تقرير لجنة التشاور المدرسي، وضرورة مراجعته قبل عرضه على البرلمان د/ إشيب ولد أباتي

اثنين, 2021-11-22 02:42

هل نقول نيابة عن المدرسة التعليمية، والعبء  اللامجدي، إذا كان من أجل اصلاح  حالها في حيثيات التقرير الإداري عنها،، كما قال الشاعر على لسان حبيبته "مال الغبيط  بنا معا عقرت بعيري، يا امرأ القيس فانزل"؟

وهذا يعني ـ ضمن ما يعني ـ المطالبة بترك المدرسة التعليمية كما هي، وتجنيبها مآخذ تطبيقات هذا التقرير الذي طرح أسئلة الموضوع من منطلق الواجب، غرامة ،"مديونية " على الحاضر للغائبين من النشء، الاجيال القادمة، وليس، كموضوع حياة، أو موت لمجتمع الحاضر بكباره، وصغاره، وكيانه السياسي، والحضاري المهدد بالانقراض في نظر البعض،، وهو ما يعبر عنه بالوطن المسافر في متاهات، بينما العالم المعاصر، يسير في مدارات تقدمه التربوي والتعليمي، والحضاري،،

وأين من هذه الفرضية تلك التي طرحها الفرنسيون للاصلاح التربوي في القرن التاسع عشر،وهي أيهما، يستطيع الفرنسيون التعويض عنه في حالة غيابه: السياسي، أو المنهدس؟

فهلا استبدل هؤلاء الخبراء موضوع تقريرهم ـ عن المدرسة التعليمية ـ فوجه من أجل إصلاح الإدارة الوطنية، والتسيير العام للحكومة الموقرة، لأنهما أولى بهذا المشروع السياسي  التوافقي الذي قدم توليفة من الآراء التي شكلت رؤى عديدة، كان الهدف  الظاهر، هو تسجيل  رؤى القائمين على الأيام التشاورية بدلا من مراعاة مطالب النشء، والقدرات الذهنية خلال مراحل النمو العقلي، وقياس عليه ما مايراد للتعليم ممثلا في المراحل الاولية،  وغيرها، بينما، تم اقصاء غيرها بشكل يوضح غياب الرؤية الشمولية لدى الباحثين التربويين مهنيا،  وتهميش قيمة الربط  بين مراحل التعليم  ببعضها البعض في مشروعهم  الذي اختزل التعليم كله في المرحلتين الأساسية، والاعدادية،،؟

وكان من المفترض منهجيا على الباحث تربوي ـ أحرى أن يكون فريقا تربويا يربو تعداده على 800 باحثا، ومن ضمنهم رئيس جامعة سابق، ووزراء، ومدراء، ومفتشين تربويين ـ أن يحدد الظاهرة، كما لو أنه يقدمها في خطة بحث لنيل درجة علمية في مجال تخصصه لجهة علمية، فيعمل على تحديد الظاهرة، والمنطلقات الفكرية، ثم المبررات، والغاية من البحث، ثم التوصيات في آخر البحث،، وذلك ضمن ابواب، و فصول، أو فقرات، وهي خطوات  تعد اجرائية، لتقديم الهيكل العام

خطوات  تعد اجرائية، لتقديم الهيكل العام، والأطراف الجزئية، والمكملة،، بينما غاب بعضها، ودمج بعضها في بعض في التقريرالمدرسي المقدم لوزارة التعليم، لكن أن يكون الأخير بديلا عن الاصلاح التربوي، فهذا موضوع اعتراض من أي باحث ملم بموضوع التقرير، والغاية منه التي روج لها  منذ الافتتاح المدرسي منذ شهرين، وكتب عنها الكثير في الاعلام الرسمي، والحر في المواقع الافتراضية، ومع ذلك ذهبت كل تلك الاجتهادات  في سلة الإهمال، ولم يطلع أحد عليها من أصحاب القرير المذكور ،، فكيف نتقدم  اجتماعيا، وعلميا بهذا التفكير الذي لايستأنس بعالم المعرفة..؟!

ومن الأمور التي ذكرت في ديباجة التقرير تلك المنطلقات الأولية  في سطر واحد من ( المادة الثانية)، وجاءت لواحقها ضمن الخلطة العجيبة الغريبة، لتحديد  الوظائف المناقض بعضها البعض للمدرسة، والمعان العديدة التي اعطيت للمدرسة  التي تمثل واجهات عديدة الابعاد، ولعل الضرورة ـ ربما ـ لإسكات كل الحاضرين، والحصول على الموافقة العامة، لكن ذلك، ظهر جليا على أنه كان على حساب الاصلاح التربوي المنشود من المجتمع، الأمر الذي يتطلب إعادة التقرير إلى اصحابه ـ  وشكر الله سعيهم ـ واستبداله  بآخر يوكل الى أهل التخصص التربوي من علماء الاجتماع، ومناهج البحث العلمي، وطرق التدريس التربوي، والنفسي بهدف إعداد برنامج للإصلاح التربوي، وليس تقريرا إداريا،، وقد يتطلب الأمر وقتا لا يقل عن سنة لدراسة الظاهرة التربوية في بلادنا، ومتطلبات الاصلاح التربوي في البنية التعليمية، ومعرفة مظاهر الخلل، والجوانب التي يمكن استثناؤها من عملية الترميم التربوي..

