واضح أن الرئيس التركي أردوغان يرى نفسه في مستوى قوة السلاطين، وهو يجتهد في أن يؤكد أنه اكثر من رئيس (منتخب) لجمهورية أتاتورك، وأنه أقرب إلى أن يكون وريثاً للسلطان سليم الفاتح.. الذي جاء إلى الحكم في اسطنبول بعد انهيار الخلافة الفاطمية في القاهرة، ولم ينفع في تأخير ذلك الانهيار انتصار صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين بجيش جاء ببعضه من مصر ثم استعان بالعرب المسلمين في المشرق الذين كانوا يعيشون ذل المهانة تحت حكم الصليبيين.
كل هذا من التاريخ الذي مضى وانقضى ولن يعود..
لكن “السلطان” أردوغان يجرب أن يصنع تاريخاً جديداً وأن يعيد إلى الأتراك أمجاد السلاطين..
من هنا إنه يقتحم الحدود السورية ويطرد منها قوات الجيش المتعب والبعيد عن العاصمة، بل المتروك للريح… فيتقدم نحو حلب ويحتل منبج التي نفى “السلطان الآخر” سيف الدولة الحمداني ابن عمه وخدينه الشاعر “أبو فراس الحمداني”..
ثم أن أردوغان يرسل قواته بحراً (وجواً) إلى ليبيا، التي صارت بلا دولة بعد إسقاط معمر القذافي ونظامه الفوضوي، ونشرها بين طرابلس ومصراته وسرت مستفيداً من ولاء بعض من وصل إلى الحكم في العاصمة التي بنى القصور فيها المستعمر الإيطالي بعد أن شنق البطل المجاهد عمر المختار إثر خسارته آخر مواجهة له مع الإحتلال.
سلطان الفوضى أردوغان يحمل دولته وجيشها ما يفوق طاقتها.. بل إنه يجند الهاربين من الحروب داخل سوريا ويرسلهم إلى ليبيا، مفيداً من أنهم خرجوا من دولتهم فصاروا في العراء، ولن يعرف أحد بموتهم إلا بعد حين..
والنسيان أهم مزايا عرب القرن الواحد والعشرين..
طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير