حملة دعائية لشركة سياحية أعتقد أنها شركة أمريكية ، قامت بغزو مواقع الإنترنت بشعاراتها الخاطفة تحت عنوان "العودة للحياة البدائية" .
العنوان جذاب وغريب في الوقت نفسه، والتفاصيل ممتعة للغاية وهي بأن الشركة المعنية قامت بتأسيس منطقة سياحية بدائية بكل ما تعنيه الكلمة، بيوت من طين وخشب وقش، ومياه يتم توصيلها يدويًا حيث يقوم شخص يملك عربة يجرها حمار بنقل المياه إلى البيت الذي سوف تسكن فيه، أما التيار الكهربائي فغير موجود نهائيا وهناك موقد لك للطبخ والتدفئة مع كمية من الحطب و فانوس للإنارة في الليل،أما الحمام المياه بالتأكيد موجودة لكن حفرة في الأرض تقضي فيها حاجتك ، أما الأمور الأخرى كخط الهاتف وشبكة الإنترنت متوفرة طبعًا لكن خارج المنطقة السياحية.
فكرة "العودة إلى الحياة البدائية" جعلتني أتعمق بحثًا عنها عبر شبكة الإنترنت، وإذ أكتشف أمورًا كثيرة لم أكن أعرفها، مواقع تتحدث عن هذا الموضوع، وكتب ومجلات لا تعد ولا تحصى، ومجموعات سكانية في دول كثيرة ترفض التكنولوجيا بكل أشكالها وتتشبث بأسلوب حياتها حتى لو أُتهمت بالتخلف والجهل وتدعو الجميع للمشاركة والدعم، وهناك أيضًا أفراد قاموا بعمل مقاطع فيديو كيف أنهم يعيشون وحدهم في غابة ويبدأون بعمل كل شيء من المواد التي وفرتها لهم الطبيعة وكل التعليقات تشعر بالفرح وتحسدهم على ما هم فيه من نعمة..!!
إننا أمام تيارين، كل واحد منهم يسير في اتجاه مختلف، تيار يريد التكنولوجيا ويجد أنها تخدمه وتحسن من حياته نحو الأفضل، وتيار مندمج بالحياة البدائية ويعتبر التكنولوجيا لعنة أصيب بها والابتعاد عنها هو الحل الوحيد الذي لا مفر منه.
أنا كما غيري أقف في المنتصف، إذ لا يمكنني الابتعاد عن التكنولوجيا ولكني أحب الكثير من الأشياء في الحياة البدائية وعلى الخصوص الجانب الاجتماعي الذي تأثر تأثيرًا شديدًا بسبب التكنولوجيا وإفرازاتها من الغث والسمين.
بروفسور حسين علي غالب بابان
أكاديمي وكاتب مقيم في بريطانيا
[email protected]
https://www.facebook.com/babanspp