تقلص إلى حد كبير حجم الاهتمام الإعلامي الدولي بالتطورات العسكرية في المواجهة الحربية الدائرة في وسط شرق أوروبا منذ زهاء خمسة أشهر بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلف الناتو من جهة أخرى على أرض أوكرانيا.
لقد أصبح من الواضح أن المواجهة المسلحة تسير لصالح موسكو وأن قوات حكومة كييف ورغم ضخامة المساعدات العسكرية والاقتصادية والاستخبارية التي تقدمها لها دول التحالف الغربي أقل قدرة مع مرور الأيام على صد هجمات الجيش الروسي ومنع توسيع سيطرته على الأراضي المتنازع عليها في شرق أوكرانيا حيث يشكل الناطقون بالروسية الأغلبية السكانية. حتى الأوساط السياسية الغربية الأشد عداء لروسيا وفي مقدمتها البريطانية تخلت بشكل شبه كامل عن العزف على الأوتار التي تقدم لمسرحية الانتصار الغربي على مخططات الكرملين تحت قيادة بوتين لإعادة رسم حدود دول شرق أوروبا التي رسمت على عجل دون مراعاة للتوزيع السكاني خلال فترة انهيار الاتحاد السوفيتي بداية العقد الأخير من القرن العشرين.
مقابل هذا التقلص في الاهتمام والتركيز على التطورات العسكرية اتجه الاهتمام إلى تتبع إفرازات الصراع الأوسع من أجل إقامة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب ونتائج الحروب الاقتصادية الواسعة الدائرة وتأثيرها على النظام المالي العالمي والتكلفة الثقيلة والمؤلمة التي تؤدي ثمنها أغلب شعوب العالم وفي مقدمتها ما يوصف بدول العالم الثالث. كما يطرح سؤال كبير مع بقاء حوالي شهرين على بداية موسم الخريف وهو كيف ستتعامل أوروبا مع برد الشتاء إذا استمر الصراع والعقوبات ضد موسكو خاصة وأن أيجاد بديل لمصادر الطاقة الروسية من نفط وغاز سيحتاج انجازه لسنوات.
موازاة مع ذلك تتشكل تدريجيا تكتلات عسكرية واقتصادية غربا وشرقا لتعكس نوعية التوازنات المرشحة للعالم لبقية العقدين القادمين من القرن الحالي.
أهداف تكتمل
يوم الأحد 3 يوليو 2022 أفادت إذاعة موسكو: "أبلغ وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، القائد الأعلى للقوات المسلحة للاتحاد الروسي فلاديمير بوتين بتحرير كامل تراب جمهورية لوغانسك الشعبية من القوات الأوكرانية". وأشار وزير الدفاع، إلى أنه نتيجة للعمليات العسكرية الناجحة، فرضت وحدات الجيش الروسي بالتعاون مع فصائل قوات جمهورية لوغانسك الشعبية، سيطرتها كاملة على مدينة ليسيتشانسك وعدد من المناطق والمراكز السكنية المجاورة.
ومن بين هذه المراكز ذكر الوزير شويغو، بيلوغوروفكا ونوفودرووجسك ومالوريازانتسيفو وبيلايا غورا. وبلغت مساحة الأراضي التي تم تحريرها في اليوم السابق، 182 كلم مربع.
سلطات جمهورية دونيتسك الشعبية بدورها ذكرت إن عملية تحرير دونباس مستمرة، وتقترب من نهايتها.
في لندن وفي نفس التوقيت وفي ما اعتبر ردا على دعوة أوساط غربية لحكومة أوكرانيا بالتفاوض مع موسكو لتجنب المزيد من النكسات، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، إنه لا يجوز السماح بإبرام "اتفاقية مينسك جديدة" -كانت قد وقعت في 5 سبتمبر 2014 لحل مشكلة الصراع في شرق أوكرانيا ولكن كييف لم تطبقها-، ويجب على أوكرانيا أن "تنتصر على روسيا وتهزمها".
وأضافت تراس في مقابلة مع صحيفة "جورنال دو ديمانش"، أن "معاهدة السلام غير المدروسة" ستسمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين "بإعادة تجميع قواته". وتابعت الوزيرة القول: "لذلك، لا يمكننا السماح بظهور اتفاقية مينسك جديدة. أوكرانيا بحاجة إلى نصر خالص يعيد لها أمنها".
