حقيقة قول القادة المترشحين الأربعة بأن السيد ولد الغزواني يتحمل مسئولية تهييج الشارع، بإعلانه الفوز بناء على معلومات حملته فيه تكلّف ومبالغة لا تليق، وخاصة في هذه الأجواء. فمن المعلوم أن إدارات الحملات في الدول الديموقراطية لها بياناتها التي تجمعها يوم الاقتراع، وعلى أساسها تحتفل مبدئيا بنجاح مرشحيها أو تعلن عن هزيمتهم قبل صدور النتائج الرسمية. ولا لوم عليها في ذلك. بل إن بعض وسائل الإعلام الكبيرة في الولايات المتحدة مثلاً، بناءً على معلوماتها الخاصة، تعلن الناجحين في الانتخابات قبل اللجان المنظمة بوقت طويل.
الخروقات القَبْلية المتعلقة بلجنة الانتخابات واستغلال النفوذ وشراء الذمم وغيرها حاضرة في هذه الإنتخابات، كسابقاتها، وقد "دخل" عليها المتنافسون. ولكن القول بأن حجم التزوير يوم الاقتراع يصل حد الطعن في العمليّة الانتخابية برمّتها، ويلغي ما يقارب 200 ألف صوت تجاوز بها المترشح الفائز عتبة ال 50%، أمر يحتاج إلى أدلّة لم يقدمها أي من المترشحين حتى الآن، ولا تبدو متوفرة لديهم حسب متابعين من داخل لجانهم المشتركة لمراقبة الانتخابات.
النزول إلى الشارع -يا قادتنا- في هذه الظرفية ولهذه الأسباب المعلنة غير لائق بزعماء وطنيين مثلكم، كما أن عدم إلقاء الرئيس المنتخب حتى الآن لخطاب أو تصريح "إجماعي" يعبُر فيه بوطنه أجواء الشحن الحملاتي غير لائق به هو الآخر. فأبرز رسائل هذه الانتخابات (وفي هذه يتحمل الطرف الفائز المسئولية الكبرى) تقول بأن عنوان المرحلة المقبلة يجب أن يكون تعزيز اللحمة الدّاخلية والوفاق الوطني وليس تعميق درجة الاستقطاب السياسي.