مثل أمواج متلاطمة في بحر عميق الأغوار تتابع الأحداث في منطقة المركز في العالم أي الشرق الأوسط الكبير دون أن تعطي مؤشرات مقنعة تمكن من وضع سيناريوهات محدودة لما سيكون عليه الوضع خلال أمد زمني معين. هذه الحالة تربك العديد من الأطراف المشاركة في الصراعات المختلفة سواء ذات الطبيعة الإقليمية المحدودة أو تلك ذات البعد الدولي.
بعد أكثر من عشرة أشهر على بدء عملية طوفان الأقصى تبين أن رهانات إسرائيل وحلفائها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وبريطانيا لم تتحقق، سواء في قطاع غزة أو في العديد من مواقع داعمي المقاومة الفلسطينية وتمت إعادة القضية الفلسطينية إلى موقع الصدارة عالميا بعد أن ساد الاعتقاد أن مشاريع تل أبيب وواشنطن لدفنها قد نجحت. وقد أقر الجميع تقريبا في الشرق والغرب أن عملية طوفان الأقصى تعيد تشكيل الشرق الأوسط، فيما تقوى التقديرات عن أن إسرائيل في طريقها إلى خسارة حربها في غزة رغم الدعم الأمريكي الضخم وعمليات الإبادة الجماعية في غزة ومحاولة تهجير سكانها إلى شبه جزيرة سيناء. في نفس الوقت يتبلور موقف روسي أكثر سلبية تجاه إسرائيل مع قيام أمين مجلس الأمن القومي الروسي، سيرغي شويغو، بزيارة لطهران يوم 5 أغسطس حيث التقى بالرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان وأمين سر مجلس الأمن القومي، علي أكبر أحمديان ورئيس هيئة الأركان، محمد باقري، واختتم جولته في المنطقة يوم الثلاثاء، التي شملت أيضا أذربيجان.
اكتسبت زيارة شويغو، إلى طهران "أهمية" نظرا للسياق العام الذي جاءت فيه، وأخفت ورائها "رسائل" كما ينظر إليها خبراء ومراقبون، كما إنها أيضا تثير تكهنات بشأن احتمالات ارتباطها بمساع لـ"رد الجميل" أو توجيه ضربة مؤلمة لواشنطن.
تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أفاد نقلا عن مسؤولين إيرانيين بأن طهران طلبت أنظمة دفاع جوي متقدمة من روسيا، استعدادا للحرب المحتملة مع إسرائيل في حين ذكرت مصادر رصد أوروبية أن خبراء روس يوجدون منذ اسابيع في ايران لمساعدة نظام دفاعها الجوي ضد هجوم أمريكي محتمل..
تل أبيب في ظل هذه الأجواء المشحونة بالأخطار، وفي محاولة للهروب من الحقيقة تخفي حجم خسائرها سواء في غزة أو خطوط القتال مع حزب الله. خبراء متقاعدون من أجهزة المخابرات المركزية الأمريكية والبنتاغون أكدوا في تصريحات على الشبكة العنكبوتية أن التقديرات المتحفظة تشير انه وحتى نهاية شهر يوليو 2024 فاق عدد قتلى الجيش الإسرائيلي 6500 جندي وضابط والجرحى أربعة أضعاف هذا العدد مشيرين أنه في ظروف حرب عادية تكون نسبة الجرحى ثلاثة أضعاف القتلى ولكن هذه المعادلة تختلف في حرب المدن. أما بالنسبة للخسائر في المعدات فهي عالية جدا بالنسبة لتل ابيب خاصة وأن خصومها يوثقونها بالأفلام. وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قد ذكرت منتصف شهر يوليو 2024 أن الجيش أعلن لأول مرة نقصا في عدد الدبابات بسبب الاستهدافات الكثيرة، في إشارة إلى استهدافها من قبل المقاومة الفلسطينية، مشيرة إلى أن العدد الحالي من الدبابات لدى الجيش لا يلبي احتياجات المجهود الحربي. وقدر محللون أن المقاومة دمرت خلال الحرب ما بين 1600 و1700 آلية عسكرية إسرائيلية (دبابات وجرافات وناقلات جند).
