إنني عندما أقرأ قصة بني إسرائيل التي جاءت في سورة البقرة (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّه يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللّه أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)) أجد تلك القصة تنطبق على حكام العرب والمسلمين بالذات في العصر الحديث الذي وصلوا فيه إلى تخمة زائدة من الثروة العربية والإسلامية بينما المواطن العربي والإسلامي يعيش الفقر رغم الثروات الهائلة في بلده التي أعز الله الأمة العربية والإسلامية بخيرات العالم وجعل الأمة هي المتحكمة في عصب الحياة في هذا العصر الحديث وهي المواد البترولية وغيرها من الخير العظيم في المنطقة العربية، ولكن نجد حكام العرب ورأس المال العربي يتسألون فيما بينهم كيف نعمل بالمال الوفير الذي لدينا من الذهب وغيرها من المعادن الثمينة والورق المختلف ويقولون مثل بني إسرائيل في قوله تعالى (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنَ لَّنَا مَا هِي قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ (68)) وحكام العرب والمسلمين وأصحاب رأس المال العربي والإسلامي أصبحوا يتسألون فيما بينهم كيف يفعلون بالثروة العرية والإسلامية وأين اليد الأمينة لها التي تحفظها لهم ولم ينضروا إلى المجتمع العربي والإسلامي الذي له الحق في تلك الأموال التي وهبها الله للأمة بكل عام ويستشيرونه بل ذهبوا إلى الشركات العالمية الغير إسلامية لوضع الاستشارة لهم ووضع الدراسات والحلول، فنضرت تلك الشركات إلى مصلحة شعوبهم ولم تنضر إلى الشعوب العربية والإسلامية التي هي صاحبة المصدر لهذا المال والثروة المستخرجة من المنطقة العربية والإسلامية ولكنهم ذبحوا الجاموس لأن العيب في حالبها.
وانطبق على حكام العرب والمسلمين ورؤوس المال العربية والإسلامية قول الله عز وجل في قصة بني إسرائيل التي ذكرت في سورة البقرة (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ اللّه لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الاْرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ (71)) وعلينا أن نكون منصفين بأن حكام العرب والمسلمين لم يتجهوا إلى الله بل خرجوا عن تعاليم الإسلام، ولم يعملوا مثل بني إسرائيل الذين قاموا في الأخير بتنفيذ ما أمرهم الله به وذبحوا البقرة وما كادوا يفعلون، وحكام العرب والمسلمين ذهبوا إلى الشركات العالمية مخالفين تعاليم الإسلام ووضعت تلك الشركات الرأي على حكام العرب والمسلمين وأصحاب رأس المال العرب والمسلمين بأن المكان الأمن هو البنوك الغربية والاستثمار في الشركات الغربية وقالوا لهم الأن جئتم بالحق وإنا بعدكم مهددون ولم يأخذوا الدروس والعبرة ولم يتبعوا القرآن الذي فيه النجاة للأمة العربية والإسلامية ولقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من أعداء الإسلام بقوله (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)) وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52))
ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد حذرنا منهم بقوله (وقال عبدالله إن الله عز وجل لم يخلق شيئاً في الدنيا والآخرة إلا جعل له نهاية ينتهي إليها وينقص ويزيد فالإسلام اليوم مقبل وله ثبات ويوشك أن يبلغ نهايته ثم ينقص الدين ولا يزي إلى يوم القيامة وآية ذلك أن تفشو الفاقة وتقطع الأرحان حتى لا يخاف الغني إلا الفقر ولا يجد الفقير من يعطف عليه)، (وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم باعاً كباع وذراعاً كذراع وشبراً كشبر حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتم، قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن)، وقال هشام بن عروة عن أبيه إنما هلك بنو إسرائيل حين نشأ فيهم أولاد سبايا الأمم قبلهم فوضعوا فيهم الرأي فهلكوا)، وقال ابن مسعود: القصد في السنه خير من الاجتهاد في البدعة، وقال خالد الربعي: بلغني أنه كان في بني إسرائيل شاب قد قرأ كتاباً وعلم علماً وأنه كان مغموراً فيهم وأنه طلب بقراءته الشرف والمال فابتدع بدعاً أدرك الشرف والمال في الدنيا حتى آمن به وهو كذلك فتفكر ليلة وهو على فراشه فقال في نفسه هي هؤلاء الناس لا يعلمون ما ابتدعت، وقال ابن مسعود: خط لنا النبي صلى الله عليه وسلم خطاً، ثم خط إلى جانبه حطوطاً، ثم قال للخط الأول: هذا سبيل الله يدعو إليه، وقال للخطوط: هذه سبل الشيطان، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم قرأ (وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) فحذر من البدع ومحدثات الأمور. ومن ذلك ما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( لتتبعن سنن الذين من قبلكم باعاً كباع وذراعاً كذراع وشبراً كشبر حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم، قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى! قال: فمن؟!).
إن الثروة العربية اتجهت إلى المجتمع الغربي الذين بنوا الاقتصاد داخل شعوبهم وقاموا بتشغيل الأيدي العاملة لديهم بينما المواطن العربي يتسول للعمل ولا يجد في وطنه لأن ماله مسلوب والإيرادات العربية والإسلامية مسلوبة بيد أعداء الأمة العربية والإسلامية، إن العالم الغربي أصبح منارة للعلم في هذا العصر وخدموا البشرية ولم يكتفوا بما لديهم من الثروات العربية والإسلامية بل أخذوا ما في جيوب المواطنين العرب والمسلمين من الأموال لهم مقابل ما ينتجونه من التكنولوجيا والغذاء وغيرها، إننا في القائمة الأخيرة من التخلف العلمي والاقتصادي.
إن البلدان العربية والإسلامية من البلدان الخصبة في الإنتاج الزراعي ولو أحسنا الاستثمار في ذلك لوصلنا إلى الاكتفاء الذاتي ولصدرنا الفائض مضاف إلى ما تمتلكه الأمة العربية والإسلامية من الثروات البترولية والمعادن النفيسة وغيرها من الثروات التي يقوم بها عصب الحياة في هذا العصر. إننا نسمع في الإعلام المرئي أو المسموع أو المقروء بأن العلاقات ندية بيننا وبين المجتمعات في العالم ونحن نقول لحكامنا أن ذلك غير صحيح ولا واقعي فهم لا حول لهم ولا قوة في هذا العصر ولم يقوموا بعمل شيء داخل شعوبهم إلا بحسب ما تمليه عليهم الدول العظمى في العالم بينما يقول الحكام العرب أن العلاقات ندية ونحن نتسأل كمواطنين عرب ومسلمين كيف ندية والطيران يقصف كل يوم داخل المنطقة العربية والإسلامية بدون علم حكام العرب والمسلمين وهم في الحقيقة يتلقون الخبر مثل أي مواطن أو مسلم وفي الحقيقة هم خداماً لهم وليسوا حكاماً منفذين لما يؤمروا به من الدول العظمى ويقومون بتنفيذه داخل شعوبهم وفقاً لما تراه نظريتهم ومصالح شعوبهم داخل الوطن العربي والإسلامي.
إننا والمال العربي والإسلامي تحت الوصاية الدولية والاحتلال الغير مباشر للأمة العربية والإسلامية من قبل المجتمع الغربي والشرقي وهذه هي حقيقتنا مع أعداء الأمة، فهل من شخصية عربية وإسلامية تلقى بركة مدبر الكون بدلاً من بركات العلمانية والصهيونية المفرغة من القيم والأخلاق الغير إنسانية؟ إن القرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما تكتنزه الأمة العربية والإسلامية من المراجع الإسلامية جديرة بأن تكون نواة حقيقية لاستخراج دستور عالمي يحافظ على جميع الحقوق البشرية وما في الكون من حياة لأنه يحمل قيم ومفاهيم عادلة للبشرية جميعاً وتكون الأمة العربية والإسلامية هي المنارة لحياة البشرية جميعاً قال تعالى (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب (39)).
الشيخ عزيز بن طارش سعدان شيخ قبلي الجوف برط ذو محمد اليمن