رمضان وانتخاب في أولاه 

خميس, 2022-04-07 00:18

تصادف انطلاق الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية في  أواخر أكتوبر ٢٠٠٣ مع استفتاح رمضان لهذا العام. وكانت أيام شديدة الحر والقيظ مع هذا اللفح السموم الذي يغشى الوجوه والأجساد فيصرع الصائم من أول الضحى حتى قبل الظهيرة، ولا يكاد يبلغ المساء إلا وهو صريع ليس به حراك من الإعياء والعطش والإجهاد.

وجاء يوم الانتخاب والذي قابل السابع من نفمبر وولد الطايع يسعى إلى مأمورية جديدة، بعد محاولة الانقلاب، وولد هيدالة في استفاقة جديدة بعد عشرين عاما من فراق الرئاسة الصعب وفي المضمار مرشحون آخرون منهم أحمد ولد داداه ومسعود وآخرين. وتوليت في مكتب قريتنا تمثيل المرشح ولد داداه، فكنت  حينها منتسبا وناشطا محليا في حزب التكتل.

وفي الأيام المؤدية ليوم الاقتراع جمعتنا سهرة مع أحد السياسيين الكبار في مقاطعتنا (باركيول) الذي جاء لقريتنا (كلّير)في زيارة تعبئة مخفية لصالح ولد هيداله. وكان يظن في تحليله الذي يتعصب له أن مرشحه سيرغم ولد الطايع على السقوط في فخ الشوط الثاني وحينها سيتداعى المرشحون الآخرون ويسقط ولد الطايع. وكنت استغرب منه هذا وعبرت له عن استحالة هذا السيناريو، لكن الجمهور الحاضر كانوا ينصتون أكثر لما يقول. ولم أجد أحدا مثلي في استنكار مثل هذا التخريف الساذج ومن سياسي يشق طريقه وبصعوبة إلى النجومية.

كان يوم الاقتراع كالأيام التي سبقته وأعقبته يوما صعبا ورياح ألاوه ذات السموم والحموم تلفح الوجوه. وأخذت مكاني في المكتب ممثلا للمرشح ولد داداه، وابتدأ الانتخاب. كنا حينها تجاوزنا أيام الجاهلية الأولى في التسعينيات حيث لا نظام والمصوت يأتي منتحلا لبطاقة تعريف لا تخصه، التصويت الآن مضبوط نوعا ما والمواطن ببطاقة تعريف واحدة ولا تقبل التزوير كما يقال، ونحن واقفون بالمرصاد لكل انتحال أو تلفيق.

حاولت بجهود خاصة قبل الاقتراع أن أقنع البعض بالتصويت لمرشحنا، وكنت انتظر أن يوفوا بما قطعوا على أنفسهم، لكن حين الفرز حصل ولد الطايع على مائة ونيف  وتبعه ولد هيدالة في حدود أربعين صوتا وأصوات مشتتة بين المرشحين، أما المرشح الذي كنت أمثله فلم يحصل إلا على صوت واحد وواضح جدا للقارئ الكريم لمن هذا الصوت. 

أصبت بخيبة أمل كبيرة واحباط وعرفت أن نتائج التصويت على مستوى مكتب التصويت في قريتنا ستكون هي نتائج البلد كله؛ وهو ما تأكد ساعات بعد ذلك. كان حضور ولد الطايع قويا ومخيفا، وكان القادة المحليون شديدو الولاء له، وأفسدوا كل محاولتنا نحن *الثوار الصغار في الحصول ولو على أصوات تحفظ لنا شيئا من ماء الوجه وترد لنا بعض الاعتبار بعد حملة اصطياد قوية وأيام لفح ولهب شديدة.
————————-
#رَمضَان_في_أولاه

#رَمضَان_1443

الكاتب الصحفي سيدأحمد أعْمَرْ محم