خطوات صائبة تنتظر أخرى !

خميس, 2014-12-04 04:46

لاشك أنه بمجرد ماتنشر أمامك الخريطة الوطنية إلا وتلاحظ بالعين المجردة وللوهلة الاولى مامدى إختلال تواجد السكان على هذه الخريطة ، وكذا نفس الشئ بالنسبة لتوزيع المرافق العامة والمنشآت الاقتصادية عليها .

قد حصلت هذه الاختلالات خلال فترات الأحكام السابقة منذ الاستقلال بقصد أو بدونه ، إلا أنه بمجئ نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز رأينا أن الرجل يبدو أنه قد تنبه لهذه الاختلالات ومدى تأثيرها السلبي على توازنات تنمية البلاد الشاملة ،الشئ الذي جعله يحاول تلافي تلك الأخطاء مأمكنه ذلك في الاستثمارات الجديدة، ظهر ذلك من خلال توزيع المرافق العامة وكذا المنشآت الاقتصادية الاخرى التي أنشئت حديثاً في الولايات الشرقية والغربية والجنوبية والتي كانت تشعرهذه الولايات دائماً بالغبن من طرف أخواتها الشمالية . 

كما حاول سد الفراغ الشديد في بعض المناطق الوطنية وذلك بإستحداث مقاطعتي إمبيكت لحواش في الشرق ومقاطعة الشامي في الشمال حيث ظلت تلك المناطق شبه أوكار يلجؤ إليها المهربون والإرهابيون  كلما دعت حاجة أمنهم إلى ذلك، كما قام أخيراً بإستحداث ولايتين جديدتين في انواكشوط من أجل تخفيف الضغط الذي كان حاصلا في العاصمة حيث كانت تستقبل يومياً معظم سكان المقاطعات التسع التابعين لها بالاضافة إلى الوافدين من للولات الاخرى ، علماً أن ولاية انواكشوط كانت توجد في مايشبه منزلا عائلياً مكونا من طابقين صغيرين فقط . 

وهذا الإجراء مهم لانه سوف يقرب الادارة من المواطن ويسهل المرور ويساعد في الأمن ونظافة المدينة كما يسرع بوتيرة تنمية المنطقة وذلك بخلق نوع من المنافسة الا يجابية بين الولات الثلاث وسينعكس ذلك لامحالة على حسن التسيير و المردودية ، ثم سوف يمتص جزءا لابأس به من  بطالة الأُطر العليا والمتوسطة .

فهذه خطوات هامة قد تمت أو في طريقها إلى ذلك ونحن نباركها ونأمل خطوات أخرى لاحقة دون توقف ، لان التوقف يؤدي إلى الخمول. 

والخطوات المطلوبة هي : الحفاظ على جوهر الدين  الأسلامي - الوحدة الوطنية - جيش وطني قوي - تطبيق القانون على الجميع .

إن الحفاظ على جوهر الدين الاسلامي يقتضي الامتثال لأوامره وإجتناب نواهيه من طرف السلطات العليا والافراد على حد سوى وتطبيق عدالته على أرضنا ليستفيد منها الجميع ، وعند ئذ سوف يختفي الفساد بمافيه جريمتي الفسق والفجور ألا و هما الدعارة والاغتصاب المنافيتين لديننا الحنيف ، ووضع تشريعات تلزم السلطات بمعاقبة الممارسين لهذا الاجرام المنحرف والمتعاونين معهم .

أما الوحدة الوطنية فيجب أن يسحب التد اول في شأنها من وسائل الاعلام لانها تركتها لمن هب ودب يعبث بقدسيتها وعدم السماح للبعض بالمتاجرة بها لصالحه الشخصي

علما أن الشرائح الاجتماعية لاتمثلها الأحزاب ولا النقالبات وللجمعيات الخاصة بل يمثلها البرلمان الوطني كما يجرم من يستقوى في شأن القضايا الوطنية بالدول الأجنبية .

ومن أجل تقوية  الوحدة الوطنية يجب الالتفات إلى أسباب تخلف بعض الشرائح الاجتماعية إقتصادياً وثقافياً مثل شريحتي لحراطين وأزناگه ومحاولة معالجة أوضاعهما بجدية وصرامة لتلتحقا ببقية الشرائح الاجتماعية الأخرى، ولأهمية الامر فإنه يجب أن تنشأ ولاية في أكبر تجمع لهما لتتولى معالجة أوضاعهما عن طريق التعليم والتنمية وأن يكون مقر هذه الولاية مثلا في باركيول بإعتبارها منطقة تنموية وزراعية وفيها نمو ديمغرافي لابأس به ، على أن تخصص الدولة جزءا كبيرا من ميزانية الاستثمار لديها لتنمية الولاية الجديدة.