ويضيف محللون أن الجيش الإسرائيلي يعيش مأزقا على مستوى وحداته المدرعة والآلية، خاصة مع استخدام المقاومة مخلفات الحرب وإعادة تدويرها لكون الصواريخ التي تصنع منها "لديها قدرة تدميرية وموجة تفجيرية عالية جدا مما يؤدي إلى خسائر كبيرة بالوحدات المدرعة والآلية لجيش تل ابيب". وتفيد تقديرات اممية أنه توجد في غزة كمية ذخائر غير متفجرة تزيد على 7500طن وكلها في مناطق تتحكم فيها المقاومة، فيما تتحدث مصادر رصد في برلين عن 22 الف طن.
والجدير بالذكر، هنا، أن الإحصائيات التي نشرها الإعلام العبري أفادت بأنه منذ بداية الحرب، قُصفت غزة بنحو 132 ألف طن من المتفجرات، 5 في المئة من مجموع تلك الذخائر لم تنفجر، ما يعني أن آلاف الاطنان من المواد المتفجرة لا تزال موجودة في القطاع، وقد وصل جزء كبير منها إلى أيادي المقاومين.
الجزء الأكبر مما يسمى اليوم بجهود واشنطن لإيجاد تسوية للصراع العسكري في غزة يذكر من حيث اساليبه ومغالطاته بما حدث قبل حوالي 20 سنة.
انسحب الجيش الإسرائيلي في ظل حكومة أرئيل شارون رئيس وزراء إسرائيل، والحكومة الإسرائيلية الثلاثون من غزة، وفككت المستوطنات فيها سنة 2005 بهدف مزدوج تجنب تكبد مزيد من الخسائر على يد المقاومة الفلسطينية والالتفاف على خطة خريطة الطريق التي صاغها في الأصل موظف الخدمة الخارجية الأمريكي دونالد بلوم، والتي تم تقديمها في البداية من قبل الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال خطاب ألقاه في 24 يونيو 2002، والذي دعا فيه إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سلام في نطاق ما اعتبره كثير من المحللين لاحقا مناورة لتسهيل عملية غزو العراق وخداع العرب ليسهل تبرير تحالفهم مع الغرب.
رفضت إسرائيل منذ اللحظة الأولى خطة خريطة الطريق، واعتبرت عند الكشف عنها أن قيام دولة فلسطينية عام 2005 ضرب من المستحيل.
وحتى تتفادى إسرائيل الغضب الدولي أعلنت في النهاية موافقتها على الخطة شفهيا، وذلك بعدما أدخلت عليها عشرات التعديلات وحصلت على ضمانات أمريكية بتبني التحفظات الإسرائيلية على المسودة الأخيرة من نص الخطة.
ورغم كل ذلك ظل شارون يلمح إلى أن لديه خطة سياسية كشف عن مضمونها صراحة خلال لقائه الرئيس الأمريكي جورج بوش في أبريل 2004.
وقد بارك بوش هذه الخطة التي أطلق عليها شارون اسم خطة الانسحاب أحادي الجانب، وتعرف أيضا باسم خطة فك الارتباط، في حين انتقدتها السلطة الفلسطينية والدول العربية وأعضاء اللجنة الرباعية الذين اعتبروها إحدى حيل شارون للالتفاف على خطة السلام التي أقرها المجتمع الدولي. في تلك الحقبة كانت هناك عدة مشاريع للتخلص تدريجيا من سكان غزة وعودة الاستيطان اليها وذلك حسب قادة مستوطنات • نيتسر حزاني و• جاني طال و• قطيف و• نافيه دكاليم وغيرها الذين تقبلوا على مضض خطة فك الارتباط.
مع دخول حرب غزة شهرها الحادي عشر وتصاعد مخاطر تحولها إلى حرب اقليمية أو حتى عالمية، تتصارع المواجهة بين أنصار مواصلة الحرب، والباحثين عن تسويات ولو مؤقتة.
مطالب جديدة
جاء في تقرير نشر في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الأحد 11 أغسطس 2024:
قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن إسرائيل وحماس تبادلتا مطالب عبر الوسطاء، وصفت مجموعة منها بالجديدة، وفق ما أفاد مراسل الحرة.
وتطالب إسرائيل بتلقي مسبقا قائمة المخطوفين الأحياء الـ33 الذين سيفرج عنهم في المرحلة الأولى، وترفض إطلاق سراح سجناء أمنيين معينين.
ومن جهتها تتمسك حماس باختيار أسماء السجناء الأمنيين، دون شروط من إسرائيل، وكذلك إلغاء أي شكل من أشكال الرقابة على سكان غزة المرتقب عودتهم إلى شمال القطاع.
