وجهتم دعوة للتحالف بين القوى الوطنية وهي دعوة صادقة حرصا منكم على سلامة الوطن وإنقاذه من السقوط كما سقطت أوطان عريقة في
الحضارة متجذرة في قيم المدينة تمثلت الوطنية حتى كادت تكون لها عقيدة .
لكن ذلك لم يمنعها من السقوط بفعل عوامل بعضها داخلي و ٱخر خارجي.
لا شك أننا بحاجة إلى تحالف للقوى المؤمنة بالدولة و الحريصة على استمرارية الكيان الموريتاني .
لكن على أي أساس سيكون التحالف ؟
وما هي مكوناته ؟
وما ميثاق الشرف الذي يجب أن نأسس عليه تحالفنا ؟
ولمصلحة من سنتحالف ؟
من نشأة الكيان الموريتاني وهو يدار من طرف تحالف تتغير مكوناته بتغير الحكام وطبيعة الحكم.
أسس بناة الجمهورية الأولى حكمهم على أساس تحالف بين شيوخ القبائل وأمراء الامارات الذين هادنوا المستعمر وترجمان الاستعمار لتتأس سلطة وليدة برعاية فرنسا .
ضمن هذا التحالف لنفسه مصالحه :
إستقرار الحكم لمدة عقدين من الزمن.
المحافظة على امتيازات الارستقراطية الاجتماعية بل استئثارها بالوظائف والاستثمارات .
تجذير المشروع الثقافي الفرنسي بانهاء المقاومة الثقافية.
الاستمرار في تهميش وإقصاء الفئات المكونة لقاعدة الهرم الاجتماعي.
التنكيل بالقوى التقدمية الساعية إلى تطوير المجتمع مدنيا وإنهاء ٱحتكار السلطة والنفوذ لفئات بذاتها وبسط العدالة بين الجميع والحفاظ على الهوية.
بعد سنوات من الصراع رضخ النظام الداداهي للتفاوض مع القوى الوطنية فاتخذ قرارات تقدمية هامة كانهاء التبعية الاقتصادية لفرنسا وسك عملة وطنية وتأميم ميفرما وفتح حزب الشعب أمام القوى الشبابية التقدمية فتحالفت ضده فرنسا والقوى الرجعية مستغلين ما ٱلت إليه أوضاع البلد الاقتصادية بسبب حرب الصحراء لاسقاط حكمه بانقلاب 1978 لتولد جمهورية ثانية على أساس تحالف ٱخر إنها الجمهورية العسكرية بنمطيها الديكتاتوري و الديماتوري.
تكون التحالف الجديد من العسكر والرجعيين والرأسماليين وهو نفس التحالف الذي ما يزال جاثما على السلطة تتغير رؤوسه العسكرية دون أن تتغير لا مكوناته ولا ٱلياته في التسيير و لا علاقته بالمجتمع.
من لحظته الأولى جعل هذا التحالف من القوى التقدمية عدوه الأول والأخير فتفنن في التنكيل بها قتلا وتعذيبا و تهميشا وإقصاء وتشريدا وقد كنتم أيها الخليل أحد ضحاياه في سنوات الجمر الهيدالية.
هذا التحالف أوقف مسار إستعادة الهوية الذي كان المرحوم المخطار بدأه بخجل تحت ضغط من القوى الوطنية فاصبح المسار ألعوبة بيد الحكام العسكريين يخضعونه للمساومات السياسية حسب ما يخدم إستقرار سلطاتهم استمرارا فيه أو نكوصا عنه.
هذا التحالف هو من ادخل على السلطة والمجتمع قيم الفساد وطغيان المادة وسيطرة النظرة الميكافيلية التي لم يسلم منها الحاكم والفقيه و المثقف فضاع الوطن.
هذا التحالف هو من جعل السلطة دولة بينه والزوائد الدودية من نخب سياسية وثقافية التي تقتات على فتات موائده المنهوبة من المال العام.
هذا التحالف هو من سيس القضاء وجعله تابعا له فقتل العدالة وأشاع الظلم.
هذا التحالف هو من أغرق البلاد بالديون واثقل كاهلها فاصبحت تستدين لتسدد فتنهب فتستدين لتنهب.
هذا التحالف هو من قتل الحياة السياسية بقضائه على الحركات السياسية صاحبة المشاريع الوطنية وخنق الاحزاب الوليدة وميع المشهد السياسي فاصبح السياسي يصبح معارضا و يمسي مواليا.
هذا التحالف هو الذي يسيطر اليوم على المشهد :
رئيس عسكري متقاعد.
رئيس البرلمان عسكري متقاعد.
مدير الأمن عسكري.
وزير الدفاع عسكري.
حتى بعض المستشفيات مديروها عسكريون.
فمع من يا خليل سنتحالف؟
مع من دمروا واستباحوا واستأثروا ونهبوا ؟
لا شك أن الوطن اليوم على شفى الانهيار وأن السفينة ستغرق بالجميع وأننا بحاجة إلى لحظة تلاقي لكن على أي أساس سنتحالف.
يجب أن نتنادى إلى حوار وطني شامل لا يقصي أحدا ولا خطوط حمراء لمواضيع نقاشه إلا ما يتعارض مع الشرع الاسلامي الذي يدين الجميع به.
نتفق على هوية جامعة يرى فيها كلنا ذاته وتصبح مقدسة وخارج التجاذب السياسي.
تصفية الإرث الانساني في إطاره الشمولي دون تمييز باللون أو العرق.
انهاء احتكار السلطة من طرف التحالف العسكري الرجعي الرأسمالي.
الاتفاق على نظام حكامة جديد مهما يكن نمطه حزب واحد أو تعددية حزبية يضمن مشاركة الجميع .
إرساء عدالة إجتماعية تسمح بتوزيع عادل للثروة بين كافة مكونات الوطن.
شن حرب حقيقية على الفساد والضرب بيد من حديد على المفسدين.
محاربة كل المسلكيات الشاذة وتعزيز قيم المواطنة تجريم كل النزعات القبلية والشرائحية والعرقية الهدامة للوحدة الوطنية.
إذا كانت هذه هي الأسس التي سيقوم عليها حلف الفضول الذي تدعون إليه فلبيكم وإلا فليستمر المدمرون للوطن في مسارهم التدميري حتى سقوط انواكشوط دون أن يلطخوا شرفاء الوطن بالمشاركة فيما اقترفوه من جرائم في حقه .
أخوكم شيخنا محمد سلطان.