قَدِمَ وَائلُ بن حجر، سَليلُ مُلُوكِ اليمَنِ، على رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُعلِناً إسلَامَهُ، وكانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قد قَالَ لأصحابِهِ قبلَ وُصولِ وائل:
«يأتيكُم بَقيَّةُ أبناءِ المُلُوك»!
فَلما أتَى وَائل رحَّبَ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأَدنَاهُ، ثم أعطَاهُ أَرضاً نظيرَ ما تَركَ خَلفَهُ من المُلكِ والزَّعَامةِ، وأرسلَ معهُ مُعاويَة ابن أبي سفيانَ لِيدُلَّهُ على الأرضِ، وكانَ معاويةُ وقتَهَا مِن شدَّةِ فَقرِهِ لَا ينتعلُ حِذاءً !
فقالَ معاويةُ لوائل:
أردِفنِي على النَّاقةِ خَلفَكَ !!
فقالَ وائل :
ليسَ شُحَّاً بالنَّاقةِ وَلكنَّكَ لستَ رَدِيفَ المُلُوكِ !!
فقالَ معاويةُ:
إِذَن أعطِنِي نَعلَكَ !
فقالَ لهُ وائل:
ليسَ شُحَّاً بالنَّعلِ، ولكنَّكَ لستَ ممَّن ينتَعِلُ أحذِيةَ المُلُوكِ !
ولكنْ امشِ فِي ظلِّ النَّاقةِ !!
ثمَّ أخَذَ الزَّمَنُ يدورُ، وآلَتِ الخِلَافةُ إلى مُعاويةَ، وجاءَ وائل إلى الشَّامِ وقد جَاوَزَ الثَّمانينَ، ودخَلَ علَى معاويةَ، وكانَ جالِساً عَلى كُرسيِّ المُلكِ، فَنَزَلَ وأجلَسَ وَائِلَاً مَكانَهُ، ثمَّ ذَكَّرهُ بالَّذِي كانَ بينَهُمَا فِيمَا مَضَى، وَأَمَرَ لهُ بِمَالٍ، فقالَ وائل: أعطِهِ مَن هُو أحقُّ بهِ مِنِّي، وَلَكِنَّي وَدِدْتُ بَعدَ مَا رَأيتُ مِن حِلْمِكَ لَو رَجَعَ بِنا الزَّمَانُ لِأَحْمِلَكَ يَومَهَا بينَ يَدَيَّ !
لا غِنى يدومُ ولا فقرٌ يبقَى
اقتَصِدْ في علاقاتِك وَتَعامُلَاتِك فالدّنيا تدورُ لتقفَ بِك يَومَاً عندَ نفسِ الحَدَثِ.
وَكُن مُحسِنَاً وَحِلِيمَاً حَتَّى مَعَ مَن أسَاؤُوا إليك.