياسية في المنطقة، وضعه أمام تحديات مالية.
وخلال الجولة الأخيرة من المواجهات، تعرض حزب الله لضربات إسرائيلية استهدفت بنيته القيادية اللوجستية والعسكرية، لكنه واصل التلويح بالتصعيد، رغم قبوله باتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل تنفيذ القرارين الدوليين 1701 و1559.
في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إسرائيل تستعد "للمراحل المقبلة من حرب "النهضة" على سبع جبهات"، مؤكدا أن العمليات العسكرية لن تتوقف قبل تحقيق "كل أهداف النصر"، ما يشير إلى توجه إسرائيلي نحو توسيع رقعة المواجهة.
في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مطروحا: هل لبنان متجه نحو مواجهة عسكرية جديدة بين حزب الله وإسرائيل، أم أن الحزب سيكتفي باستخدام التصعيد الكلامي لتحقيق مكاسب سياسية داخلية وخارجية؟
عكست تصريحات الموسوي حجم التحديات الأمنية التي يواجهها حزب الله، وفق ما يؤكده الباحث في الشأن السياسي، نضال السبع.
وأشار السبع إلى أن هذه التحديات دفعت الحزب إلى "تجنب الوسائل التقنية في المراسلات والاعتماد على الرسائل الورقية، في مؤشر واضح إلى مخاوفه من الاختراقات الإستخباراتية".
وشكلت عملية تفجير "البيجر" وأجهزة الاتصالات اللاسلكية في لبنان، التي وقعت في سبتمبر 2024 وأسفرت عن مقتل عشرات الأشخاص وإصابة أكثر من 2800 آخرين، معظمهم من حزب الله، واحدة من أهم الاختراقات الأمنية التي طالت الحزب.
وبحسب رئيس الموساد الإسرائيلي، دافيد برنياع، فقد تم "التخطيط للعملية بطريقة إبداعية من قبل موظفي الموساد، مستفيدين من الحنكة والدهاء".
وأضاف في تصريح، يوم 25 فبراير 2025، أن العملية تعكس "اختراقا استخباراتيا عميقا، وفهما دقيقا للعدو، إلى جانب تفوق تكنولوجي وقدرات عملاتية من الدرجة الأولى".
ورغم أن حزب الله، تعرض، في الأشهر الأخيرة، وفق السبع "لضربات إسرائيلية مؤلمة".
وبحسب التصريحات الإسرائيلية، فقد استهدفت هذه الضربات 70 في المئة من قدراته، ما يعني أنه لا يزال يحتفظ بـ30 في المئة من ترسانته، بما في ذلك الصواريخ الدقيقة.
وتساءل السبع: "هل هذه النسبة المتبقية كافية لخوض معركة واسعة؟"، ليجيب قائلا إنه يشك في ذلك.
وشدد السبع على أن امتلاك السلاح شيء، لكن القدرة على استخدامه بفعالية في ظل الضغوط الأمنية والتحديات اللوجستية شيء آخر.
وأوضح أن "أي مواجهة شاملة تحتاج إلى إدارة عسكرية محكمة، وتأمين خطوط الإمداد، وضمان استمرارية القتال، وهو أمر ازداد تعقيدا بعد اغتيال معظم قادة الحزب، وقطع خطوط إمداده بالسلاح والمال، إلى جانب الاختراقات الإستخباراتية".
ورأى رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد الركن المتقاعد هشام جابر، أن حزب الله أطلق تحقيقات بشأن الاختراقات التقنية والبشرية التي تعرض لها.
ولفت إلى إمكانية تجاوز هذه العقبات إذا تم كشف العملاء والوصول إلى الحقائق، لكنه في الوقت ذاته حذر من أن إسرائيل قد تتمكن من اختراق الحزب مجددا.
أما بشأن احتمال اندلاع مواجهة جديدة بين حزب الله وإسرائيل، فرأى جابر، خلال حديث مع موقع "الحرة"، أن ذلك "وارد".