في واشنطن صرح مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جيك ساليفان بأن واشنطن تعتقد أن أوكرانيا ستحدد بنفسها الأهداف في الحرب، وعلى الدول الغربية تزويدها بالوسائل لتحقيقها. وأضاف ساليفان: "أجرينا على مختلف المستويات، منها الدبلوماسي وبين العسكريين وبين الرئيسين، مناقشات جدية ومفصلة مع الأوكرانيين بشأن كيف يعتزمون العمل لاحقا، سواء في ما يخص محاولاتهم التصدي لتقدم الروس في الشرق، أو كيفية استعادة الأراضي في الجنوب وفي المناطق الأخرى".
النظام العالمي الجديد
قبل أيام قليلة من بدء العملية العسكرية الروسية نشرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، مقال رأي للكاتب مايكل بيكلي، الأستاذ المشارك في قسم العلوم السياسية في "جامعة تافتس"، تحدث فيه عن انهيار النظام العالمي الحالي، وتشكل نظام عالمي جديد يحركه الخوف من الصين.
وقال الكاتب، في مقاله، إن النظام العالمي يشهد في الوقت الحالي تقهقرا لا يمكن إنكاره، رغم ادعاء البعض أنه يمكن إصلاحه. ووفقا لبعض الدول، تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة تكريس نفسها لقيادة النظام الليبرالي الذي ساعدت في تأسيسه منذ حوالي 75 سنة، بينما يجادل آخرون بأن القوى العظمى في العالم ينبغي أن تشكل وفاقا لتوجيه المجتمع الدولي إلى عصر جديد قائم على التعاون متعدد الأقطاب. في المقابل، يدعو البعض الآخر إلى إبرام صفقة كبرى تقسم العالم إلى مناطق نفوذ مستقرة.
وبحسب الكاتب، فإن ما تشترك فيه هذه الرؤى وغيرها هو افتراض أن الحوكمة العالمية يمكن تصميمها وفرضها من خلال نظام هرمي الشكل، وأنه من خلال ترجيح الكفة لصالح القادة الأكثر حنكة سياسيا وعقد مؤتمرات واسعة يمكن إعادة الهدوء إلى العالم، واستبعاد تضارب المصالح والأحقاد التاريخية، واستبدالها بالتعاون المربح للجميع.
لكن بالعودة إلى التاريخ، لا توجد سوى أسباب قليلة للثقة في الحلول التعاونية. لم تكن أقوى الأنظمة في التاريخ الحديث -من ويستفاليا في القرن السابع عشر إلى النظام الدولي الليبرالي في القرن العشرين- منظمات شاملة تعمل من أجل الصالح العام للإنسانية، بل تحالفات بنتها قوى عظمى لخوض منافسة أمنية ضد خصومها الرئيسيين. وما خلق هذه الحالة من الفوضى هو الخوف والعداء لعدو مشترك، وليس الدعوات المستنيرة لجعل العالم مكانا أفضل.
بداية شهر فبراير 2022 ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية: "لأول مرة في التاريخ الحديث، يواجه فيها الغرب الزوج الروسي- الصيني، كلاهما ليس فقط معاديا بلا هوادة ولكن قوي من الناحية العسكرية والتكنولوجيا الحديثة ومستقر سياسيا وقادر اقتصاديا.
صحيفة "سيدني مورنينغ هيرالد" الأسترالية نشرت مقال رأي للكاتب بيتر آرتشر، تحدث فيه عن الخطر الذي بات يشكله كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ على القوى الغربية.
وذكر إن فلاديمير بوتين، لا يقيم الخيارات المتاحة أمامه نظير فرض سيطرته على أوكرانيا فحسب، بل يختبر أيضا قوة الغرب التاريخية.
ونقلت الصحيفة عن المحلل الروسي البارز المقرب من بوتين، فيودور لوكيانوف، قوله: "كانت الولايات المتحدة تفرض هيمنتها بشكل لم يسبق له مثيل، لدرجة أن تصور تراجع هذه الهيمنة بشكل تدريجي كان شبه مستحيل". وأضاف: "ساهم الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان في زعزعة صورة واشنطن، حيث إن لقطات الفيديو التي صورت الأشخاص الفارين عبر مطار كابل ستسجل في التاريخ كرمز لنهاية عهد أمريكا، التي لن تستعيد مكانتها السابقة".
عملة احتياط عالمية جديدة
كتب سيرغي مانوكوف، في "إكسبرت رو" يوم 30 يونيو، حول خطوة صينية مهمة لتهميش الدور العالمي للدولار الأمريكي.