وقالت حركة حماس، الأحد، إنها طلبت من الوسطاء تقديم خطة تعتمد على المحادثات السابقة، بدلا من الدخول في مفاوضات جديدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت مصادر مطلعة إنه جرى تحقيق تقدم في الخلاف بشأن ممر فيلادلفيا ومعبر رفح، مشيرة إلى أنه لم يتم تحقيق تقدم ملموس في باقي النقاط الخلافية.
وكان زعماء الولايات المتحدة وقطر ومصر قد دعوا، الخميس، إسرائيل وحماس إلى استئناف المفاوضات إما في الدوحة أو القاهرة "لسد كل الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق، دون أي تأجيل".
ووفق وسائل إعلام إسرائيلية فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يطرح إنشاء جهاز أمني في قطاع غزة، وهو مطلب تمت صياغته بشكل غامض في الاقتراح الإسرائيلي الأخير الذي تم نقله إلى حماس.
ويهدف هذا الجهاز إلى منع تحرك المسلحين من الجزء الجنوبي من قطاع غزة إلى الجزء الشمالي منه، ويحافظ على الوجود الإسرائيلي على طول ممر فيلادلفيا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
لحظة الحقيقة
أفاد موقع "واينت" العبري، يوم الأحد 11 أغسطس، بأن المنطقة على مفترق طرق، وحانت لحظة الحقيقة أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإتمام صفقة بات مستعدا لها إلا أنها ستسقط حكومته.
وفي مقال كتبه ناداف إيل، لفت "واينت" إلى أننا "على مفترق طرق. ويكفي وقوع حادث بسيط وسيكون التدهور إلى حرب إقليمية سريعا. وهذا هو بالضبط السبب الذي يجعل الولايات المتحدة والوسطاء يحاولون بقوة تغيير الصورة العامة".
وأضاف: "ينظر إلى القمة التي ستعقد بعد أربعة أيام 15 أغسطس باعتبارها الفرصة الأخيرة المطلقة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، ليس فقط في غزة، بل في الشرق الأوسط أيضا".
وتابع: "المسؤولون الأمريكيون سيتدفقون إلى المنطقة في الأسبوع المقبل وسيحاولون نسج كل التفاصيل قبل الاجتماع. فأي فجوة لا يسدها الطرفان بحلول يوم الخميس، سيتم إغلاقها باقتراح مشترك للوسطاء والولايات المتحدة، بمعنى آخر: سيضع البيت الأبيض اقتراح وساطة نهائي على الطاولة، لمحاولة إلزام الأطراف بالخطوط العريضة بشكل كامل".
وأشار كاتب المقال إلى أن الوسطاء سئموا، وخاصة من نتنياهو. لقد فهموا جيدا حدوده السياسية، لكن شعورهم (قطر، مصر والولايات المتحدة) هو أن رئيس الوزراء يلعب معهم، وهو غير جدي ولا يريد التوصل إلى اتفاق، وهو يتعمد تأخير الإجابات، وأن معظم الأجهزة الأمنية مقتنعة بأن نتنياهو اتخذ قرارا ضد ذلك، وأنه أصبح مدمنا على فكرة أن الحرب لا يمكن أن تنتهي قبل وفاة زعيم حماس".
وأضاف: "بالنسبة لنتنياهو، إذا لم يتحرك الآن، فإن غالبية المؤسسة الأمنية مقتنعة بأنه يؤجل ويحبط فكرة أن الحرب لا يمكن أن تنتهي، على حساب حياة الرهائن".
"كما سئم الوسطاء من السنوار (رئيس المكتب السياسي لحماس يحيى السنوار) من الطريقة التي يأمل بها إلى ما لا نهاية، في "حرب الجهاد النهائية". والأكثر من ذلك، أنهم يعتقدون أنه يريد بالفعل التوصل إلى صفقة الآن ووقف القتال".
وأفاد "واينت" بأن اثنين من كبار أعضاء الائتلاف المقربين من رئيس الوزراء قالا إن نتنياهو يدرك أن الحكومة ستسقط في الصفقة، وقد قرر أنه مستعد لها. كما أنه سيجني الثمار سياسيا: فالصفقة ستعيد بعض المختطفين، لكنها ستترك إمكانية لتجديد الحرب.
وختم الموقع "هذه لحظة الحقيقة بالنسبة لنتنياهو حيث ستكون هناك صفقة على الطاولة هذا الأسبوع، وسيتعين على كلا الجانبين أن يقولا نعم أو لا".