وأشار إلى أنه إذا استمر الوجود الإسرائيلي في التلال الخمس المحتلة، وفشلت الجهود الدبلوماسية خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، فقد يلجأ الحزب إلى "المقاومة المحلية".
وأضاف "لن يتم قصف شمال إسرائيل بشكل مباشر، بل ستركز العمليات على استهداف التلال المحتلة ضمن القرى، على غرار الوضع الذي كان قائما قبل عام 2000".
وأضاف "إذا ردت إسرائيل بقصف مناطق في جنوب لبنان، فقد يتوسع نطاق المواجهة، وفي حال استهداف مناطق في شمال الليطاني، قد نشهد تصعيدا سريعا وخارجا عن السيطرة".
وأكد جابر أن "حزب الله يمتلك القدرة العسكرية على المواجهة، لكنه سياسيا لن يقدم على أي خطوة تصعيدية قبل استنفاد جميع الوسائل الدبلوماسية عبر الدولة اللبنانية".
تجدر الإشارة إلى أنه في 27 نوفمبر 2024، دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل حيز التنفيذ، وذلك بعد أشهر من المواجهات العسكرية المتبادلة، التي اندلعت على خلفية دعم حزب الله لجبهة غزة.
وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست"، فإنه بين 8 أكتوبر 2023 و26 نوفمبر 2024، تقدر خسائر حزب الله البشرية بما يتراوح بين 2,500 و3,000 مقاتل.
وتشير البيانات إلى أن معظم هذه الخسائر وقعت منذ منتصف سبتمبر، رغم مقتل عدة مئات من مقاتلي الحزب في الأشهر السابقة.
ورغم هذه الضربات، لا يزال الحزب يحتفظ بعشرات الآلاف من المقاتلين، إلا أن غالبيتهم من العناصر الميدانية، بينما فقد معظم قياداته العسكرية.
أما بالنسبة لترسانة الحزب الصاروخية، فقد ذكرت الصحيفة، في 27 نوفمبر 2024، أن عدد الصواريخ انخفض من أكثر من 150000 إلى نحو 30000، رغم أن هذه التقديرات ليست مؤكدة بالكامل.
ومع ذلك، فإن امتلاك الحزب لهذا العدد من الصواريخ يجعله لا يزال يشكل قوة نارية تفوق ضعف ما كانت تمتلكه حركة حماس قبل اندلاع الحرب الحالية، كما أن نوعية الصواريخ مختلفة تماما.
بين التصعيد والحرب النفسية
أما بشأن تصريحات نتنياهو حول استعداد إسرائيل لخوض حرب على سبع جبهات، فاعتبر السبع أنها "مبالغ فيها وتهدف إلى تضخيم التهديدات الأمنية".
وأضاف أن "نتنياهو يسعى إلى تسويق فكرة أن إسرائيل تواجه أخطارا متعددة، لكن في الواقع، لا يمكن اعتبار غزة واليمن والعراق جبهات رئيسية، نظرا لمحدودية تأثيرها العسكري المباشر على إسرائيل".
وأشار السبع إلى أن الجبهة الأكثر خطورة بالنسبة لإسرائيل تظل جنوب لبنان.
من جانبه، وصف جابر التصريحات الأخيرة لحزب الله بأنها جزء من الحرب النفسية، مشددا على أن "الحزب لن يفتح جبهة جديدة إلا في إطار الدفاع عن النفس".
كما عتبر تصريحات نتنياهو حول الحرب على سبع جبهات "جزءاً من الحرب النفسية كذلك"، مضيفا أن "نتنياهو يسعى إلى تنفيذ عمليات عسكرية محدودة، خاصة أنه يدرك أن الرئيس الأمريكي ترامب لن يسمح له بتوسيع نطاق المواجهة".