وجاء في المقال: أعلن البنك المركزي الصيني "بنك الشعب الصيني (PBC)"، بالتعاون مع بنك التسويات الدولية (BIS)، عن إنشاء نظام احتياطي باليوان. علما بأن إندونيسيا وسنغافورة وماليزيا وهونك كونغ وتشيلي تساعد بنك الشعب الصيني وبنك التسويات الدولية في إنشاء نظام اليوان الاحتياطي.
تحاول روسيا والصين منذ سنوات إنشاء عملة احتياطية جديدة مع دول بريكس الأخرى. ويجري السعي لأن تكون سلة العملات بديلا عن صندوق النقد الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. وهي تتألف من مساهمات من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
احتياطيات الصين من العملات الأجنبية هي الأكبر في العالم. ففي مايو 2022، ارتفعت لأول مرة في هذه السنة، بمعدل 80.6 مليار دولار الشهر الماضي، وتبلغ الآن 3.13 تريليون دولار.
في مارس، أفادت الأنباء بأن الرياض وبكين وقعتا اتفاقية لتزويد الصين بالنفط العربي مقابل اليوان. ووفقا لخبراء اقتصاديين، تشير مثل هذه الصفقة إلى أنه حتى في دول مثل المملكة العربية السعودية، هناك شكوك متزايدة حول صحة الاستمرار في مسار الاعتماد مائة بالمائة على الدولار الأمريكي.
وبحسب الخبير الاقتصادي ألكسندر توميك، "يمكن اعتبار أي صفقة مهمة. الصينيون ليسوا وحدهم الذين يحاولون إنشاء عملة احتياط غير الدولار. فالاعتماد على الدولارات الأمريكية يجعل الدول رهينة للنظام المالي الأمريكي، وهو يؤدي إلى الارتهان السياسي للولايات المتحدة".
مخاوف أمريكية
جاء في تحليل نشره موقع الحرة الأمريكي يوم 2 يوليو 2022: في الوقت الذي يمضي فيه حلف شمال الأطلسي للتوسع بخطط ضم فنلندا والسويد، تتحرك الصين وروسيا لتعزيز تكتل أمني واقتصادي يضم إيران والسعودية.
ووفق تحليل نشره موقع "نيوز ويك" تريد بكين وموسكو تحقيق نوع من "التوزان الجيوسياسي" العالمي من خلال استقطاب "خصمين مؤثرين في الشرق الأوسط". ويشير التقرير إلى أن هذه المحاولات تتم من خلال منظمة شنغهاي للتعاون "SCO" ومجموعة "بريكس" والتي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين.
وتأسست منظمة شنغهاي، في عام 2001، من روسيا والصين وأربع دول في آسيا الوسطى هي طاجكستان وقرغيزستان وأوزبكستان وكازاخستان. وانضمت إليها الهند وباكستان في 2017.
وتمثل دول المنظمة نحو 60 في المئة من مساحة أوراسيا، ويقطن فيها نحو 50 في المئة من سكان العالم، وتشكل أكثر من 20 في المئة من ناتجه الاقتصادي.
ماثيو نيبول، خبير في الشؤون الدولية في معهد "ماكدونالد-لورييه" في كندا قال لـ"نيوز ويك" إن منظمة شنغهاي للتعاون ودول "بريكس"، تعتبر منظمات لها صفة إيديولوجية هامة، وكلاهما يركز على تعددية الأقطاب".
وأضاف أنهما "تعملان لمضاعفة القوة لفرض تعدد الأقطاب، وللمساعدة في إيجاد بدائل اقتصادية"، مشيرا إلى أنه من الناحية النظرية فهي تسعى "لتسهيل الروابط الاقتصادية" وسد الثغرات التي تكونها العقوبات الأمريكية، مثل تلك المفروضة على روسيا.
وأشار نيبول إلى أنه توجد "عقبات كبيرة يجب تجاوزها" ولكن قد يكون في إعادة تشكيل "SCO" و"بريكس" دور كبير في إعادة تشكيل النظام العالمي.
إيران حاليا، كان لديها صفة عضو مراقب في منظمة شنغهاي للتعاون وبدأت عضويتها بشكل رسمي في سبتمبر 2021، وأعلنت الخارجية الإيرانية، الإثنين 27 يونيو 2022، أنها تسعى للانضمام لمجموعة "بريكس".
ويأتي تقارب طهران مع الحلفاء الصينيين والروس في مناخ من عدم الثقة المتزايد في إيران تجاه الغرب وخلال فترة تشهد توترات مع الولايات المتحدة، بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.
