الجواب عندما تدخل طهران في معركة تحرير فلسطين، يومئذ لن تجد غضاضة في توسيع مساحة الوعي التحرري القومي العربي بالبكار الذي مركزه طهران الثورة والتحرير، ولن يناهضك أحد في أن " خامينئي"، هو صلاح الدين الأيوبي في معركة تحرير القدس في القرن الواحد والعشرين، ولن يعترض عليك معترض في أن طهران، قد تبوأت باستحقاق مكانة القاهرة في قلوب العرب، والمسلمين عامة، كما كانت على عهد قائدنا العظيم جمال عبد الناصر رحمه الله ..
وسيخرس من كان يردد، كالببغاء، شوفينيته في أن طهران احتلت أربع عواصم عربية، ولن يتجرأ أحد في أن يخفي معالم التاريخ العربي في نشأة، كل من الجزائر، و القاهرة على يد الفاطميين، ولن يجادلك أحد في أن دورة التاريخ العربي أيام العباسيين، كانت قد أسست للوحدة الثقافية، والاجتماعية بين خرسان وبغداد، وأن تلك الوحدة التاريخية، أثمرت معظم المعطى الحضاري في ترانا العربي الفارسي المشترك،، ولن ينافح متعصب، موتور في أن كل عربي، هو مسلم، إما بالمعتقد، أو بالثقافة، والوعي العروبي، وإن كل مسلم هو أخ للمسلم بغض النظر عن لغته، أو جنسه، أو لونه…
ولن يراوغك سلفي في أن الأزهر الشريف، كان قد أصدر في عشرينيات القرن العشرين قراره بالإجماع في أن المذهب" الجعفري"، واحد من مذاهب التشريع الإسلامي،،
كما لن يمد اسلاموي، أممي لسانه الطويل العريض ما شاء الله، عليك، لأنه سيكف عن استظهاره لمقولة " الولاء والبراء ".. وهل تعرف لماذا؟
لأنه صدق بكل سذاجة، واستجاب بسرعة البرق منذ اربع عشرة سنة للدعاية المغرضة ل" أردوغان" حفيد "جمال باشا" السفاح، واعتبره قائده المنتظر لتحرير الأمة الاسلامية، ولما انكشف المخفي من علاقة السيد "أردوغان" بالصهاينة، ومدى ارتباطه بالمشروع الأطلسي ومشاركته إياه في احتلال أجزاء من أرض العرب ، كقاعدته العسكرية في الموصل، وشمال سورية ٨٨٠٠ كلم، بينما الصهاينة يحتلون من الجولان ١٢٠٠كلم.
……..
ومادام العقل السياسي العربي، يتبنى مشروع التحرير، تحرير فلسطين من النهر إلى البحر،،فإن الثورة في إيران، وهي الحليف الثوري، والأخ المؤتمن، لو شاركت في تحرير فلسطين، هذه المسؤولية العظيمة، ولأنها كذلك إلى حد الساعة نظرا لما قدمت من تكاليف باهظة، فاضحت، هي السند الوحيد بعد الله تعالى،، لقوى المقاومة في فلسطين، ولبنان، وسورية، والعراق، واليمن..
وفي المقابل جرف تيار الردة عواصمنا العربية، فهي ما بين محتلة بالقواعد الامريكية، او الأطلسية، كالرياض، والبحرين، وقطر، وعمان، والقاهرة، والرباط، والكويت، وبغداد،،
وما بين منومة مغناطيسيا، كتونس ، والجزائر، وشقيقاتها مستلبات الإرادة، لا القوة، فلعل حكامها في إجازة في المريخ خارج كوكبنا الأرضي، وإلا كانوا قد شاهدوا المظاهرات في أوروبا، أو او امريكا، او المظاهرات اليومية في مدائن "اليمن" العزيز.. وإلا انفعلوا بها، أو تفاعلوا في حدود يجعل قادة العرب على الاقل سندا قويا لجنوب افريقيا التي تبنت قضية العرب في فلسطين…!
بينما الباقي من الحكام " الوكلاء" حجزوا اوقاتهم في الرحلات المكوكية التي لا تتوقف عن باريس، ولندن، وبرلين، واشنطن في فزاعة استلام رواتبهم .. وحتى يعودوا، ربما يشاهدون في الإعلام لقطة مأساوية عن الإبادة الجماعية في غزة هاشم،، قبل أن يرفع الله عن أهلها عذابات من لا يخافه، ولا يرحم الأحياء عن قتلهم بجرافاته في المشافي، كما جرف الأموات في المقابر…!!
والغريب في هذا الزمن العربي المتصهين، والموبوء بالخيانات، أن تلك المجازر لا تبعد عن مصر، وجندها، إلا نصف كلم واحد بين رفح فلسطين، ورفح مصر، غير أن " القاهرة" مقهورة حقا، لا مبالغة فيها، ولا تشنيع، ولا شماتة، ولأن الأمر لا يصدق إلا بالشهود العدول، وبعد عشرة أشهر من الإبادة الجماعية، والعالم كله شاهد على مدى" القهر" الذي لم تعرفه مصر في أي زمن منذ أخرج ثوارها، وشيوخ دينها المماليك، وواجهوا الفرنسيين، وثاروا على الإنجليز ١٨٨٢م،، وعاودوا الكرة ثلاث مرات بثورة ١٩١٩، وبثور ٢٣ يوليو ١٩٥٢م المجيدة، وانتفاضة الشعب من أجل الكرامة في يناير ٢٠١٢م ..
وانتهى المطاف بمصر مغلولة، مقهورة، يسومها الأعداء شتى ألوان الإذلال، كباقي عواصم العرب التي فقدت بوصلتها حين اضح رؤساؤها" وكلاء"، وفازت مجتمعاتها بالنوم الثقيل على كاهل الأمة العربية، واحرارها، ومشروعها التحريري..
اخيرا - وليس آخرا-:
طرحت في عنوان المقال السؤال، وأعيده بالصيغة التالية: متى تصبح "طهران" عاصمة العواصم العربية، والمدن، والقرى، والدواشر، والأرياف، والبوادي، والمزاع، والمراعي في الوطن العربي؟
عندما تدخل طهران في حرب التحرير في فلسلطين حينها، ستتبدل القناعات، والرؤى، والعقائد، والأذواق، والامزجة،، فيصبح الحاضر موصولا بالمستأنف من تاريخ النهضة العربية الإسلامية، أيام العباسيين، وهذا المسار الجديد، سيشكل قطيعة مع حقب الانحطاط، والفترات السلبية الحديثة، وسيقود هذا التحرير القيادة في طهران الى باب الأقصى في القدس، وهو اكبر الابواب، وأرفعها مكانة عند الله والناس اجمعين.. ولو أني استشرف المستقبل، فإن الأمتين العربية، والإسلامية، قد تدمغ الأولى في الثانية يقينا، وليس الأمة العربية فحسب، كذلك التركية، والباكستانية، والأندونيسية، والماليزية، والبنغالية والباقي اقليات مسلمة، ستحميها دولة الأمة الإسلامية بمكانتها، وهيبتها بين الأمم،،فهل يفعلها قادة طهران؟
د. إشيب ولد أباتي