معركة جديدة
في سوريا يسود غموض كبير حول المواجهات المسلحة في المنطقة الساحلية، وكالة أنباء رويترز نقلت عن المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم السبت 8 مارس قوله إن أكثر من ألف شخص قتلوا خلال الاشتباكات المستمرة منذ يومين بين مسلحين وقوات الأمن التابعة للحكام الجدد من جهة ومسلحين من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد من جهة أخرى في المنطقة الساحلية من البلاد.
وأضاف المرصد أن من بين القتلى 745 مدنيا و125 فردا من قوات الأمن السورية و148 مسلحا من الموالين للأسد.
ولم يتسن لرويترز التحقق من التقارير بشكل مستقل.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن عمليات القتل الواسعة النطاق في جبلة وبانياس ومناطق محيطة في منطقة تمركز العلويين في سوريا ترقى لأن تكون أسوأ أعمال عنف منذ سنوات في صراع مستمر منذ 13 عاما. وأضاف أن نساء وأطفالا من الأقلية العلوية من بين القتلى.
تحذيرات الاستخبارات الأمريكية
جاء في تقرير نشر في واشنطن يوم الأحد 9 مارس: يبدو أن تحذير مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غارباد من تبعات التطرف والإرهاب في سوريا بات حقيقة بعد أعمال العنف والقتل التي شهدتها مناطق غرب البلاد خلال اليومين السابقين، والاتهامات التي وجهت إلى السلطة السورية الجديدة وعناصرها المسلحة بارتكاب "مجازر" بحق العلويين.
وأشار تقرير لشبكة فوكس نيوز الأمريكية يوم السبت 8 مارس إلى تصريحات غاربارد التي أدلت بها أثناء جلسة مصادقة مجلس الشيوخ على تعيينها في فبراير 2025.
ففي تلك الجلسة، قالت غاربارد ردا على سؤال حول تطورات الأوضاع في سوريا بعد تولي أحمد الشرع مقاليد السلطة في البلاد في أعقاب سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.
"لا أحب الأسد أو أي ديكتاتور. أنا فقط أكره القاعدة. وأكره أن يتقرب قادتنا من المتطرفين الإسلاميين، ويطلقون عليهم اسم المتمردين". وأضافت "الآن تسيطر هيئة تحرير الشام، وهي فرع من تنظيم القاعدة، على سوريا، بقيادة جهادي إسلامي رقص في الشوارع في الحادي عشر من سبتمبر2001، وكان مسؤولاعن قتل العديد من الجنود الأمريكيين".
وفي أول تعليق له على العنف، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن الحكومة ستلاحق "فلول" حكومة بشار الأسد المخلوعة وستقدمهم للمحاكمة. وأضاف "سيحاسب حسابا شديدا كل من يتجاوز على المدنيين العزل".
وأقر مسؤولون سوريون بوقوع “انتهاكات” خلال العملية، وألقوا باللوم فيها على حشود غير منظمة من المدنيين والمقاتلين الذين سعوا إما إلى دعم قوات الأمن الرسمية أو ارتكاب جرائم وسط فوضى القتال.
وذكر مصدر في وزارة الدفاع لوسائل إعلام رسمية إنه جرى إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل وذلك لضبط المخالفات ومنع التجاوزات وعودة الاستقرار تدريجيا إلى المنطقة.
واشنطن وطهران
في تصعيد للمواجهة الأمريكية الإيرانية صرح الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم السبت 8 مارس 2025 إن طهران لن تتفاوض تحت ضغط "البلطجة"، وذلك بعد يوم من إعلان الرئيس الأمريكي ترامب أنه أرسل رسالة إلى أعلى سلطة في البلاد للتفاوض على اتفاق نووي.
وفي مقابلة مع فوكس بيزنس، قال ترامب “هناك طريقتان للتعامل مع إيران: عسكريا، أو إبرام اتفاق”، وذلك لمنعها من امتلاك أسلحة نووية.
ونقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن خامنئي قوله خلال اجتماع مع مسؤولين إيرانيين كبار إن العرض الذي تقدمت به واشنطن لبدء المفاوضات يهدف إلى "فرض رغباتها".
