السيد الرئيس إني أذكركم الآن بمقال سابق قد نشرته بتاريخ ٩ / ٧ / .٢.٢ م تحت عنوان (أمران احلاهما مر ) ويتعلق الأمر بنوع من صراع الضمير بين الحق و الباطل من جهة ، وبين العقل و العاطفة من جهة ثانية و ذلك فيما يخص علاقتكم بالسيد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ، و ما قد ترثه عنه من متروك سياسي ومالي و اجتماعي و اقتصادي وغير ذلك !
و الآن وبعد سنتين ونيف من ذلك التاريخ فإني أذكركم بذلك و نحن مقبلون على آخر انتخابات نيابية و بلدية قبل الانتخابات الرئاسية القادمة ، إذا كنت قد تنوي المشاركة فيها، و الذي يبدو أنك فعلا قد بدأت تعد لها عدتها و لربما هذه الحملة تدخل في إطار انطلاقتها وذلك لكون ما قد وظفت لذك من امكانيات الدولة و مقدراتها ، فلربما يكون ذلك سجود سهو (البعدي) لحملة الرئاسية الماضية التي قد كنت شبه مرغم على ممارستها ، وذلك من طرف زميلكم الذي قد اختاركم كما يبدو على أساس كونكم يمكنكم أن توفروا له انسحابا هادئا من السلطة وذلك ريثما يدبر شؤونه المالية في الداخل وفي الخارج !
و أظن ان سبب اختياره لكم من بين كثيرين يعود ربما لكونكم ضابطا ساميا معتدلا ، ومن وسط قبائل الزوايا وليس لديكم من يسند ظهركم في الجيش الوطني من ابناء جلدتكم ، وذلك من اجل أن تقوم له بدور مايشبه المحلل الشرعي للسلطة ( كأشوتار ) مثلا حاشاكم الله من ذلك ، ولتبق مالئا له كرسي الرئاسة حتى ينظم شؤونه لتتخلى له لاحقا عن حكم البلاد طوعا ، أو بالحيلة و حتى بالمكر و لو تطلب الامر إنقلابا عسكريا كما جرت عادة الرجل كلما هزه الشوق إلى ممارسة السلطة والحكم !
سيدي الرئيس بعد ما تداولنا فيه من أمور وما أشرنا اليه من ظروف تتعلق برئاستكم الحالية و كذا التخطيط لها من طرف زميلكم . إلا أن الأمور قد تغيرت جملة وتفصيلا وذلك بعد محاولة الأنقلاب المزعوم من طرف محمد ولد عبد العزيز يوم الاستقلال الذي نظمت احتفالاته في مدينة اگجوجت ، وما صاحب ذلك من وصف لكم بأوصاف غير محترمة ولا تليق بكم ، وما قد تلى ذلك أيضا من إشكالية مرجعية الحزب الحاكم يومئذ !
سيدي الرئيس فإن الأمور التي قد غيرت تلك الموازين السياسية التي جعلتكم بعد السيطرة على مقاليد الحكم لربما بواسطة المفسدين الذين قد التفوا حولكم حينئذ كمنقذ لهم من ورطة مؤكدة ومحتملة جراء فسادهم ! وكذا أيضا ، وبعد إلفتكم مع السلطة وتذوق طعمها الذيذ حيث قد أصبح من المستحيل تنازلكم عنها بالسهولة التي كان يتوقع البعض وذلك لكون السلطة "باطعيمتها " كما قال ذ/ المرحوم المختار ولد داداه أول رئيس للبلاد !
وحيث قد اكتشف المفسدون لاحقا سر تشبثكم بالسلطة و كونهم هم الوسيلة الاساسية الأنجع لاستمرا ريتكم فيها - من وجهة نظرهم - الشيئ الذي جعلهم يستغلون تلك الثقة المرنة شبه العمياء ! بحيث قد صاروا يكشرون عن أنيابهم الصفراء في وجه كل أي مواطن يطمح بجد إلى التغيير والحرية و الديمقراطية ، وكذا تكافؤ الفرص من خارج سربهم ونهجهم و بقدر ما يسمحون به من كل ذلك !
