موريتانيا 13 تُجري مقابلة مع الخبير التربوي ويكشف المستور ويُقدِّم البدائل

اثنين, 2019-09-02 00:56

أجرت موريتانيا 13 مقابلة مع الخبير التربوي الأستاذ الباحث :القطب باب ازخيمي وذلك في إطارالبحث عن واقع الحقل التربوي وكيفية الخروج من ازمته التي يكاد يكون الإجماع عليها كاملاً  وكان لنا معه الحوار التالي:
س/أهلا بكم أستاذنا حدثونا بإيجاز عن شخصكم الكريم :
ج/ اسمي القطب باب ازخيمي من مواليد مقاطعة باركيول ، درست بها الابتدائية أما الإعدادية والثانوية ففي كيفة ، بعد تخرجي من الجامعة دخلت المدرسة العليا للتعليم وتخرجت منها فحولت أستاذا لثانوية تمبدغة ومنها إلى تجكجة ومن تجكجة إلى كيفة ومن كيفة إلى ثانوية تفرغ زينه -بواسطة كبيرة طبعا -ثم إلى ثانوية الميناء ثم عدت إلى المدرسة العليا للتعليم للتكملة سنة 2010 ومنها حُولت إلى الثانوية العربية التي حُولت منها معارا للمعهد التربوي الوطني بطلب من مديره أنذاك الذي كلفني بقسم المواد الأدبية الذي يعنى  بالإشراف على تأليف الكتاب المدرسي الإعدادي والثانوي 
وهنا أشير إلى أنني دخلت تصفية قسم الآداب لشهادة " الماستر "وحصلت عليها ،هذه الشهادة في مناهج البحث واللغة مابين 2015-2017 ، وأنا الآن رئيس قسم الموادالأدبيةبالمعهدالتربوي الوطني.
س/ حدثنا عن واقع التعليم في موريتانيا.
ج/ التعليم كما تعلمون هو حقل الحقول الذي تنمى فيه العقول وحين يصبح عاجزا عن هذه المهمة يصبح أبناء البلد كما ترون الآن ،بين مقلد لمظاهر سيئة من عالم آخر وَلصٍ مُحْترفٍ يمتهن السطو والحرابة وأحسن مخرجاته أن يشكل محطة يأسٍ  فيتوجه الناس بأبنائهم إلى أدوات كسب رخيصة كأصحاب العربات وبائعي رَصيدٍ وفواكه وخضار .
فحين يصبح حامل الشهادة لايكاد يُبِين ولايحلم بفرصة عمل مُشَرِفة ، عندها يصبح الناس زاهدين في تدريس أبنائهم لأنهم رأوا بأم أعينهم أمثلة مادية على عدم جدوائية التعليم خاصة إذا علمنا أن الدراسة لم تعد مجانية -كما كانت - بل إنها تحتاج إلى إنفاق لاَ تَقْدر عليه إلّا القِلة القليلة .
س/ما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الواقع المخيف؟
ج/ أسباب عديدة لايمكن حصرها في مقابلة كهذه ولكن سأحاول تسليط الضوء على أهمها:
أولا نحن كنا مجتمعا بدويًا لانبغي بالترحال بديلاً ولاسبيل للعز عن الانتجاع ،ولما بدأت الدولة ضربنا عنها صفحا ولم يتجه إليها من هذا المجتمع إلا من لايملك مايحمل عليه متاعه ولاشائلة عنده ،فبقيت القيم التي بناها الأجداد من عفة وكرامة وعزة نفس وإيباء ضيم واعتزاز بالتراث في البادية ،فَبُنِيّتْ مَدَنِيّتناَ على قيم وافِدَة تقوم على مفهوم " الربح والخسارة" وأول موظفي البلاد كانوا في الأساس أجانب من دول الجوار لايفكرون في وطن الوظيفة وإنما في وطن آخر يرسلون إليه من بلدنا ما غلا ثمنه وخف حمله ،فكان هؤلاء هم من تربى موظفونا على أيديهم وسلكوا نهجهم الذي طَبّقَ الْمَثَلْ " إلِ إتْولّ شِ ظَاگُ"  هذا من جهة ولكن هذ المسلك لَمْ يتأثر به التعليم في بداية الأمر ولكنه عشعش في الإدارة أكثر ،ولاَشك أنه على المدى البعيد سينعكس على جميع القطاعات وهذا ماحدث.