وفي مايو 2022، كشف وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن السعودية تنظر في الحصول على عضوية "بريكس"، وذلك بعدهما انضمت الرياض لمباحثات "بريكس بلس" والتي ضمت دول المنظمة إضافة إلى الأرجنتين ومصر وإندونيسيا وكازخستان ونيجيريا والسنغال وتايلاند والإمارات، إذ أعلنت بعدها الصين وجود توافق لتوسيع "البريكس".
ويشير التحليل إلى أن هذه الرؤية ليست بعيدة عن رؤية الرياض وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى لتنويع اقتصاد البلاد المعتمد على النفط، وتقديم صورة جديدة عن المملكة للمجتمع الدولي.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد دعا في 22 يونيو إلى تعزيز العلاقات بين دول بريكس "البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا" على خلفية العقوبات الغربية غير المسبوقة التي تضرب الاقتصاد الروسي بسبب الصراع الأوكراني.
وتريد روسيا أيضا أن تطور مع شركائها في بريكس "آليات بديلة للتحويلات الدولية" و"عملة دولية" بهدف خفض الاعتماد على الدولار واليورو، وفق تقرير سابق لوكالة فرانس برس.
الفخ
بتاريخ 30 يونيو صرح الرئيس الروسي بوتين إن "الغرب أوقع نفسه في الفخ لأنه لم يتمكن من تحليل التطورات في العالم التي ستتسبب بإضعاف هيمنته". وجاء ذلك في كلمة لبوتين في مقر هيئة الاستخبارات الخارجية الروسية بمناسبة الذكرى المئوية لتأسيسها. وأكد بوتين أن من أولويات الهيئة التنبؤ الاستراتيجي لتطور الأحداث والمتغيرات على الساحة الدولية. وأضاف: "ما يسمى بالغرب الجماعي.. ينطلق في ممارساته من حقيقة أن نموذجهم للعولمة الليبرالية لا بديل عنه. وهذا النموذج، دعونا نسمي الأشياء بمسمياتها، لا يزال نفس الإصدار المحدث من الاستعمار الجديد، العالم على الطراز الأمريكي، عالم للنخبة، يتم فيه ببساطة الدوس على حقوق الآخرين".
وذكر بوتين بمصير دول وشعوب الشرق الأوسط، مؤكدا أن الغرب اليوم يفعل الشيء نفسه مع الأوكرانيين.
وأشار إلى أن محاولات الدول الغربية لاحتواء روسيا ليست مجرداحتواء، بل "قتال ضد روسيا".
ولفت إلى أن "الغرب يحاول تجاهل حقيقة غير مريحة له، وهي تشكل نظام عالمي متعدد الأقطاب.. في سياستهم يسعون لتحقيق هدف واحد هو الحفاظ على هيمنتهم بأي وسيلة". وشدد على أن مثل هذا السلوك من جانب الغرب يدل على عدم الرغبة في "النظر إلى الحقيقة" ويسهم في زيادة الخطوات المتهورة.
معلومات كاذبة
كتبت صحيفة "التيليغراف" البريطانية يوم 29 يونيو أنه تبين أن التصريحات الغربية حول الهزيمة الإستراتيجية للرئيس الروسي بعد بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا كاذبة.
وأكد كاتب المقال ريتشارد كيمب، أن العديد من الدول، على عكس التصريحات الغربية، تعمل على تعزيز التعاون مع موسكو. حيث تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بتعزيز العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع روسيا، متحديا تحذيرات الرئيس الأمريكي جو بايدن. وأشارت الصحيفة إلى أنه بالإضافة إلى الصين، بقيت الهند وجنوب إفريقيا إلى جانب الزعيم الروسي.
وأضاف المقال أن إندونيسيا رفضت الانضمام إلى حرب العقوبات ضد روسيا. ورغم الضغوط، دعت بوتين إلى قمة مجموعة العشرين في بالي في نوفمبر.
وفي الشرق الأوسط، تبني السعودية والإمارات وإيران ومصر علاقات جيدة مع موسكو، ونوه الصحفي إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والصيني شي جين بينغ شاركا في منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي.
وحسب كيمب، فإن هذا يتناقض بشدة مع الغرب، الذي عقد قمة مجموعة السبع وفشل في تحقيق أي نتائج.
انقسام الناتو
قدرت صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أن الأزمة في أوكرانيا لم تتسبب في خلافات بين دول حلف "الناتو" فحسب، بل أدت أيضا إلى تقسيم أعضاء الحلف إلى ثلاثة معسكرات.