أما الجيش الوطني فيجب أن ترسخ فيه العقيدة العسكرية المشبعة بالئيمان والوطنية والنخوة والفروسية وإبعاده عن التجاذبات السياسية وعدم ترك أفراده يحشرون أنوفهم في الأوحال العنصرية أو الجهوية أو القبلية وأن لا يكون أفراده سماسرة لأي نظام كان  ، ثم يسلح تسليحا جيدا وترفع مرتباته على أن تلتزم الدولة بإعالة أبناء الجنود المتوفين وفي  أحسن الظروف كما يجب مضاعفة تعويضات التقاعد ومنح المتقاعدين  الرخص البحرية والقطع الارضيّة ليعتاشوا من ريعهما فترة  تقاعدهم ، وبهذا يكون الجيش الوطني وفروعه الأمنية قادرون على ممارسة مهامهم المتعلقة بالامن الوطني والدفاع عن الوحدة الوطنية والحوزة الترابية وكذا المساهمة في التنمية بجدية وسخاء  

أماتطبيق القانون فيجب أن يكون شاملا وبالخصوص في مجال مكافحة الفساد المستشري خاصة في التوظيف الانتقائ المخالف للقانون والذي تمارسه الادارة الموريتانية منذ إنقلاب 1978 حيث أصبحت كل مسابقة تتعلق بالتوظيف أو التكوين أو التدريب أو صفقة أو مناقصة عامتين ألا وتعمد جماعة من الادارة الموريتانية -وبعض أفرادها مازال يمارس نفس الشئ إلى اليوم - ويقسمون تلك الوظائف أو التدريبات أو الصفقات بين المتنفذين في الدولة بمافيهم وللاسف بعض البرلمانيين والشيوخ الذين كان يفترض أن يكونوا ضد هذا الأسلوب المشين  والنتيجة النهائية لهذه المارسات الشاذة هو إبعاد ذوي الكفآت من التوظيف وإحلال الكسلاء أوالأغبياء مكانهم لا لشئ إلا أنه ليس وراء أولئك متنفذ ، مما يضطر الذين أبعدوا بتلك الأساليب المنحرفة إلى الهجرة إلى الخارج أو التسكع أمام المكاتب كتائهيين .

وعند مايحصل أولئك المهاجرون على جنسية دولة أخرى لمارأت فيهم من كفاءة ونزاهة إ إلا أنهم للأسف يفقدون جنسيتهم الأصلية في موريتانيا ويصبحون مثل غيرهم من الأجانب تماماً.

إن هذه الأساليب تتبعها جماعة يبدو أن غرضها من هذا التصرف هو إخلاء البلاد من سكانها الأصليين ومن ذوي الكفآت خصوصاً وإحلال آخرين مكانهم من جنسيات أخرى .

إن هذا الوضع خطير جدا كما مر معنا وإذا لم يعالج بسرعة فإنه سوف يؤدي إلى ثورة عارمة لا تبقي ولا تذر وسيحرق أوارها الجميع ولَنْ يُنَجي منها الهرب ولو إلى المريخ ، وربما تقود تلك الثورة داعش أو النصرة او أي بلية أخرى لا قدر الله .

سيدي الرئيس إن هذا الامر مازال يمكن تداركه بوضع إستراتجية للإصلاح الحقيقي الشامل ، وبتفعيل دور النيابة العامة وكذا التحقيق وذلك بإعطائهم حرية الاتهام في كل المجالات المذكورة أعلاه وخلق جو قضائ يمتاز أفراده بالكفاءة والصرامة والنزاهة والشجاعة ليتمكنوا أخيرا من إجتثاث شجرة الزقوم من أصل الجحيم وسجنها وتجريدها من المال العام المسروق الذي بقوته أستعبد ت الناس وأجلتهم من أرضهم قهراً تحت سياط الحرمان و الممارسات المشينة والظالمة في نفس الوقت .

ذ/إسلم ولد محمد المختار

الويزفيل /كنتاكي/ A .S. U

2014-12-03