استرداد قدرة الردع
وسط كل تلك المتناقضات وانهيار تماسك الأفكار في المعسكر الغربي تواصل بعض الأوساط في تل ابيب محاولات استعادة قدرة الردع والتغطية على النكسات العسكرية والسياسية بعنترية.
صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يوم الأحد 11 أغسطس، بأن تل أبيب سترد "بطريقة لم تعمل بها في الماضي"، على إيران وحلفائها في المنطقة، إذا كان هجومهم غير مسبوق.
جاء ذلك خلال لقاء وزير الأمن الإسرائيلي جنودا وضباطا في قاعدة تابعة للجيش في تل هشومير، بحسب بيان صدر عن وزارة الدفاع، والذي أشار إلى أنه "أجرى جولة في محطات عملية الاستيعاب في الجيش الإسرائيلي".
وذكر غالانت أن "الوضع الأساسي الذي يجب فهمه، هو أن دولة إسرائيل تقاتل من أجل وجودها في بيئة معادية"، مشيرا إلى أنه "كانت هناك سنوات كان هذا الأمر فيها بحاجة إلى شرح أكثر، والآن ليست هناك حاجة للشرح، لأن الجميع يفهم".
وأضاف: "نحن في حرب مستمرة منذ عشرة أشهر في سبعة قطاعات مختلفة، والمفتاح الرئيسي للحفاظ على الأمن هو الناس".
وقال مخاطبا عناصر في الجيش: "أنتم قادمون في وقت مليء بالتحديات، وأنتم تتجندون في وقت شديد الأهمية، وهذا ينطبق على الحرب بأكملها وبخاصة في هذه الأيام، فيما يهدد أعداؤنا بإيذائنا بطرق لم يسبق لهم أن ألحقوا بنا الأذى بها من قبل، ونحن نسمع هذه الرسائل من اتجاه إيران ومن حزب الله".
وأضاف غالانت: "أقول لهم، عليكم أن تعلموا هذا، إن من يلحق بنا الأذى بطريقة لم يفعلها في الماضي، فمن المرجح أن يتلقى ضربة بطريقة لم نتصرف بها في الماضي، ولدى الجيش الإسرائيلي قدرة كبيرة".
وتابع: "آمل أن يقوموا بالحسابات بشكل جيد، وألا يصلوا إلى نقطة يجعلوننا نفعل أشياء من شأنها أن تسبب أضرارا كبيرة، وتزيد من فرصة اندلاع حرب على جبهات إضافية"، مضيفا: "هذه أشياء لا نريدها، لكن علينا أن نستعد لها وقد تحدث".
وقال: "لكم ولنا الحق في الدفاع عن أنفسنا بأنفسنا، وآمل أن يؤدي عمل الجيش الإسرائيلي إلى تحقيق الأهداف والهدوء، ولكن هذا أمر غير مؤكد لا يوجد شيء مؤكد".
وشدد غالانت على أنه "لذلك، علينا أن نستعد، وكأن الأمور تتجه نحو واقع أكثر تعقيدا. هذه ليست رغبتنا، ولكن علينا أن نكون مستعدين لها".
ومؤخرا، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن الجهوزية والاستعداد لمواجهة أي هجوم محتمل على البلاد سواء من إيران و"حزب الـله" اللبناني وغيرهما.
وهكذا، تعيش المنطقة على صفيح ساخن وسط حالة من ترقب رد إيراني محتمل على اغتيال رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" إسماعيل هنية في العاصمة طهران بعد أن وجه "الحرس الثوري الإيراني" أصابع الاتهام إلى تل أبيب في ضلوعها بالجريمة وأشرك معها واشنطن في هذا الأمر.
بالإضافة إلى ترقب كبير لاحتمال توسع الصراع بين "حزب الله" وإسرائيل إلى حرب شاملة، عقب اغتيال القيادي الكبير في "الحزب" فؤاد شكر بغاراة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية.
السنوار يخالف كل التقديرات
نقلت صحيفة "معاريف"عن رامي إيغرا رئيس شعبة الأسرى والمفقودين السابق في الموساد قوله إن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار لم يضعف بل ازداد قوة خلافا لكل التقديرات.
واعتبر إيغرا أن رئيس الوزراء نتنياهو وافق على "صفقة مروعة" لإسرائيل بسبب الضغط الشعبي والدولي، وقال "الصفقة الحالية تعني أننا سنستعيد عددا قليلا جدا من المختطفين وستعيد حماس لتكون صاحبة السيادة في غزة".