ووفقا للصحيفة البريطانية: "المعسكرات الثلاثة داخل الناتو هي صقور وحمائم ونعام، حيث تضم دول الصقور أعضاء الحلف الذين يعتقدون أنه من الضروري تحقيق عودة سيطرة أوكرانيا على أراضي دونباس وشبه جزيرة القرم، وتوجيه بذلك ضربة قوية لروسيا بحيث لا يمكنها في المستقبل تهديد أي من جيرانها".
ولم تذكر الصحيفة البلدان التي تصنفها على أنها "صقور"، مشيرة إلى أن دول "الحمائم" عازمة على تحقيق تسوية سلمية بين روسيا وأوكرانيا، وهذه الدول التي ستوافق على انسحاب القوات الروسية إلى مواقعها قبل الـ24 من فبراير، على أن تترك لروسيا شبه جزيرة القرم وجمهوريتا دونيتسك ولوغانسك.
وأوضحت الصحيفة أن دول "النعام"هي الدول التي تركز أكثر على المشاكل الداخلية، وتدعم وثائق الحلف، لكنها إلى حد كبير تبحث عن الطريق الأقل مقاومة، وأشارت الصحيفة إلى دول في جنوب أوروبا ضمن هذا التصنيف.
وأشارت الصحيفة إلى "عدم توافق بلدان الحلف على فكرة نشر وحدات صغيرة من قوات الناتو في مدن غرب أوكرانيا بعيدا عن خط المواجهة لردع الضربات الصاروخية" الروسية.
نار تحت الرماد
نشرت صحيفة البيان تحليلا يوم 3 يوليو جاء فيه:
تترقب الولايات المتحدة الأمريكية بقلق غير مسبوق "تمدد الصين عالميا"، وإن أبدت انشغالها "ظاهريا" بالحرب الروسية الأوكرانية، في الوقت الذي تستمر فيه القوات الروسية بتحقيق مكاسب عسكرية في أوكرانيا.
وارتقى نجم الصين على حساب واشنطن، وانتهت الجهود العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط بالإحباط، وفقدت أمريكا تفوقها العسكري والعديد من امتيازاتها الاقتصادية.
وضاعف التنين القادم من الشرق، الشعور بـ"الفزع" لدى واشنطن، حيث قال النائب السابق لوزير الدفاع الأمريكي لشؤون الإستراتيجية وتطوير القوات، إلبريدج كولبي، يوم السبت 2 يوليو، "إن الصين تمثل تهديدا أكبر بكثير من روسيا على أمن الولايات المتحدة الأمريكية". والنتيجة أن روسيا بدت تمثل تهديدا أقل مما كان يفترض الكثيرون، ما يجعل الولايات المتحدة أكثر استعدادا للتركيز على آسيا.
ويتساءل كولبي:"لماذا تضاعف أمريكا جهودها في أوروبا على حساب آسيا بينما هناك خطر أقل من جانب روسيا ومزيد من الدعم الأوروبي الذاتي- بينما يزداد الخطر في آسيا؟".
ويعتبر الكثيرون في السياسة الخارجية والنخبة السياسية في الولايات المتحدة الحرب الروسية الأوكرانية فرصة لمضاعفة جهود واشنطن في أوروبا. وأكثر من ذلك، يرى البعض أنها فرصة لمحاولة إعادة عقارب ساعة السياسة الخارجية إلى الامبريالية الليبرالية التي غطت العالم طوال العقدين الماضيين، لذلك، ينصح كولبي الولايات المتحدة بضرورة مقاومة هذا الإغراء الذي يشبه الطاعون، حيث اتضح أن السياسات الخارجية المتعجرفة المذهلة السابقة كانت غير حكيمة، حتى في فترة القطب الواحد.
ويبدو أن الصين في طريقها لتحقيق طموحات الهيمنة لديها، إذ تقوم ببناء جيش من الواضح أن مهمته لا تقتصر على الدفاع عن أراضي بلاده، بحسب كولبي، لكنه في الحقيقة سوف يكون قادرا على تمكين بكين من مواصلة تحقيق أهداف أكبر وأكثر طموحا- أولا من خلال التهام تايوان، لكن لن ينتهي الأمر عند هذا الحد. وفي حقيقة الأمر، أعلنت بكين مرارا وتكرارا وسط الضجة حول الحرب في أوكرانيا، أنها سوف تزيد إنفاقها العسكري بنسبة 7 في المئة هذا العام
ناسا تحذر
ودخل مدير وكالة الفضاء والطيران الأمريكية "ناسا" بيل نيلسونالنقاش ليعرب عن قلقه من برنامج الفضاء الصيني، باعتباره جزءا من خطر التنين على واشنطن، حيث قال نيلسون في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية الصادرة يوم السبت 2 يوليو: إنه "يجب أن يساورنا قلق شديد من أن تهبط الصين على سطح القمر، وأن تقول: هذا لنا الآن وأنتم ستبقون خارجه... برنامج الفضاء الصيني هو برنامج فضاء عسكري".
