تابع كل الشعب الموريتاني باهتمام بالغ القرار الشجاع والمفيد الذي اتخذه فحامة السيد/ محمد ولد عبد العزيز رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية في أيام العيد الوطني والقاضي بإعلان عام 2015 عام التعليم في موريتانيا وهو قرار أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه قرار في محله يصب في الاتجاهـ الصحيح يهدف إلى غاية نبيلة ، والمتتبع لحال القوى التي تصنف نفسها على أنها القائدة لدفة المجتمع يجد مواقفها ـ باستثناء قلة قليلة ـ تتلخص في أربع فرق :
الفريق الأول : بدأ يضع العراقيل التي يريد أن يدلل بها على أن عام التعليم يحتاج إلى شروط ومستلزمات لم تتوفر وفي ظنه أنها لن تتوفر حتى يسلم حمار أهل الخطاب أو يلج الجمل في سم الخياط وهؤلاء هم المثبطون بدلا من أن يكونوا رافعة للوطن يمثلون حجر عثرة في طريق البناء والتعمير وهم من عناهم الحق سبحانه وتعالى في سورة التوبة { لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا} .
الفريق الثاني : يشكك في كل شيء بدءا بالنيات وكل حديث أو قرار قال الأمر ليس على الظاهر ويجب أن ندرس ونقرأ ما وراء السطور وهم لا شك بهذا الموقف يعكسون ما بداخلهم لأن الوطن في عقلهم الباطن ليس موجودا وبالتالي كل المواقف عندهم تبنى على مصالحهم وكم يستفيدون من كل عملية ؟ والحياة كلها بيع وشراء !!! لذا من الطبيعي أن تكون ردة فعلهم بمنطق ما تعرف في نفسك يدلك على الناس ، وكل إناء بما فيه ينضح كما تقول العرب .
الفريق الثالث : جلس ينتظر إن حصل تقدم وتم إصلاح التعليم فهو جيد وإن لم يحصل فهم ينتظرون وشعارهم " ما أنا إلا ن غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشدي " وهذه سلبية تضر ولا تُصلح فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها " قال الألبان في سلسلة الصحيح سنده صحيح على شرط مسلم .
الفريق الرابع : قوم فرحوا وأصبحوا يحسبون الأيام لحصد النتائج ومن قصر النظر أن نظن أن عاما واحدا يكفي لحل مشاكل التعليم المتراكمة فأظن أننا يمكن أن نكون قد سلكنا الطريق الصحيح إن وضعت في هذا العام استراتيجيات ومؤشرات العامة لخطة الإصلاح وهو أمر يحتاج كثيرا من حشد الطاقات وعدم ادخار شيء من الوسع، لصالح موريتانيا التي نطمع أن نراها مزدهرة تتربع من المجد أعلى القمة .
من خلال هذه السطور نقول للفريقين الأول والثاني أنتم بهذه المواقف تضعون أنفسكم وتصنفونها في موقع الخيانة العظمى لأنكم بكل بساطة لا تفرقون بين معارضة النظام وهو حق مشروع يكفله الدستور وتحميه النظم والقوانين ومعارضة الوطن وهو جريمة كبرى يجرمها الدستور وتصنفها القوانين ب " الخيانة العظمى " وأنتم أيها المثبطون والمشككون بعبارات من قبيل [ الساحة مليئة بالخرجين ما جبروا شيء ] [ وكم عدد العاطلين من حملة الشهادات ] قدموا حلولا تحفظ للأجيال القادمة حق التعليم وكما قيل "بدلا من أن تلعن الظلام أوقد شمعة "
و للفريق الثالث نقول : أنتم بهذا الجلوس الانتظار أقرب إلى السابقين وبناء الأمم لا يعرف الحياد إما تعمل مع العاملين وإما أن تقعد فتصنف من القاعدين وهي صفة سلبية في كل الأعراف الشرعية والعقلية والعملية .
ولفريق الرابع : أنتم فرحتم وناصرتم وهذا يذكر فيشكر ولكن لا تضيعوا فرحتكم بقصر النظر ، فالأمر كبير ويحتاج أصحاب نفوس كبار " وإن كانت النفوس كبار تعبت في مرادها الأجسام " واعلموا أنه من تمنى شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه .
وفي الختام لا شك أن أمر صلاح التعليم صعب ولكنه ليس مستحيل وببساطة نتمنى على مؤسساتنا وهيئاتنا المجتمعية ـ ما يعرف بالمجتمع المدني ـ وأحزابنا السياسية أن تتبنى كل هيئة أو حزب مقاطعة من مقاطعات الوطن توفير لها المعينات اللوجستية لعملية التعليم – مباني - وأدوات - وخدمات ، وتقديم ما يُفيد من المقترحات لتحكيم المنهج تقدم للتربويين المتخصصين لتنقيح المنهج وصدوره بشكل يناسب التطور المطلوب ، ونطلب من كل مواطن لإصلاح حال التعليم التبرع بما يستطيع من فكر فعصل الأذهان يقدم الأوطان ، وجهد فسواعد الرجال تذلل المحال ، ومال فبذل المال يعين على اصلاح الحال ، وأقل القليل أن يتبرع بمصروفه ليوم واحد دعما للتعليم .