وبحسب الإعلام الإسرائيلي، لا يزال الاعتقاد بأن "السنوار الذي اكتسب مؤخرا المزيد من السلطة في حماس وأصبح رئيس المكتب السياسي، غير مهتم بالتوصل إلى اتفاق. بيد أن الاتصالات مستمرة وتم إحراز بعض التقدم بشأن عدد من النقاط".
وتتمثل الخلافات الرئيسية في المفاوضات بحسب "معاريف" في ما يلي:
* محور فيلادلفيا
وفقا لتقديرات الوسطاء، فإن حماس لن تعترض على إسناد كامل مسألة محور فيلادلفيا إلى الجانب المصري. وفي الوقت نفسه، وخاصة في ضوء زعم إسرائيل اكتشاف أنفاق ضخمة على الحدود المصرية، ستكون القاهرة أقل قدرة على الإصرار على انسحاب الجيش الإسرائيلي الشامل من المنطقة، ومن المحتمل أن يصاغ حل يرضي كلا الجانبين.
* العودة إلى شمال غزة
في الوقت الراهن، تواصل حماس الإصرار على مطلب السماح بالمرور الحر دون رادع إلى شمال قطاع غزة. وتعارض إسرائيل وتطالب بوضع إجراء "لمنع مرور الإرهابيين" إلى شمال غزة.
* إنهاء الحرب بشكل كامل
بعد فترة بدأت فيها إسرائيل تتلقى رسائل مشجعة مفادها أن حماس بدأت في التحلي بالمرونة فيما يتعلق بمطلب إجراء مفاوضات إلى أجل غير مسمى بين المرحلتين الأولى والثانية من الصفقة، تراجع السنوار مؤخرا على ما يبدو، والآن عاد مطلب حماس إلى الطاولة. ترى إسرائيل أن مطلب التفاوض على إنهاء الحرب بشكل كامل ودون العودة إلى الأعمال القتالية بمثابة نهاية الحرب عمليا، دون التصريح بذلك رسميا. وإسرائيل ترفض ذلك.
* إطلاق سراح "شخصيات ثقيلة"
تطالب حماس بالإفراج عن قائمة طويلة من ذوي المحكوميات العالية بمن فيهم مروان البرغوثي وأحمد السعدات، دون حق النقض من جانب إسرائيل. وتطالب إسرائيل بحق النقض على هوية بعض الأسرى على الأقل الذين سيتم إطلاق سراحهم. كما تطالب بترحيل الأسرى ذوي المحكوميات العالية إلى بلد ثالث. فيما تصر حماس على إطلاق سراحهم إلى غزة والضفة الغربية.
* قائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين الأحياء
وافقت حماس على زيادة عدد الأسرى الأحياء الذين سيتم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الصفقة، وتشير التقديرات الإسرائيلية حاليا إلى أن العدد أصبح حوالي 30 مختطفا حيا. وتشترط إسرائيل قائمة واضحة بالأسرى الأحياء وزيادة عددهم بأقصى حد ممكن في المرحلة الأولى.
والمشكلة الأكبر بالنسبة لإسرائيل هي أن "حماس" لم تقدم بعد ردا رسميا على عرض الوسطاء الأخير، كما أنه ليس من الواضح كيف يؤثر تعيين يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي للحركة على موقفها، مع وجود عدد قليل من الشركاء الكبار في عملية صنع القرار. "المصدر: صحيفة معاريف".
الجيش الإسرائيلي مرهق
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا يوم 3 أغسطس 2024 كشفت فيه عن الارهاق الذي تعاني منه القوات الإسرائيلية والتعثرات التي تواجهها تل ابيب وواشنطن في مجالات عديدة، وجاء في التقرير:
خيم هدوء حذر على إسرائيل يوم السبت، حيث تستعد لرد إيراني على اغتيال شخصيات بارزة من "حماس" وحزب الله، مع تصاعد المخاوف من أن تتصاعد الأعمال العدائية إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا.
لقد استنفد الإسرائيليون أصلا قواهم بعد عشرة أشهر من القتال في غزة في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023 التي قادتها "حماس" على المستوطنات الإسرائيلية، والهجمات على جبهات أخرى.
وتبادل "حزب الله" والجيش الإسرائيلي إطلاق النار لعدة أشهر عبر الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان، وأطلقت إيران في أبريل موجة من الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل ردا على ضربة وجهتها لمجمع سفارتها في سوريا.
