من خلال اجتماعي مع نخبة من الشباب السوري كان هدفي في هذا الاجتماع هو الاطلاع عن كثب على الآراء المهمة للشباب في ظل ما تمر به سورية من ظروف وأزمات اقتصادية صعبة تزداد تعقيداً وتـأزماً مع مرور الأيام، ويظل أمل الأمة معلقاً على أعتاق شبابها الذين وبلا أدنى شك مازال يجمعهم حب سورية، يتطلعون صوب المستقبل وهم يخططون له، ويرغبون في أن تمتد لهم يد المساعدة، فمادام عشق سورية نبراس شبابها وعنوانهم فأين حق سورية على شبابها ؟
كثيرة هي الآمال والطموحات المستقبلية التي ينشدها أو يتمناها أبناء وطننا الغالي “سورية” وبالذات الشباب الذين يعتبرون شريان الحياة وعماد المستقبل، والشباب في مجتمعنا سورية يمثلون الشريحة الأكبر والأوسع وعليهم تعلق الآمال لبناء سورية الحديثة، فهم أساس التنمية والتطور.
إن الشباب السوري قد ضاق ذرعاً بالوعود الكاذبة والمشاريع الوهمية التي طالما بنى عليها آمالاً عريضة لتحسين حياته ومعيشته، فالذي يريده الشباب السوري اليوم هو حياة كريمة تجعله مطمئناً على مستقبل غير محفوف بالمخاطر، والحصول على حقوقه المكتسبة في مواطنة كاملة، والحفاظ على كرامته التي هي رأس ماله دون أن يجرحها أو يعتدي عليها من هو لديه سلطة أو مال يتجبر به على الآخرين، وهناك ظاهرة الفساد التي تنخر في جسد الدولة والمجتمع وتتفاقم يوماً بعد يوم، والتي تؤسس للانتهازيين والوصوليين البيئة المناسبة، لذلك لا بد من فضحهم و إغلاق المنافذ القانونية التي يتلاعبون من خلالها المقصرين والعابثين بالقانون والمال العام، إن ما يريده الشباب السوري هو توفير فرص عمل تحفظ مبدأ تكافؤ الفرص وتؤمن له مصدر دخل مناسب لحياة كريمة، بالإضافة الى إصلاحات سياسية حقيقية تبنى على أسس واضحة وتعزز دور الحياة الديموقراطية في الحياة السياسية دون خوف أو قيود تكبل مشاركة هذا الشباب في العمل السياسي، ومحاسبة كل من تطاول على الوطن ومقدراته دون النظر إلى مركزه الحالي أو السابق أو حتى مكانته الإجتماعية التي لم يحترمها بنهبه لقوت المواطن.
الشباب مثلي على دراية كاملة بأن بعض هذه التطلعات تحتاج الى عمل كبير وفترة طويلة للتحقيق، ولكن الأهم هنا هو معرفة هذه الطموحات واتخاذ الخطوات الأولى لتحقيقها، فسورية مليئة بالمواهب والقدرات التي بإمكانها خدمة هذا الوطن.
لقد حان الوقت ليطوي الشعب السوري صفحات الماضي، ويفتح صفحة جديدة شعارها الجميع في خدمة الوطن،
كونه واثق بالله عز وجل ويحدوه الأمل في القيادة السياسية لتحقيق كافة تطلعاته، إنطلاقاً من تكاتف جهود الجميع والعمل بروح واحدة، لتوفير الأمن والقضاء على المخربين، ومحاربة الفساد الذي يعتبر العامل الأساسي في عرقلة تقدم وتأخر أي دولة، إضافة إلى تصحيح عملية التعليم بما يمكن لبلادنا من الوصول إلى ما وصلت إليه دول الجوار، والاهتمام بالصحة، وغيرها من الأشياء التي تمكن من رفع مستوى الشعب إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً وثقافياً.
ومن هنا لا بد من راسمي السياسات الوطنية وواضعي الخطط التنموية بالقيام بما هو مطلوب منهم في وضع برامج تعمل على صقل مهارات الشباب السوري حتى تكون لديهم القدرة على طرح المبادرات ولتكون لديهم الجرأة والقدرة لتولي زمام الأمور وتطوير ذاتهم ومهاراتهم، من اجل أن يكونوا قادرين على المشاركة في صنع القرار وعدم الإنكفاء على أنفسهم ويصبح من السهل إنجرارهم خلف من يدق أسافين الفتنة لتقسيم وتفتيت الوطن.
وأخيراً ربما أستطيع القول: رغم جميع ما مررنا به من أوقات عصيبة خلال فترة الأزمة إلا أننا كشباب سورية لا زلنا نملك الطموح والأمل على تنمية وتمكين سورية وجعلها أفضل في المستقبل القريب، ومن هنا ستبقى سورية على الدوام صامدة بفضل محبة والتفاف الشباب حولها، فهم أكّدوا للعالم أجمع على أنهم سوريون بإنتمائهم وقيمهم، فهم مشاريع شهادة حين يستدعيهم الوطن في سبيل إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعه.
الدكتور خيام الزعبي جامعة الفرات