ولا يرغب الصينيون في مشاركة نتائج أبحاثهم واستخدام القمر على نحو مشترك، على عكس برنامج "أرتميس" الأمريكي، وسيكون هناك سباق جديد إلى الفضاء - هذه المرة مع الصين"، وفق نيلسون.
وردا على سؤال حول الأغراض العسكرية التي قد تسعى إليها الصين في الفضاء، قال نيلسون للصحيفة: "حسنا، ما الذي تعتقد أنه يحدث في محطة الفضاء الصينية؟ إنهم يتعلمون هناك كيف يدمرون أقمارا اصطناعية خاصة بآخرين".
وتعمل الصين على إرسال رواد فضاء خاصين بها إلى القمر. وهبطت الصين على سطح القمر عدة مرات باستخدام روبوتات بحثية، كما نجحت في جلب صخور من القمر إلى الأرض. وبحسب تقارير إعلامية رسمية في الصين، من المقرر في ثلاثينيات القرن الحالي إقامة محطة دائمة على القمر في خطوة لاحقة. وبحسب البيانات، يمكن إنشاء المحطة البحثية وتشغيلها بالاشتراك مع روسيا.
حلف الناتو
بتاريخ 30 يونيو 2022 أعرب حلف الناتو عن قلقه من النفوذ الروسي والصيني المتزايد على جناحه الجنوبي ولاسيما في إفريقيا، محذرا من خطر زعزعة استقرار هذه المناطق.
وتناولت الجلسة الأخيرة من قمة الحلف التي اختتمت الخميس في مدريد "التهديدات والتحديات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل".
وأوضح الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ مختتما الاجتماع، أن الدول الأعضاء تطرقت خصوصا إلى مسألة "سعي روسيا والصين إلى تحقيق تقدم سياسي واقتصادي وعسكري في الجناح الجنوبي".
وأشار إلى أن ذلك يشكل "تحديا متزايدا" يريد الناتو التصدي له لاسيما "عبر تقديم مزيد من المساعدات" لشركائه في المنطقة، معلنا خصوصا خطة دعم لموريتانيا لمساعدة هذا البلد الإفريقي في ضمان أمن حدوده ومكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب.
وشدد ستولتنبرغ على أن "لانعدام الأمن في هذه المناطق تأثيرا مباشرا على أمن الحلفاء". ومن بين التهديدات غير التقليدية التي تمثل خطرا وخصوصا في هذه المناطق، تحدث حلف الناتو عن الإرهاب، لكن أيضا عن "استغلال" الهجرة غير الشرعية.
وأخذت إسبانيا على عاتقها حسبما أفادت وكالة فرانس برس أن تجعل دول الحلف تدرك التهديدات للجناح الجنوبي للناتو خلال هذه القمة، وقد رحبت بقرار الحلف أن يولي اهتماما بذلك.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الخميس "لقد ضمنا ألا يكون الجناح الجنوبي للناتو منسيا" في خريطة طريق الحلف، وتخشى مدريد خصوصا أن يؤدي انعدام الاستقرار في منطقة الساحل، إلى زيادة الهجرة غير الشرعية.
خسائر "مروعة" في أسواق المال
أدت سياسة الحصار الاقتصادي الغربي على روسيا وعوامل أخرى إلى خلخلة النظام الاقتصادي العالمي وأسفرت عن موجة تضخم غير مسبوقة منذ عقود وقد أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها يوم 3 يوليو 2022 بأن "أسواق المال شهدت في النصف الأول من عام 2022 خسائر "مروعة"، لافتة إلى أنه "يمكن أن يزداد الأمر سوءا".
وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن "الأشهر الستة الأولى من 2022 كانت مليئة بالمفاجآت، كالتضخم وأكبر عملية بيع للسندات في أربعة عقود، والانخفاض في أسهم شركات التكنولوجيا، والانهيار الداخلي للعملات المشفرة"، مشيرة إلى أن "الخطر الذي يلوح في الأفق والذي تجاهله المستثمرون لأشهر هو الركود، لكن ما إذا كان الاقتصاد سينهار أم سيصبح على ما يرام يظل غير معروفا".