و حيث قد تجاوز المفسدون مدى أكل المال العام و كذا ًانعدام المرؤوة و الأخلاق الحميدة حتى إلى طرد الشباب الوطني من بلاده تحت سياط الغبن و البطالة ، و الذي لم يبق في البلاد منهم سوى العجزة غير القادريين على نفقات السفر وذلك هو الشىيئ الذي جعل بلادنا والتي تقع على مساحة تقدر باكثر من مليون كيلوميتر مربعا و هي التي ينطوى باطنها على معظم أنواع المعادن النفيسة و غير ذلك من المقدرات الثمينة مثل الأسماك والأنهار والثروة الزراعية والحيوانية ، فكل ذلك قد نحسد عليه من طرف بعض الجيران شرقا و غربا شمالًا وجنوبا !
لهذا السيدي الرئيس لقد نبهتك على هذه المعطيات لا حبا فيكم و لا كرها و لا حسدا لشخصكم الكريم . و لكن حبا لبلادي وأنت الذي تقود حاليا سفينتها التائهة بين الأمواج المتلاطمة ، وبعد أن تعطلت بوصلتها عن العمل منذ تاريخ انقلاب سنة 78م , وأنا الذي طردتني منها نفس الظروف الحالية كانعدام العدل و الانصاف مثلا . كما هو السبب الفعلي لمن يهجرونها اليوم من خيرة شبابها تحت ضغط انعدام الأمل في المستقبل !
وهجرة الشباب هذه فستجعل أرضنا في مهب الريح مما يسهل -للأسف الشديد- لذوي الأطماع التارخية فيها بأن يسيل لعابهم استعدادا للانقضاض عليها . وأنتم ربما قد تكونوا سكارى في ( نعيم جنة الفساد ) الموقتة هذه !
و من خلال هذه الدردشة عديمة الفائدة لكون حروفها وجملها ستموت لحظة نشرها وذلك لكونها ربما لن تصل إليكم للأسف ، و إذا ما وصلتكم -ولأمر ما -فإن مشاعر العدل لديكم ربما قد تبد لت بسبب معاشرة المفسدين ! وربما يعود تبلد المشاعر لديهم جراء ارتكابهم لبعض المعاصي في حق أكثرية من الناس فالشيئ الذي يجعل توجههم صوب الحق والخير تكون طر يقهما إليه غير سالكة ولا آمنة كما يجب !
و أخيرا أقول لك وأنا ناصح بأن موريتانيا في السنوات المقبلة فلن تسير على نفس النهج الذي كان يغيب فيه المواطن عما يدور في بلده من الأمور المتعلقة بمصيره السياسي وذلك بفضل الإعلام المنطلق العقال !
و كذا كون هذا الشعب الذي قد تعرض للإهانات المتكررة من طرف بعض الوزراء السابقين و الحاليين ، وكذا تجاوز إرادة قواعد حزب الإنصاف الجماهيرية في اختياراتهم ووضع أناس لم ينالوا تزكية من طرفهم فإن ذلك الشعب المكلوم المشاعر بتلك الممارسات وكذا لمايتعرضون له حاليا من استهزاء من طرف خرجات الوزراء والمدراء وحتى التهديد لهم بالحرمان و الويل و الثبور !
فلذلك فلن يطلع اسم أحد من أولئك السادة الوزراء في الحكومة المقبلة بعد الانتخابات الجديدة التي صارت على الأبواب ، فسيكون ذلك ربما نذير شؤم بالنسبة لكم وسيقود لا محا لة إلى ثورة شعبيه قد تنصهر فيها مكونات الشعب بمختلف فئاته الاجتماعية ، وربما يضاف إليهم شباب جيشهم الوطني المكوى بنار الغبن وضعف الرواتب وكل ذلك سيكون ضد تلك الحكومة المزمعة التشكيل ، و لربما تقادون أنتم لا قدر الله بسبب رئاستها إلى نفس تلك الأقفاص التي يوجد بداخلها زميلكم الذي قد اختاركم يوما ما خلفا له في رئاسة البلاد ، والذي ربما قد فرضكم على الشعب الموريتاني لحاجة في نفس (يعقوب) وليس ما قد حدث في السودان ببعيد عن بلادنا لا قدر الله لها ذلك !
و حينئذ فسوف تندمون جميعا حيث لات حين مندم ! و على أساس ماسبق وحدث ذلك السيناريو على ما قد يتصور البعض -لا قدر الله - فإنكم سوف تنشدون في سجنكم تلك القصيدة المشهورة لوالدة الامير عبدالله الصغير آخر ملوك العرب والمسلمين في الاندلس وهي المسماة عائشة ! خصوصا ذلك المقطع منها الذي فيه بيت القصيد" أبك كالنساء ملكا لم تدافع عنه كالرجال"
ذ/اسلم ولد محمد المختار ولد مانا