وأضاف دون أن يذكر ترامب بالاسم "إصرار بعض الحكومات التي تمارس البلطجة على المفاوضات ليس لحل القضايا… المحادثات بالنسبة لهم هي طريق لتقديم مطالب جديدة. ليس الأمر عن المسألة النووية الإيرانية فحسب… قطعا لن تقبل إيران رغباتهم".
ورد البيت الأبيض يوم السبت على رفض إيران دعوة ترامب للتفاوض على اتفاق نووي، مكررا تأكيد ترامب بأن التعامل مع طهران سيكون إما عسكريا أو من خلال إبرام اتفاق.
وذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض برايان هيوز في بيان "نأمل أن يضع النظام الإيراني شعبه ومصالحه فوق الإرهاب".
وسبق أن عبر ترامب عن استعداده للتوصل إلى اتفاق مع طهران، لكنه أعاد فرض سياسة "أقصى الضغوط" التي طبقها خلال فترته الرئاسية الأولى لعزل إيران عن الاقتصاد العالمي ودفع صادراتها النفطية إلى الصفر.
وخلال فترة رئاسته الأولى بين عامي 2017 و2021، انسحب ترامب من اتفاق بين إيران والقوى الكبرى فرض قيودا صارمة على أنشطة طهران النووية مقابل تخفيف للعقوبات.
وبعد انسحاب ترامب من الاتفاق في 2018 وإعادة فرض العقوبات، ادعت واشنطن أن إيران ارتكبت عدة انتهاكات وتجاوزات للاتفاق.
وصرح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي إن الوقت ينفد أمام الطرق الدبلوماسية لفرض قيود جديدة على أنشطة إيران، مع استمرار طهران في تسريع تخصيب اليورانيوم إلى درجة قريبة من صنع أسلحة.
وتصر طهران على أن أنشطتها النووية مخصصة للأغراض السلمية فقط.
وذكر خامنئي الذي له القول الفصل في الشؤون الرئيسية للبلاد أنه لا يوجد "سبيل آخر للوقوف في وجه الإكراه والبلطجة".
وأضاف "إنهم يطرحون مطالب جديدة لن تقبلها إيران بالتأكيد، مثل قدراتنا الدفاعية ومدى صواريخنا ونفوذنا الدولي".
ورغم أن طهران تقول إن برنامجها للصواريخ الباليستية دفاعي بحت، فإن الغرب ينظر إليه باعتباره عاملا مزعزعا للاستقرار في الشرق الأوسط.
وأعلنت طهران في الأشهر القليلة الماضية عن إضافات جديدة إلى أسلحتها التقليدية منها أول حاملة طائرات مسيرة وقاعدة بحرية تحت الأرض، وذلك وسط تصاعد التوتر مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
الحل الليبي
في الكونغرس الأمريكي سؤال أساسي حول الإستراتيجية الأفضل لكبح جماح طموحات إيران النووية. يقول السناتور الجمهوري توم كاتن: "أعتقد أن الجميع سوف يرحبون باتفاق دبلوماسي تتخلى فيه إيران عن برنامجها النووي بالكامل كما فعلت ليبيا في عام 2003. إننا نملك خيارين: إما أن نتسامح مع إيران النووية ونأمل في احتوائها، أو أن نستخدم القوة العسكرية لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي".
مساعد وزير الخزانة السابق لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسلي صرح لبرنامج "عاصمة القرار" على قناة الحرة: "بدأت حملة الضغط الاقتصادي الأقصى على إيران تؤتي ثمارها بالفعل، بسبب تجديد فرض العقوبات القائمة وإضافة عقوبات جديدة ومتابعة تنفيذها. وهو ما لم تفعله إدارة بايدن بالقدر الكافي".