وأضافت أحدث تهديدات من إيران و"حزب الله" بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، والقيادي في "حزب الله" فؤاد شكر إثر غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، مستوى آخر من عدم اليقين إلى القلق المستمر من الحرب.
وحث المسؤولون الإسرائيليون السكان على إعداد الطعام والماء في غرف آمنة محصنة.
وأجرى المسعفون تدريبا طارئا للتدرب في حالة اندلاع حرب واسعة النطاق.
كما استعدت المراكز الطبية في شمال إسرائيل لاحتمال احتياجها إلى نقل المرضى إلى أجنحة تحت الأرض محمية.
نقطة الانهيار
أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في بحث لها نهاية شهر يوليو 2024 أن جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي بدأوا يدفعون ثمن الحرب الطويلة المستمرة في قطاع غزة، قائلة إنه "في إسرائيل كل شيء ينهار".
وشددت الصحيفة على أن الحرب الطويلة في غزة، أدت إلى شعور جنود الاحتياط في "الجيش" الإسرائيلي بالإرهاق، لافتة إلى أن ذلك "يقيد خيارات إسرائيل في حربها مع حزب الله".
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن "إسرائيل" تعتمد بشكل كبير على جنود الاحتياط "للحفاظ على أداء جيشها في أوقات الأزمات"، لكن مع دخول الحرب في غزة شهرها الـ 11، وتصاعد حدة تبادل إطلاق النار، ولا سيما مع حزب الله، فإن العديد من هؤلاء المقاتلين يقتربون من نقطة الانهيار.
وأكدت "وول ستريت جورنال" أن جنود الاحتياط في "الجيش" الإسرائيلي منهكون وفي بعض الحالات محبطون، و"يحاولون تحقيق التوازن بين الأسرة والعمل والخدمة العسكرية"، في حين تتزايد الخسائر الاقتصادية الناجمة عن غيابهم.
وبشأن تأثير حالة الاحتياط في "جيش" الاحتلال على الجبهة مع لبنان، ذكرت الصحيفة أنّ الضغط على القوى البشرية العسكرية هو أحد الأسباب التي تجعل المسؤولين الإسرائيليين مترددين في شن حرب شاملة ضد حزب الله، والتي "تتطلب المجموعة نفسها من جنود الاحتياط المنهكين للقتال ضد قوة عسكرية متفوقة بكثير على حماس".
هذه الحالة تكشف أيضاً عن نقاط ضعف طويلة الأجل بالنسبة إلى ـ "إسرائيل" في ظل مواجهتها لاحتمال اندلاع صراعات مع جبهات يصعب التغلب عليها لسنوات قادمة.
أكثر رعبا من الوعد الصادق
في تصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز"، قال عوفر واسرمان، 51 عاما، وهو مقيم في تل أبيب: "لقد تم رفع مستوى الصوت إلى 11 من كل جانب"، فيما تساءلت شريكته، أنات، عما إذا كان القلق بشأن احتمال التصعيد مبررا.
وأضافت: "لم يطلق حزب الله النار علينا بهدف الحرب الشاملة حتى الآن، فلماذا يفعلون ذلك الآن؟"، مردفة في إشارة إلى نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي: "لدينا غرف آمنة أيضا، والقبة الحديدية".
في حين أوضح واسرمان قائلا: "لكنهم قد يشعرون بالحاجة إلى الرد الآن، ومن ثم ستكون هناك حاجة إلى الرد على ذلك أيضا".
وتعهد قادة كل من "إيران" و"حزب الله" و"حماس" بالانتقام من عمليات الاغتيال، الأمر الذي وضع إسرائيل في حالة تأهب لاحتمال وقوع هجوم وشيك قد يأتي من بلدان متعددة في وقت واحد.
رأى اسرمان، المقيم في تل أبيب، أن عمليات الاغتيال لن تحقق في نهاية المطاف سوى القليل.
وأضاف أن كلا القائدين سوف يتم استبدالهما، تماما كما فعل "حزب الله" و"حماس" بسرعة ليحلوا محل قادة آخرين اغتالتهم إسرائيل، مردفا: "ما دام هناك أناس بلا حقوق، فسوف تستمر المقاومة، ولن تنتهي حتى لو أزلت القادة الحاليين".