وبين تقرير الصحيفة أن "محاولات وضع الاحتمالية عليه تتراوح من 90 في المئة، في استطلاع أجراه بنك دويتشه للعملاء حول الدقة الزائفة البالغة 4.11 في المئة في نموذج التنبؤ بالركود الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك".
وأشار التقرير إلى أنه "بينما يركز المستثمرون أخيرا على حالة من "عدم اليقين" بشأن الركود، فإن المخاطر في أماكن أخرى من العالم قد تضر بالمستثمرين الأمريكيين أيضا"، موضحا أن "اليابان قد تضطر أخيرا إلى التراجع والسماح بارتفاع عائدات السندات، الأمر الذي من شأنه أن يمتص السيولة النقدية التي ضخها مستثمرو البلاد في الخارج".
وذكر أنه "في أوروبا، وعد البنك المركزي بخطة جديدة لدعم إيطاليا - لكننا رأينا هذا العرض من قبل، إذا كان يتبع نمط القليل جدا والمتأخر جدا، فيمكننا أن نرى عودة أزمة ديون منطقة اليورو، وهو أمر لا تستعد الأسواق له".
وأضافت "وول ستريت جورنال" أنه "من المحتمل أن تكون أي نتيجة اقتصادية تقريبا مفاجأة جديدة، وأنه إذا كان هناك هبوط ضعيف، فيجب أن تعمل الأسهم بشكل جيد مع انعكاس الذعر من الركود الأخير، وإذا كان هناك ركود، فقد تكون هناك بسهولة خسارة كبيرة في المستقبل، حيث يبدو أن الانخفاض في الأسابيع الأخيرة فقط مرتبط بمخاطر الركود".
وأشار التقرير إلى أن هناك جزءا صغيرا من الأخبار السارة في الأسواق المالية، وهي أن "الأسعار انخفضت كثيرا بالفعل، مما يقربهم من أي مكان سيصلون إليه في النهاية"، لافتا إلى أن " مؤشر "S&P 500" انخفض بأكبر قدر في النصف الأول من العام منذ خسارة 21 في المئة في عام 1970، عندما كان الاقتصاد في حالة ركود، وأن "Treasurys" (سندات الخزينة) طويلة الأمد خسرت 10 في المئة حتى بما في ذلك مدفوعات القسائم، وهي أكبر خسارة لمدة ستة أشهر منذ أن دفع بنك الاحتياطي الفيدرالي لبول فولكر الاقتصاد إلى الركود في عام 1980".
وأفادت الصحيفة بأنه "لا توجد طريقة مؤكدة لمعرفة الاحتمالية التي يضعها السوق على الاحتياطي الفيدرالي لدفع الاقتصاد إلى الركود هذه المرة".
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن نيكولاوس بانيغيرتزوغلو، المحلل الاستراتيجي في "جيه بي مورغان"، قوله إن "أبسط طريقة لاستخراج الاحتمالات من تحركات الأسعار هي مقارنة انخفاض الأسعار بمتوسط انخفاض الذروة إلى القاع في فترات الركود السابقة"، ونظرا لأن "مؤشر "S&P 500" قد انخفض بنسبة تزيد قليلا عن 20 في المئة، وكان متوسط الانخفاض في آخر 11 حالة ركود 26 في المئة، فإن هذا يشير إلى أن احتمال حدوث ركود اقتصادي بنسبة 80 في المئة تقريبا".
ومع ذلك فإن الكثير من عمليات البيع هذا العام لم تكن تتعلق بمخاطر الركود، ولمعرفة ذلك، نحتاج إلى التمييز بين التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للاحتياطي الفيدرالي على أسعار الأسهم والسندات، فالتأثير المباشر هو زيادة عائدات السندات ودفع تقييمات الأسهم ذات الأرباح إلى أسفل في المستقبل، مما يعني تلك ذات التقييمات العالية مثل "Big Tech"، وكان هذا هو ما سيطر عليه حتى يونيو، مع ارتفاع عائدات السندات وانهيار أسهم النمو، في حين كانت الأسهم "ذات القيمة" الرخيصة جيدة في الأساس، وإذا استبعدنا قطاع التكنولوجيا لاستبعاد الجزء الأكبر من هذا التأثير، فقد كان أداء القطاعات الدورية الحساسة اقتصاديا في سوق الأوراق المالية أقل قليلا من أداء دفاعاتها بحلول السابع من يونيو، ثم تغير كل شيء، واستيقظ المستثمرون على التأثير غير المباشر للاحتياطي الفيدرالي، وهو إضعاف الاقتصاد، وهذا له تأثير معاكس تقريبا على أسعار الأصول، إذ يعني أن الاقتصاد الأضعف تضخما أقل من غيره، مما يبرر انخفاض عوائد السندات، كما أنه يؤثر على الأرباح، خاصة بالنسبة للشركات الدورية، والتي تميل إلى الإضرار بالأسهم ذات التقييمات المنخفضة نسبيا أكثر من الأسهم النامية، وفق "وول ستريت جورنال".
