بعد النجاح الكبير الذي حققته ايران امام الدول الكبرى خلال مفاوضاتها النووية، وبعد ان اظهر المفاوض الايراني تركيزا عاليا واعتمد على دعم كبير من الجبهة الداخلية في ايران ومن تأييد اصدقاء ايران. لا تزال الامور في الطور التمهيدي لبداية عصر ايراني جديد في الاقليم. فالولايات المتحدة الامريكية لا تعطي صكوك الغفران لاحد، والدول الكبرى تدافع عن مصالحها اكثر من كونها شركة تأمين. وقد انقسم الكتّاب العرب الى قسمين ، قسم يؤيد ايران وقسم يؤيد السعودية . وهذا عوار واضح في الموقف السياسي العربي .
قرأت الكثير مما كتب عن الاتفاق، وتابعت بدقة كل ما صدر عن المسؤولين السياسيين والامنيين الايرانيين، والاهم ما صدر عن المرشد الروحي اية الله خامنئي. ورأيت كيف ان العالم بات جاهز ليعامل ايران معاملة جديدة ومختلفة، لكن ايران ليست جاهزة بعد لمعاملة نفسها معاملة جديدة.
ويمكن ان نتخيل ان الخطة ب عند اسرائيل يمكن ان تكون ضمن المحاور الخمسة التالية:
- محاولة تعطيل الاتفاق عن طريق اللوبي الصهيوني في الكونجرس الامريكي.
- محاولة تعطيل البرنامح النووي استخباريا ولم ننس ان رئيس اركان جيش الاحتلال اقام مؤخرا كتيبة جديدة اسمها كوماندوز وقد جمع فيها كل المخربين والقتلة في اطار رسمي تابع لهيئة الاركان.
- محاولة تحالف اسرائيلي خليجي لا سيما سعودي.
- تحريك سوق السلاح لتكون اسرائيل المستفيد الاول والمنافس في بيع السلاح الذي لا يؤذيها ، للعرب.
- او احتمال سقوط حكومة نتانياهو قبل نهاية العام .
اما ايران فقد اخطأت في خمس زوايا ، ولم تستخدم عقلها في الامن الوقائي ومنع المشاكل المستقبلية قبل وقوعها، فقد لوحظ منذ اللحظة الاولى ان جيرانها العرب غائبون عن المشهد ما يثير قلقهم، حتى ان امين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي وحين بارك الاتفاق لم يتم دعوته لطهران لشرح الاتفاق، ولم يتطرق المرشد خامنئي الى شكره او مدحه لانه ايّد الاتفاق بل اهمله تماما مثلما اهمل تصريحه القادة الايرانيون الاخرون. وعلى ايران ان تعرف ان هناك خمس ثغرات في هذا الاتفاق:
- لم تطفئ ايران قلق السعودية ولم تستخدم مهاراتها في اتمام هذا الامر .
- لم تنجح ايران في احداث اختراق في العلاقة بين مصر السيسي ما يفقد الاقليم كله حالة التوازن .
- ازدرت ايران السلطة الفلسطينية بل ان الرئيس روحاني لم يلتق بالرئيس عباس، وبينما ادركت السعودية ومصر اهمية البوابة الفلسطينية ضد اسرائيل ، لا تزال طهران تتعامل مع فلسطين كشعار حزبي اعلامي مجرد.
- لم تطور ايران ديموقراطية الحكم عندها، ولم تبعث برسائل تهدئة للمعارضة الداخلية . بل ان قادة ايران انتهزوا فرصة الاتفاق لتغليظ الخطاب الاداري الحكومي لديهم. وتواصل ايران التمسك بمفهوم الدولة الاوتوقراطية ضد الدولة الديموقراطية وهي صفة تحملها السعودية ايضا ، ما يعني ان كل المنطقة الان تدفع ثمن صراع دولتين اوتوقراطيتين دون اي بشائر لقيام دولة ديموقراطية فيهما .
- رغم كل الخطابات النارية التي نسمعها، غرقت ايران في العراق ولا تزال تحتاج الى الغرب والعرب والاتراك وامريكا لهزيمة داعش.