وخلال الأشهر التي مرت منذ السابع من أكتوبر، كانت إسرائيل تتكيف ببطء مع روتين الحرب، لقد خدم ما يقرب من 300 ألف إسرائيلي أسابيع أو أشهر في الخدمة الاحتياطية العسكرية، وأُجبِر عشرات الآلاف غيرهم على الفرار من منازلهم على الحدود الشمالية والجنوبية لإسرائيل بسبب القتال. وهاجر ما يزيد عن 720 الف إسرائيلي بشكل شبه نهائي إلى أوروبا وكندا والولايات المتحدة وغيرها.
المراقبون المخضرمين أصيبوا بالصدمة من الوتيرة المذهلة للتطورات التي تكشفت على مدى الأسبوع الماضي. قبل الاغتيالات الأخيرة، كان بعض الإسرائيليين يأملون في وقف إطلاق النار في غزة قريبا لإعادة الرهائن الـ 115 المتبقين الذين ما زالوا محتجزين هناك، وقال المسؤولون الأمريكيون إن الهدنة بين إسرائيل و"حماس" يمكن أن تمهد الطريق لتسوية دبلوماسية لإنهاء القتال مع "حزب الله" أيضا.
وعلى الرغم من أن حزب الله أطلق آلاف الطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل منذ الثامن من أكتوبر، وردت إسرائيل بدورها، فقد استمر الصراع في لعبة مدروسة، وإن كانت مدمرة، من الانتقام، ولكن لم يظهر أي من الجانبين حتى الآن الرغبة في التصعيد إلى حرب شاملة من المرجح أن تكون كارثية بالنسبة لإسرائيل ولبنان.
وعلى النقيض من "حماس"، يمتلك "حزب الله" ترسانة متطورة من الطائرات بدون طيار والصواريخ الموجهة بدقة والتي يقول المحللون إنها قادرة على التغلب على الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ومن المرجح أن يكون الرد العسكري الإسرائيلي على مثل هذا الهجوم "مدمرا للبنان"، حسب الصحيفة.
في الوقت الحالي، تستعد إسرائيل لمعرفة كيف سيرد "حزب الله" وإيران، حيث أكد أمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، أنه يجب على إسرائيل ومن خلفها "انتظار ردنا الآتي" على اغتيال فؤاد شكر، مشددا على أن "لا نقاش في هذا ولا جدل"، وأن "حزب الله" يبحث "عن رد حقيقي ومدروس جدا، وليس عن رد شكلي"، ولكن أيضا أن رد فعل إسرائيل سيحدد ما إذا كانت الحرب ستتصاعد.
وكان المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، قد أكد أن الانتقام لدم إسماعيل هنية "من واجباتنا لأن الاغتيال وقع على أراضينا"، قائلا في رسالة تعزية باغتيال هنية نشرها موقع الرسمي: "النظام الصهيوني المجرم والإرهابي استهدف ضيفنا العزيز في بيتنا، وهو بذلك جلب على نفسه بهذا الاعتداء أشد العقاب"، ولكن رد إيران في أبريل على ضربة استفزازية - والتي قتلت كبار الجنرالات الإيرانيين في سوريا - كان معلنا مسبقا، على الرغم من نطاقه، وفي ذلك الرد، وفي ذلك الرد، أطلقت إيران 300 صاروخ وطائرة بدون طيار على إسرائيل، مما تسبب في عرض للألعاب النارية في سماء إسرائيل حيث اعترضت الصواريخ الامريكية القصف.
ولقد استهدف هذا الهجوم في الأغلب قاعدة جوية إسرائيلية في جنوب البلاد، وكان لدى إسرائيل والولايات المتحدة الوقت الكافي لإعداد دفاع جوي مشترك.
استعداد أمريكي
تخشى إسرائيل وحلفاؤها أن يصيب أي هجوم قادم مناطق مدنية وبنية أساسية حيوية، وأرسلت وزارة الدفاع الأمريكية طائرات مقاتلة إضافية وسفن حربية تطلق الصواريخ إلى الشرق الأوسط يوم الجمعة 2 أغسطس لتعزيز الدفاعات.
في حين تقع مدن وقرى الحدود الشمالية لإسرائيل مباشرة في خط النار، وخاصة من صواريخ حزب الله، حيث نزح حوالي 160 ألف شخص في إسرائيل منذ أكتوبر، دون وجود جدول زمني واضح للعودة.
وقال نيسان زئيفي، الذي يعيش في كفار جلعادي بالقرب من الحدود اللبنانية، إن الأيام القليلة الماضية كانت أكثر هدوءا من المعتاد، على الرغم من وابل الصواريخ العرضي.
