السيد الرئيس اني أوجه إليكم هذا الطلب الاستعجالي بإسم الدين الإسلامي ومن يعتنقه بصدق و إمان و يعمل بمقتضاه صادقا من شعبنا الموريتاني ، و مقتضي طلبي وذروة سنامه فهو عودة الرئيس السابق معاويه ولد سيد احمد الطايع معززا مكرما إلى وطنه، ذلك الرجل صاحب الخلق الرفيع راسخ الوطنية المؤمن بعظمة موريتانيا و شعبها و الذي عمل حسب جهده من اجل ذلك وطيلة حكمه ( و ما القصر الجمهوري ذلكم الذي تقيمون فيه حاليا أنتم و حدائقه الغناء إلا دليلا على ما قد كان ينوى الرجل صنعه والقيام به تجاه وطنه )
سيدى الرئيس لا أقول لكم أن معاويه قد كان مقدسا ولا معصوما. بل يخطئ مثل غيره لكن خطؤه غير مقصود في حد ذاته ، ولكن لربما قد يحدث بسبب سوء تقدير منه !
إن عيب الرجل الأساسي و المحسوب عليه ولربما وراء كل اخطائه فهو كونه كان حبيس بيته مع زوجته الاولى والتي قد كانت تختلف عنىا في بعض المناحي الثقافية و بسبب عزلته تلك من وجهة نظري الخاصةفهو خوف المرأة عليه من الدخول في متاهات الانقلابات العسكرية ، تلك الغير مضمونة العواقب هذا من جهة . و من جهة ثانيه حذرها الشديد عليه لربما من الركون إلى غيرها من بنات جلدته!
ولهذا فلم تفتح له تلك السيدة سوى نافذة واحدة تجاه الغرب الأوروبي ، وقد ساعدها في ذلك تكوينه الفرنسي الشيئ الذي جعله يعتمد في استشاراته و نماذجه التي يقتدي بها فهو ذلك الإعلام الغربي الصاخب والموجه !
سيدي الرئيس كوني مهاجرا و بلغت من الكبر عتياً لذلك أحس اكثر من غيري بما يعاني السيد الرئيس معاويه في منفاه الاختياري في قطر ! و لا تظن أنه قد ذهب إليها حبا فيها لذاتها "ولكن "صحبة الصياد" أرغمته على ذلك في وقت سدت أمامه أبواب الوطن بعد ضربه تحت الحزام كما يقال ممن قد كان يعد بالنسبة له محلا لأمنه و ثقته !
لهذا و بناء على وضع الرئيس معاويه الصحي الذي يبدوا كونه يعاني صحيا حسب آخر صور رأيتها له . تلك الصور هي التي قد أرغمتني على طلبي منكم نيابة عنه كمحام متطوع حاملا شعار إرحموا عزيزا فقد سلطته و نفوذه ! أعطيك نبذة يسيرة عن نفسي لتعلم أن دوافعي وراء هذا الطلب ليست سياسيه ولالقرابة نسب أو مصاهرة. بل أنا ولدت معارضا و إسم عائلتي يدل على معارضتي الوراثية فقد عارضت في ريعان شبابي المرحوم المختار ولد داداه جهلابه وأشهدك على اني آسف على ذلك وقد عارضت كل من أتوا بعده بما فيهم أنتم سيدي الرئيس ولست نادما على ذلك ولي أسبابي التي لم يحن بعد وقت عرضها !
ولكن تبقى رابطة الدين والوطن تجعلاني أحس بأنين آلام وجع السيد الرئيس معاوية وهو في غربته دون أن يسمع ذلك الصوت أو الحشرجة ولكنه من خلال وجداني أحس بذلك الأنين المعبر عن الكثير الذي ربما يعجز التعبير عن حصر أبعاده وكنهه وخلفياته ومنها تخيل كونه كان رئيسا تؤدون له التحية باحترام وربما فيكم من قد رافقه وحمل حقيبته وإذا به كسير الجناح وقد طالت إقامته عند غيره وكأنه في خلوته يردد على مسامعه بيت شعر قديم يعبر عن حالتيه الصحية والنفسية التي عاشها ومازال يعيشها :
أراشوا جناحي ثم بلوه بالندى فلم استطع عن حيهم طيرانا ! ثم يكمل تأوهه وحنينه من شعر طرفة بن العبد :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة : على المرء من وقع الحسام المهند !
السيد الرئيس وقرينة على صدق ماقلت فأنا من ولاية لعصابة وهو من ولاية إدرار ، و قد كانت علاقتي به مثل علاقة (الثريا بسهيل) حيث يعبر الشاعر عمرو ابن ربيعة عن ذلك شعرا خالدا قد احتفظ به التاريخ لعظمة دلالته ومنه أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان :
هي شامية إذا ما استقلت و سهيل إذ استقل يمان.
ولكنه ورغم بعد المسافة وحتى النسب فالوطن و الدين يربطاني بكليكما معا ، و به هو بالأخص فهو عامل الغربة .
وخلاصة الأمر أنه من مصلحة موريتانيا أن يعود رئيسها السابق إلى وطنه ومسقط رأسه ولا نتركه ليكون لنا شماتة ومسبة تنقص من هيبتنا و أخلاقنا لدى الغير من أقارب وعرب و عجم ! ورغم كونه أتى فسوف يعود وليس أمامه شيئا يذكر نتيجة بياض كفه فلا منزل يأوي إليه و لا فراش وثير يتكئ عليه ، و لا سيارة فارهة تتنقل به ! ولكن ما قد ينقصه من كل ماذكر فعلى حكومتكم الموقرة توفيره له ، وحينها فلكم منا جميعا الشكر والتقدير والاحترام !
وبناء على ما سبق يجب أن يأتي وطنه مكرما معززا و يلقى الترحيب منكم شخصيا في مطار أم التونسي ويصحبكم جمع غفير من السلطات والجماهير التي أحبته يوما ما وبإخلاص وبرهنت على ذلك شعرا وأهازيج وغناء ورقصا.
سيدي الرئيس و أنتم ثقافتكم فرنسية ، ولاشك أنكم قد اطّلعتم على استقبال الدولة الفرنسيه لجثمان فرعون كملك سابق لمصر وهو مسجى منذ عهد نبي الله موسى عليه السلام ، وقد أطلقت له المدفعية الفرنسية إحدى و عشرين طلقه إحتراما كرئيس دولة ، فكيف والحال هكذا ألاتستقبلون أنتم رئيسا موريتانيا مثل معاوية بما يليق به و بأسرته و أحبائه في حكومتكم ، وبرلمانكم و حتى في حزب إنصافكم ، والذي نتمنى أن يعم إنصافه الجميع !
ذ/اسلمو ولد محمد المختار ولد مانا