بالمقابل لا تعتقد الخبيرة الأمريكية بالشأن الإيراني باربارا سلايفن، أن "حملة الضغط الأقصى ناجحة حتى الآن رغم أنها تجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للإيرانيين العاديين، لكن لا يبدو أنها تؤدي حتى الآن إلى مفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران".
ويجادل الكاتب كوروش زياباري بأن "الثقافة السائدة في واشنطن ترى في العقوبات الحل السحري. ينظر أنصار خنق النظام الإيراني إلى العقوبات كشراب سحري. لكن العقوبات لا تؤثر على العناصر الرجعية داخل النظام الثيوقراطي الإيراني، ومن يقتاتون على الفساد والنخبة الحاكمة بشكل عام. إذا كانت العقوبات تضر بالطبقة الوسطى، فالنخبة الحاكمة لا تكترث لها. وكما قال وزير الخارجية السابق جواد ظريف، أصبحت الولايات المتحدة مدمنة على فرض العقوبات. من نفس المنظور، يمكن القول إن إيران صارت مدمنة على التحايل عليها".
مخزون إيران من اليورانيوم العالي التخصيب ارتفع إلى أكثر من النصف منذ فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية، بحسب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، الذي حذر من إن هذا الأمر يشكل مصدر "قلق جدي، خاصة أن إيران هي الدولة الوحيدة غير النووية التي تقوم بالتخصيب إلى هذا المستوى".
ويقول النائب الجمهوري كيث سيلف: "إذا ما أصبحت إيران نووية فإنها قد توظف ذلك من أجل الابتزاز والتهديد بتدمير بعض الدول".
بوتين جزء من الحل
"روسيا مستعدة لبذل كل ما في وسعها لحل المشاكل بين الولايات المتحدة وإيران بالوسائل السلمية"، كما يقول ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين.
لكن التحالف الروسي الإيراني يطرح إشكاليات عديدة، فروسيا تعاونت على نطاق واسع مع إيران ومحورها طوال العقد الماضي. وشمل هذا التعاون العمل مع إيران والميليشيات المدعومة من طهران لمهاجمة القوات الأمريكية في الشرق الأوسط. فهل تشكل الوساطة الروسية أداة لربح الوقت لصالح طهران؟.
بالمقابل، يرى محللون أمريكيون أن طهران تتخوف من أن يشكل أي تقارب أمريكي روسي ضغطاً عليها. وفي ذلك يقول الباحث الأمريكي إميل أفدلياني: يمكن أن يقوض أي تفاهم بين روسيا والولايات المتحدة بشأن أوكرانيا أي علاقات إيرانية روسية وثيقة يتم نسجها".
تهديد وجودي لإسرائيل
إضافة إلى العوامل الإيرانية الداخلية والضغوطات الأمريكية ربط رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وصول الذخائر الأمريكية لبلاده بحربها مع إيران. وأضاف نتنياهو "من خلال إرسال جميع الذخائر التي كانت محتجزة سابقاً، أثبت الرئيس ترامب أنه يزود إسرائيل بالأدوات التي نحتاجها لإكمال المهمة ضد محور الإرهاب الإيراني".
ويؤكد الكاتب الأمريكي مايكل آلن بأن "ترامب ونتنياهو يتفقان الآن، لكن إسرائيل تنظر إلى إيران القادرة على امتلاك السلاح النووي باعتبارها تهديدا وجوديا، وقد تستنتج أنها لا تستطيع إهدار فرصة ضعف إيران على مقامرة مفادها أن الضغط الأقصى سيجبر طهران على التراجع عن برنامجها النووي".
وتقول الخبيرة الأمريكية باربارا سلايفن: "لا أعتقد أن هناك عملية عسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني. لا يمكن قصف عقول علماء الفيزياء النووية الإيرانيين. لكن الأمر الموجود دائماً وهو الخطر من أن تبدأ إيران بطريقة ما في تسليح نفسها. وإذا تمكنا من اكتشاف ذلك، فسوف يصبح العمل العسكري خيارا واردا".
عمر نجيب