ازمة التضخم
منذ السابع من يونيو، تعرضت الأسهم الرخيصة لضربة قوية وانخفضت القطاعات الدورية خاصة مخزونات النفط وعمال المناجم، حيث أنه في الأسبوعين الماضيين، ظهرت مخاوف الركود في "Treasurys" أيضا، حيث يراهن المستثمرون على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيضطر إلى خفض أسعار الفائدة بقوة في العام المقبل، كما يعتبر الانخفاض بما يقرب من نصف نقطة مئوية في الخزانة لمدة 10 سنوات هو الأكبر خلال هذه الفترة منذ أول إغلاق جراء فيروس كورونا، بحسب الصحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى أن "الأسواق تدرك الآن أن التوقعات "ضبابية"، موضحة أن "هناك مخاطر واضحة يمكن استيرادها من الخارج"، في حين "تراهن صناديق التحوط بشكل كبير على بنك اليابان"، حيث أنها سوف تتخلى عن ضوابطها على عوائد السندات، والتي كانت تحميها من تشديد السياسة النقدية العالمية وسحق الين، وإذا كانت صناديق التحوط صحيحة - وليس هناك ما يجبر بنك اليابان على التحرك- فإن عوائد السندات اليابانية ستقفز ويتحول الضعف الشديد للين إلى أسواق عكسية ومضطربة على مستوى العالم".
وأوضحت "وول ستريت جورنال" أن "تحقيق عوائد أفضل في الداخل، بالإضافة إلى احتمالية حدوث خسائر على العملة، من شأنه أن يدفع جيش اليابان من صغار المستثمرين إلى إعادة أموالهم إلى الوطن، مما يؤدي إلى ارتفاع الين وانخفاض الأسعار في كل مكان آخر - وإضافة المزيد من الضغط الصعودي على عوائد سندات الخزانة"ـ مشيرة إلى أن "الخطر من أوروبا مألوف، وهو السياسة".
وأضاف التقرير: "تصرف البنك المركزي الأوروبي في وقت مبكر لتجنب أزمة تمويل الحكومة الإيطالية، وأمامها الآن مهمة صعبة تتمثل في إقناع الشمال المقتصد بقبول صفقة تضمن سندات الدولة، دون فرض شروط غير مقبولة على إيطاليا، وإذا فشلت في الحصول على أموال كافية، فقد تواجه إيطاليا ومنطقة اليورو مشكلة خطيرة مرة أخرى بحلول الخريف".
وذكر أن "البيانات الاقتصادية بخصوص الركود تسير في الاتجاه الخاطئ، ولم تبدأ أسعار الفائدة المرتفعة في التأثير على الأسر العادية حتى الآن"، مؤكدا أن "المخاطر كبيرة، والأسواق ما زالت غير مهيأة بشكل كامل".
في واشنطن أحرج جيف بيزوس، الملياردير الأمريكي ومؤسس شركة "أمازون"، الرئيس جو بايدن عقب تصريح الأخير بأن "التضخم في الولايات المتحدة يزداد نتيجة لممارسات روسيا في أوكرانيا".
وحث بايدن رجال الأعمال على خفض كلفة الوقود على الفور، وقال: "رسالتي إلى الشركات التي تعمل محطات الوقود وتحدد الأسعار في وقت نزاع عالمي مسلح وخطر".
ورد بيزوس باتهام بايدن بـ"عدم معرفته بالقوانين الأساسية للاقتصاد"، وقال: "التضخم قضية مهمة للغاية بالنسبة للبيت الأبيض لمواصلة الإدلاء بمثل هذه التصريحات.. هذا إما وهم مباشر، أو سوء فهم عميق للديناميكيات الأساسية للسوق".
وارتفعت كلفة المعيشة منذ عدة أشهر في الولايات المتحدة، حيث وصل التضخم إلى 8.5 في المئة، محطما الأرقام القياسية المسجلة خلال 40 عاما، فيما ارتفع سعر البنزين إلى أكثر من 5 دولارات للغالون، من 3 دولارات قبل عام.
عمر نجيب