عامل يدوي يعرض مجرفته للبيع

أربعاء, 2022-04-27 22:15

يجلس هذان المسافران في المقاعد الخلفية لسيارة الأجرة المتجهة من ول أبادو إلى كرفور الرابع والعشرين. وأحدهما عامل يدوي يحمل مجرفته، وقد أسندها على باب الدفة اليمنى، فسده. ويطلب من كل مسافر جديد أن يدخل من الدفة اليسرى، وهذا ما طلب من المسافر الذي إلى جنبه، وجلسا ينتظران. وصاحب الأجرة يصيح بين الفينة والأخرى طلبا لمزيد الركاب. وجاءت امرأة وجلست في المقعد الأمامي. وفي الأثناء دلف رجل يعتمر لثاما أسود ويرفل في دراعة زرقاء. فأشاروا إليه أن يمر من اليسار، ففعل وجلس مع الاثنين المذكورين وانطلقت السيارة.

ولم يمض غير قليل على الانطلاقة حتى ابتدأ العامل اليدوي يسرد شيئا من قصته الحزينة ومن غير أن يسأله أحد؛ وهو أنه يرجع من يوم انتظار طويل، فلم يوفق اليوم لأي انتداب أو شغل ويرجع إلى أهله صفر اليدين ولم يستطع الحصول على أي أوقية لتساعده في قوته وقوت عياله. ويواصل العامل اليدوي موجها كلامه لرفقائه في سيارة الأجرة: هل فيكم من يشتري هذه المجرفة؟ أنا مستعد لأبيعها وبأي ثمن حتى لا آتي للمنزل خالي الوفاض. وانتابت الرفقة حالة من الأسى والتأسف والترجيع، لكن من دون أي يعبر أحد منهم علنا عن رغبته في الشراء.

وأثناء الحديث حول الأمر، طلبت المرأة من العامل اليدوي الاكثار من الاستغفار، فالاستغفار يسهل الرزق ويرشد الإنسان إلى مظانه واستدلت بآية حول هذا. وسأل المسافر الأول الذي كان بجنب العامل اليدوي عن عمله وما الذي يعمل؟ فأجابه أنه يعمل مرة (منيفر)ومرة عامل تنظيف لدورات المياه، وأنه في العادة ينزل من عمله وفي جيبه ما بين الألفين إلى الثلاثة في اليوم، وفي بعض الأيام ربما حالفه الحظ فيغنم أكثر من هذا.

ودار الحديث بين الرفقة والعامل اليدوي والمسافر الثالث لم ينبس ببنت شفه، ولم يعلق بأي كلمة. ولما قرب نزوله من السيارة التفت إلى العامل اليدوي وقال له أكلمك عن جد، ما آخر ثمن تستطيع بيع المجرفة به؟ فقال له: إن أقل شيء يمكن بيعها به هو ألف أوقية، فأدخل يده في جيبه وقال هذه ألفا أوقية ثمنًا لمجرفتك. وأنا أشتريها بهذا الثمن وهاكه وسلمه الألفين. وأخذ العامل الألفين وهَمَّ بتسليم المجرفة للمسافر المقنّع، لكنه رد عليه: أنا أهبك المجرفة التي اشتريتها للتو وأشهد الجماعة المسافرة على ذلك. ونزل المقنع من السيارة. فتعجبوا كثيرا من أمره ودعوا الله له كثيرا وأن يكثر من أمثاله. وعلت ابتسامةٌ ورضًى وجه العامل وحمد الله أن يسر له الرجوع وقد حاز قوت يومه. فسبحان الله من هذا الحديث والله الرازق والمدبر ولكن كثيرا من الناس لا يفقهون.

———————-
#مجرفةٌ_للبيع
#رَمضَان_1443

الكاتب الصحفي سيدأحمد أعْمَرْ محم