فعند ما جاءت الديقراطية لم يعد مهماً من يعمل وإنما من يصوت ومن الأقدر على جمع أكثر من الأصوات فتحول الاهتمام من خدمة الشعب إلى خدمة الحاكم ومن ثم تحكمت الطبقة السياسية من تسير الشأن العام فأصبحت المدرسة والمُدرّس لعبة في يد السياسيين ، فهذه مدرسة تُفتح لسياسي في مكان لاحياة فيه وحتى تلاميذ ليقال هذه مدرسة الفلانيين ،في الوقت الذي يوجد المئات بلامُعَلِمٍ ولامدرسة ،هذا الواقع جعل المعلم ينظر إلى نفسه نظرة ازدراء قبل أن ينظر إليه الآخرون .
ضف إلى ذلك الجفاف الذي ضرب البلاد وكان من أخطر نتائجه هجرة عشوائية من الريف إلى المدن فضاقت المدارس على أعداد الوافدين إليها وتجاهلت الدولة هذا الواقع الخطير ولم تعمل على تذليله مما دفع بعض الحكومات إلى محاولة خوصصته لتتحمل المدرسة الخصوصية بعض الحِمْل عن العمومية فكانت الكارثة ،حوَّل الأغنياء أبناءهم إلى الخصوصية وبقي أبناء الفقراء في العمومية وهنا أنبه إلى أن الفقر لايعشعش في شريحة لأن الفقراء في بلادنا هم ألائك الذين لم يأخذو ا المال العام لأنك إذا نظرت إلى أثرياء البلد وجدتهم كلهم مصدر ثرائهم من المال العام سواء كانوا تجارا أومُوظّفين وهنا كانت الكارثة لأنه لما كان ابناء الأغنياء في الخصوصية أصبحت المدرس العمومية أهميتها تساوي أهمية الفقراء،إذا أراد السياسي أن يوظف شخاصا لامستوى له يطلب توظيفه في التعليم او تعيينه على إحدى إدارات التعليم .
ففي العشرية الماضية بلغ هذا الأمر ذروته -رغم ما أعترف به من عديد الإنجازات - إلا ان التعليم فيها كان ضحية بكل المقاييس حيث لم يتولى حقيبته في العشرية من لهم دراية بالحقل فيصبحون بعد أسابيع لعبة في يد ما فيا فساد معشعش في الوزات منذ عشرات السنين فكانت النتيجة أن أصبح الفساد في كل مفاصل الوزارة ولكم أن تنظروا من يحمل حقيبة التعليم ومن على مصادره البشرية ومن على التعليم الخصوصي ولا أعني مديره الحالي بل أعني الذين كانوا قبله.
 وانظروا أكثر وأكثر من على إدارة الأمتحانات وقلي بالله عليكم ماذا ستفعل طبيبة أسنان بوزارة يشهد القاصي والداني بحالها وهنا أبارك لأهل التعليم بتولي واحدا منهم ويعرف مشاكلهم ومايحتاجون له من إصلاحات في هذا المجال، ولقد قابلته ولا أحسبه إلاّحَامِلاً رسالة إصلاح فساعدوه يرحمكم الله.
س/ ما هي الحلول التي تراها استعجالية وتساعد في تطبيق برنامج رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني؟ 
ج/ عموما إذا توقف نزيف النهب عن المال العام وخاصة في هذا القطاع بالذات فإن موريتانيا دولة غنية بمصادر ها الطبيعية وعبقرية أبنائها.
أما عن الحلول الاستعجالية ،فأولها أن يخلى بين وزاء التعليم وبين عملهم وتطلق لهم الحرية في من يختارون من موظفي التعليم وتتوقف عنهم وساطات السياسيين ويُدعمون بمايكفي لإعادة الاعتبار إلى التعليم لأنه شريان مؤسسات الدولة ،ولكن لاَنَدَعُ الحبل على الغارب -كما يقال- ونبقى نُراقب ونُتابع هَلْ الوزراء يعملون لمصلحة المجتمع أم لمصلحة الشريحة والجهة والقرابة . 
وهذه الرقابة تعهد بها رئيس الجمهورية في تعهداته ممثلة فيمااسماه لجنة مراقبة جودة التعليم ولكن المشكلة في هذه اللجنة  ينبغي أن تُختار من الخُلّصِ النّاصِحِينَ للوطن والراغبين في نجاح برنامج الرئيس الذي تعهد به للشعب الموريتاني إبان حملته الأنتخابية. 
شكرا لكم الأستاذ القطب على على هذه الإفاضة النابعة من متابع للشأن العام عامة وللتعليم بشكل خاص