منذ انقلاب 1978 اتسمت السلطة في موريتانيا بالعسكرة وظل القرار السياسي بيد العسكر مع وجود خجول لوزراء مدنيين أكثر انضباطا وانصياعا للقرار من نظرائهم العسكريين فقد رضوا بالامتيازات المادية على حساب رصيدهم من الاحترام والتقدير الوطني.
بعد دستور الجمهورية الثالثة انفتح العسكر أكثر على النخب السياسية فشكلت حكومات اكثرها مدنيون لكن بقي مجال أدائهم مرتبطا بالتنفيذ لا
خلق المبادرات التنموية وكانت أعينهم دائما على المكتسبات والامتيازات المادية وتقوية مراكزهم الانتخابية داخل حاضناتهم الاجتماعية.
سقط في هذا المستنقع النتن كل النخب السياسية والثقافية وحتى الدينية.
افسدوا بممارساتهم الحياة السياسية واجهزوا على الضمير الوطني فاستنبت الفساد الإداري والمالي والاخلاقي مما أوصلنا اليوم إلى الجلوس على أطلال مشروع دولة ولد مشوها فأزداد تشويها وإعاقة.
ظلت كل الحكومات العسكرية المتعاقبة على البلد إلى اليوم تهتم بتدعيم ركائز السلطة على حساب الأسس التي يمكن أن تقوم عليها الدولة من قوانين عادلة لا أحد فوقها وتوزيع عادل للثروة ينهي قرونا من التهميش والاقصاء للقاعدة العريضة لسكان البلد.
جيش احترافي لا يبرح قواعده العسكرية إلا دفاعا عن حوزة البلد الترابية أو التصدي لأمن يهدد الكيان داخليا كان أو خارجيا.
لكن ماحدث أن العسكر انشغلوا بالسلطة حراسا لها تارة وطورا طامعين فيها فكانوا الوسيلة الوحيدة لتغيير هرم السلطة يسلمها آخر قائد لخلفه طوعا أو كرها .
منظومة تربوية عصرية تعد مواطنا متشبثا بهويته منفتحا على العصر متصالحا مع مواطنيه فإذا بنا أمام منظومة تربوية متعددة الانماط تعمق التفاوت الفئوي وتخرج اجيالا متشبعين بثقافات مختلفة مما أضاع الشخصية الحضارية للبلد.
اقتصاد عصري يستغل الموارد بقيم مضافة فإذابنا أمام
إقتصاد ريعي مثقل بالديون عديم الانتاج الصناعي يعتمد على الاستراد ولا يفكر في التصدير.
وبدل حكامة رشيدة تعتمد المؤسسية وتحارب البيروقراطية فإذا بنا أمام
حكامة مشوهة أفسدت كل مناحي الحياة :
أحزاب سياسية تعتمد المعايير القبلية والجهوية والشرائحية وسيلة وحيدة للإستقطاب و ذات برامج متطابقة لا تهتم ببث الوعي السياسي بين أطرها.
تهميش للنخب العلمية والثقافية من صدارة المشهد.
في الفترة الأخيرة أحكم العسكر قبضتهم على الحياة السياسية من خلال :
إرساء مبدئ التناوب على هرم السلطة بين العسكريين.
احتكار رئاسة البرلمان لضباط متقاعدين.
تمييع الحياة السياسية باستدراج المعارضة المدنية إلى مستنقع الانتجاع السياسي.
تحنيط الأحزاب السياسية.
علينا أن ندرك أن التغيير أضحى استحقاقا لا مفر منه ،فإما أن ننقذ المركب أو سيغرق الجميع.
شيخنا محمد سلطان.