وأضاف أن بضع عشرات فقط من السكان بقوا في القرية - تم إجلاء معظمهم في وقت مبكر من الحرب - وأن أولئك الذين بقوا كانوا "في حالة تأهب".
وذكر أحد المصادر: "إن حلم السنوار رؤية وحدة الجبهات وتحويل المواجهة التي بدأها إلى مواجهة شاملة مع إسرائيل. لقد تراجع السنوار باستمرار عن المحادثات في كل مرة كانت هناك فرصة لضرب إسرائيل دبلوماسيا أو عسكريا، وليس من المؤكد أنه لن يفعل ذلك هذه المرة أيضا".
وكان نيكولاس هيراس، من معهد نيو لاينز في واشنطن، قد قال لموقع "صوت أمريكا" إن تعيين السنوار بالإجماع رئيسا سياسيا لحماس يظهِر أن غزة أصبحت الآن في مركز الصدارة، وليس قطر، حيث كانت القيادة السياسية متمركزة.
وأضاف: "الآن، تصدر حماس بيانا واضحا للغاية للعالم، ليس فقط لإسرائيل والولايات المتحدة وقطر ومصر بأن الطريق أمام حماس يمر عبر غزة وأن حماس مستعدة للقتال حتى النهاية المريرة للغاية، ليس فقط من أجل بقائها باعتبارها منظمة، ولكن من وجهة نظرها من أجل مستقبل الشعب الفلسطيني".
وذكر هيراس إن "حماس ترسل إشارات إلى الإسرائيليين، وكل من يعمل معهم، بأنه لا توجد وسيلة لفصل غزة ومستقبل غزة عن حماس".
وقال خالد حروب، المتخصص في شؤون حماس في جامعة نورث وسترن في قطر، لصحيفة لوموند الفرنسية: "إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاؤهما في المنطقة وخارجها يأملون في إخضاع حماس بالقوة، فإن الرد سيكون حماس أكثر تطرفا".
وصرحت سينزيا بيانكو، المتخصصة في شؤون الخليج بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية لموقع "صوت أمريكا" إن "قطر حاولت لمدة ثمانية أشهر أن ترى حدوث اتفاق، لكن حماس تأخذ إشاراتها حقا من إيران".
وأضافت بيانكو: "إنهم يستجيبون فقط لإيران وربما لداعمين خارجيين آخرين إلى حد ما، روسيا والصين أيضا. القضية السياسية والقضية العسكرية الآن واحدة. وهذا يعني أن نفوذ قطر أصبح أقل الآن".
وذكر ضباط استخبارات إسرائيليون وأمريكيون لصحيفة نيويورك تايمز إن استراتيجية السنوار هي "إبقاء الحرب في غزة مستمرة لأطول فترة ممكنة لتمزيق إسرائيل على المستوى الدولي... إنها تهدف إلى إلحاق الضرر بسمعتها وإلحاق الضرر بعلاقتها مع حليفها الأساسي، الولايات المتحدة".
وعبرت مصادر إسرائيلية في تقرير "هآرتس" عن تشاؤمها بشأن القدرة على التوصل إلى تفاهمات مع حماس في المستقبل القريب.
وقدرت مصادر إسرائيلية، ومصادر أخرى، شاركت في المحادثات في الأشهر الأخيرة، أن نتنياهو "يماطل في دفع الصفقة إلى الأمام"، بسبب قلقه على مستقبله السياسي وانهيار ائتلافه.
ووفقا لهذه المصادر، فإن عطلة الكنيست، التي تستمر حتى أكتوبر 2024، قد توفر له شبكة أمان للمضي قدما في الصفقة.
وذكر أحد المصادر: "إن فرص التصويت على إسقاط الحكومة خلال العطلة ضئيلة. يستطيع نتنياهو إزعاج وزير الأمن القومي (بن غفير) ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، في الأسابيع المقبلة دون القلق من أن يؤدي هذا إلى انتخابات".
وسارع سموتريتش، إلى الإشارة إلى أنه يرفض الصفقة على الفور. ووصف الإعلان المشترك للوسطاء بأنه "فخ خطير"، وحث نتنياهو على عدم الوقوع فيه والموافقة على أي تحرك، حتى لو كان بسيطا، يخرج عن الخطوط الحمراء التي حددها مؤخرا.
عمر نجيب