ما زال وباء كورونا في ذروته، وفي المُجتمعات الغربيّة خاصّةً، ولكنّ الفضائح العُنصريّة بدأت تتكشّف، وتظهر وجهها البَشِع، ففي أمريكا بلد الحُريّات، تُؤكِّد التّحقيقات والأبحاث أنّ الأمريكيين السّود هم الأكثر مُعاناةً، ونسبة الوفيّات بينهم هي الأعلى قاطِبَةً، وتبيّن أنّ المُستشفيات تُعيدهم من أبوابها وتأمُرهم بالعودةِ إلى بُيوتهم للموت هُناك، فلا أسرّة لهُم.
بوريس جونسون صاحب نظريّة “مناعة القطيع” وصديق ترامب المُفضَّل، كان أوّل ضحايا نظريّته، ويقبع حاليًّا في الحظر الصحّي تحت العِناية المركّزة ووزير صحّته أحد كِبار المُنظِّرين لأفكارِه العُنصريّة الفاشيّة في غرفةِ عنايةٍ مُركَّزةٍ أُخرى، والنّظام الصحّي في حالِ انهيارٍ كاملٍ، والموتى بالآلاف، والصُّورة قاتِمةٌ جدًّا.
هذا النّظام الرأسمالي المُتغَوِّل عُنصريٌّ حتّى النّخاع، يُريد “تنظيف” المُجتمعات الغربيّة من الأقليّات العِرقيّة والسّود خاصّةً، والقضاء على كِبار السّن الذين باتوا يُشَكِّلون عِبْئًا على نِظام التّضامن الاجتماعيّ، والتّركيز فقط على الأصحّاء الأقوِياء الشبّان.
صديق بريطاني من أصلٍ عربي أكّد لي أنّه التقط فيروس كورونا وهو يُمارس عمله كطبيب ونقله إلى عائلته، ولم يَجِد أيّ عِلاج أو رعاية صحيّة، لسببٍ بسيطٍ وهو عدم وجوده أصلًا، وقال ساخِرًا، أجريت الاختِبار لمعرفة ما إذا كُنت قد أُصِبت فِعلًا بالفيروس أو تغلّبت عليه، أُسبوعٌ وأنا أنتظر، دون جواب وتبيّن أنّ أجهزة الفحص “عاطلة” ولا تعمل، وإن عَمِلَت فنتائجها كارثيّة وليس لها علاقةٌ بالموضوع.
هذا اليمين العنصريّ الفاشيّ المُتطرِّف وصل إلى السلطة على حِساب التّخويف من المُهاجرين، وأهمل أيّ شيء آخر، وارتكَب المجزرة تِلو الأُخرى في “تجريفِ” النّظام الصحّي من أُسسه، وعندما احتاجه المُواطن لم يَجِده.
ترامب الآن، وبعد ثلاثة أشهر من الإهمال، اكتَشف أنّ السّود الأمريكيين الأفارقة هُم الأكثر مُعاناةً، وأنّهم مُواطنون أيضًا، وأبدى تعاطُفًا معهم، لأنّ أمريكا بالنّسبة إليه هي أمريكا البيضاء.
الثّورة الإفريقيّة السّوداء قادمةٌ إلى أمريكا، والعُنصر المُفَجِّر هو فيروس كورونا، وزمن مُتاجرة ترامب وأصهارِه الكوشنريين بمُقدّرات أمريكا لحِساب ناديهم التّجاري، يقترب من نهايته، مارتن لوثر كينغ قادم حتمًا، ومعه حلمه الجديد بتدمير العنصريّة والفوقيّة والغطرسة البيضاء، والشّيء نفسه يُقال أيضًا عن المُجتمع البريطاني الذي ضلله تلاميذ ترامب وأخرجوه من أوروبا، ودمّروا اقتِصاده ومُؤسّساته.. لحظة الحقيقة تقترب بسُرعةٍ، وسيكون الحِسابُ عسيرًا.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”