تلقّت إسرائيل صفعة مجلجلة من الرئيس الأمريكيّ السابق، دونالد ترامب، عندما وقّع في الساعات الأخيرة قبل مغادرته البيت الأبيض أمس الأربعاء على صفقة طائرات إف35 للإمارات العربيّة المُتحدّة، وأكّد مسؤولون في تل أبيب أنّ حصول الدولة الخليجيّة على الطائرات المتطورة والمتقدمة سيؤثر سلبًا على التفوق النوعيّ لسلاح الجوّ الإسرائيليّ.
وأشارت التقارير الإعلاميّة إلى أنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان على ثقةٍ بأنّ الصفقة ستؤجَّل حتى يتخّذ الرئيس الجديد جو بايدن قرارًا في هذه القضية، إلّا أنّ توقيع ترامب، بحسب المصادر في تل أبيب، أكّد أنّ الرئيس الأمريكيّ السابِق، وعلى الرغم من الهدايا التي منحها لإسرائيل يبقى أولاً وأخيرًا يهتّم بمصالح أمريكا، وعلى نحوٍ خاصٍّ التجاريّة والاقتصاديّة.
مع ذلك، فقد برز واضِحًا أنّ الاهتمام الإسرائيليّ الرئيسيّ ينصّب على الاتفاق النوويّ مع إيران، والتي قد تُقدِم إدارة الرئيس الجديد على توقيعه، الأمر الذي قد يُعيد القضية إلى المربّع الأوّل، علاوةً على ذلك، تخشى تل أبيب من أنْ يقوم الرئيس الجديد بإلغاء العقوبات المفروضة على إيران، علمًا أنّ إسرائيل هي من أشّد المؤيّدين لها.
في السياق عينه، شدّدّت محللة الشؤون السياسيّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، دانا فايس، على أنّ نتنياهو فقد “ملعبه البيتي” في العاصمة الأمريكيّة، وأنّ واشنطن في عهد بايدن ستكون عاصمةً للدولة العظمى، كما كانت قبل ولاية ترامب، لافِتةً إلى أنّ الجميع كانوا على علمٍ بأنّ نتنياهو يحظى بمعاملةٍ خاصّةٍ جدًا من قبل ترامب وإدارته.
وأكّدت المصادر الإسرائيليّة أيضًا أنّ إسرائيل لا تكتفي بالنوويّ الإيرانيّ، الذي تعتبره تهديدًا وجوديًا عليها، بل أنّها طلبت من الإدارة الجديدة، أنْ يشمل الاتفاق الجديد مع إيران في حال البدء في المحادثات، قضية الصواريخ الإيرانيّة الباليستيّة التي تُهدّد أمن الدولة العبريّة، وهو الأمر الذي ترفضه إيران جملةً وتفصيلاً.
وفي هذا السياق نقل محلل الشؤون العسكريّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، روني دانئيل، عن مصادر أمنيّةٍ إسرائيليّةٍ رفيعة المستوى قولها إنّ تل أبيب أوضحت لواشنطن أنّه في حال رفض الإدارة الجديدة الربط بين النوويّ والصواريخ، فإنّه لا مجال للمفاوضات بين إسرائيل والولايات المُتحدّة.
في السياق عينه، لم تُخفِ إسرائيل الرسميّة “ألمها” على انتهاء ولاية ترامب وبدء الحقبة الجديدة مع بايدن، وحتى الدقيقة التسعين واصلت توجيه رسائل تحدٍّ للرئيس الجديد، والتي توجّها الرئيس الإسرائيليّ، رؤوفين ريفلين، عندما وجّه دعوة لترامب للقيام بزيارةٍ إلى إسرائيل، وهو الأمر الذي اعتُبِر في تل أبيب خطوةً خارجة عن البروتوكول، إذْ أنّ العادة جرت أنْ تُوجَّه الدعوة للرئيس الذي يتواجد في البيت الأبيض وليس لسلفه، كما أنّ توقيت الدعوة كان لافِتًا جدًا. يُشار إلى أنّ ترامب لم يرُدّ حتى اللحظة على دعوة الرئيس الإسرائيليّ.
ير بالذكر أنّ ترامب قدّم طوال فترة حكمه ما لم يقدمه أيّ رئيسٍ أمريكيٍّ من قبل، ففي ديسمبر (كانون الأول) 2017 اعترف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، في خطوة تبعتها إدانات وانتقادات عربية ودولية وإسلامية.
وأصبحت الولايات المتحدة بإعلان ترامب أول دولة تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، منذ إعلان وثيقة استقلاها عام 1948. وقال مسؤولون أمريكيون إنّ هذه الخطوة هي اعتراف بمزاعم “تاريخية قائمة على أنّ المدينة تعتبر عاصمة دينية للشعب اليهودي، واعتبارها مركزاً للحكومة الإسرائيلية”.
وعلى الرغم من الاعتراض العربي والإسلامي والدولي على خطوة ترامب تلك، فإنه لم يكتف بها، بل منح إسرائيل هدية أخرى بتوقيعه إعلاناً تعترف الولايات المتحدة بموجبه بسيادة إسرائيل “الكاملة” على مرتفعات الجولان، في 25 من مارس (آذار)، والتي استولى عليها الاحتلال من سوريّة عام 1967 وضمها إليه في 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدوليّ.
ومن المُهّم الإشارة إلى أنّ إسرائيل كانت قد أوضحت الشهر الفائت للمسؤولين المُقرّبين من بايدن أنّها ستُواصِل عملياتها العسكريّة ضدّ التمركز الإيرانيّ في سوريّة، وأنّ سياستها المذكورة لن تتغيّر مع دخول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض، وهو الأمر الذي اعتُبِر استباقًا لأيّ قرارٍ قد يتخذّه بايدن فيما يتعلّق بالشرق الأوسط.
(رأي اليوم)