ولعل هذا بديلا علميا، وعمليا للتقرير السياسي التوافقي الذي كان الاحرى أن يقدم لمجلس الإدارة السياسية، والتسييرالحكومي، لا كبديل عن الإصلاح التربوي، فالقوم لم يهتموا حتى بتحديد المصطلحات الاجرائية  في الدراسة التربوية، كالمجتمع الموريتاني الذي هو ليس أمة، وانما جزء من أمته العربية، وتعليم اجياله لم تنفصل عن المشروعات التربوية للجامعة العربية، و التعليم في اقطار الوطن العربي،، ثم إن الحديث عن لغة  التدريس، يفرض تحديد لغة قواعواعدية، وليس اللهجات المحلية التي لم تحمل خصائص اللغة، ولا يمكن تعليمها في علوم اللغات الصوتية، اللهم  طريقة السماع الاحادية التركيز،، ومثال آخر عن المدرسة، كاسم مكاني للتعليم، وليس لها معنى المواد التربوية، والتعليمية، وطرق التدريس،،وهذا يطرح اكثر من سؤال حول مرجعيات التشاوريين وعلاقتهم بموضوع التكليف، الاصلاح التربوي الذي أحاله الى تقرير إداري،،! ولماذا الاستخفاف بمشروع تربوي، ينظر إليه على أساس أنه "مديونة" لاجيال المستقبل على المجتمع الحاضر، و"ظرفيته" السياسية،،؟

ولماذا تأخذ العزة بالنفس هؤلاء المقررين، والاعتداد ومعارفهم المختلفة، وإهمال قيمة التخصصات في العلوم المعاصرة،،؟

لأن من مظاهر الغرور المعرفي لدى هذا الفريق الإداري، ما يوضح الى أي حد لازال المثقف الموريتاني، ينتمي الى مرجعياته القروسطوية، واعتباره موسوعيا: حكيما، وأديبا، وفقيها دينيا، ومستشارا سياسيا، وعالما تربويا، ومؤرخا على غرار ابن خلدون الذي كتب في  كتابه " المقدمة" عن علم العمران ، فاضطر الى تقديم مباحث نظرية  لفروع  من معارف عصره، وعندما أراد الكتابة عن التاريخ، فأخذ بمنهجية المؤرخين السابقين، بل كان اسوأ منهم من جهة اهماله لمراجعه، خلافا للبكري في كتابه "المسالك والممالك" الذي وثق مصادره التاريخية،لقد غاب علماء الاجتماع التربوي، واختصاصيون  في مناهج البحث العلمي ، وطرق التدريس، وعلم النفس التربوي عن لجنة التقرير الاداري المذكور، لأن الموضوع من صميم تخصصاتهم، وهم العارفون بالمرجعيات الحديثة، كنظريات التربية، والإصلاح التربوي التتبعي في كل المجتمعات المعاصرة التي طرقت ابواب الحداثة  به،، ولذلك نسأل اين النظريات التربوية ل " جون ديوي" العالم الأمريكي وهو الفيلسوف التربوي؟ وهل يعلم القوم خطورة اهمال نظرياته على المجتمع الأمريكي خلال قرن كامل، بينما كانت ايجابيات اصلاحه التربوي مصدر التقدم العلمي للاتحاد السوفييتي، وكيف أنه ركز على التعليم المهني، ففرض فتح المدارس والمعاهد ل" التعليم المهني" عن طريق تفكيك  الصناعات ، المخترعات، واعادة تركيبها،، وبذلك  أوصل ـ باصلاحه التربوي ـ الاتحاد السوفييتي الى الفضاء قبل العالم اجمع بما فيهم بلاده امريكا،،،؟!

فهل فريقنا المشرف على تقريره خلال ايام التشاور المدرسي، كان يخاف من الإصلاح التربوي الذي يقود الى التقدم، نظرا لتعلقه المحموم بالتخلف في عقله  الباطني، لذلك لم يقطع علاقته المعرفية معه، كتعلق البعض باللغة الفرنسية في المراحل التعليمية الأولى، فكان التقرير ناقصا، بل خاليا من الاصلاح التربوي الذي استعيض عنه بالتقرير السياسي الفج لوزارة التعليم ؟