يجب توطين ، الفن الموريتاني !

ثلاثاء, 2021-09-21 18:29

بموجب ذلك التوطين فإنه يجب التذكير بأن لدى الشعب الموريتاني فن رفيع نمتاز به عن غيرنا و حتى محيطنا  العربي والإفريقي ، وذلك بأدواته الموسيقية المتميزة وكذا الحانه وكلماته الرائعة ، وما مدى ارتباطه بأرضنا وتضاريسها وتاريخ شعبها  وثقافته ، بحيث يعد ذاكرة لهذ الشعب العريق !
وأن سدنة هذ ا الفن كان أمراء البلاد يفرضون لهم الأتوات على قبائلهم لدورهم في اعلاء شأنهم وكذا بث روح الحماس في رجالهم ونسائم  لليكون ذاك دافعا لهم للذود عن كرامتهم وحوزة ترابهم  .
وحيث أنه بمجرد عناية بسيطة بهذ الفن من طرف الدولة سيصبح فنا عالميا  نشارك العالم معنا في نشوة الاستماع إليه و إلى دغدغة مشاعرنا نحن وهم بواسطة إيقاعه وأنغامه وكلماته العذبة الجميلة .
 إن هذ الفن إلى حد الساعة يعد فنا أسريًا بحيث أنه لكل جهة من هذ الوطن مدارسها الفنية الخاصة بها مع الإحتفاظ لكل عائلة فنية بمميازاتها التي تلبي رغبة ذائقة المعجبين بفنها المتميز في إطار مدرستها الجهوية العامة !
إلا أنه يجب التذكير ببعض معوقات تقدم هذ الفن ، كتلك التي من بينها نظرة الدونية -رغم أهمية هذ الفن لدى علية القوم ، من أمراء وأدباء وغيرهم - جعلت هوات هذ الفن - من غير تلك العائلات الفنية - لايتوفرون على القدر الكافي من الإقدام لممارسته وتعلمه ، خوفا من نقد مجتمعهم إذا ما قدموا على ممارسته ،
مما جعل ذلك الفن يكاد ينحصر في أبناء تلك العائلات الفنية وحدها  ! والتي يرغم الواقع المعيش بعض أبنائها على ممارسته ، رغم عدم رغبة بعضهم في  تعاطيه كمهنة ، وذلك خوفا من وصفهم ( بالخيبة ) ومن جهة ثانية كوسيلة وحيدة لمعيشتهم !
إن مرد تلك النظرة الدونية للموسيقى ربما تعود إلى فتوى صادرة من بعض أدعياء الفقه والتصوف الذين أجبلوا على التضييق على عباد الله ، وكأن مفاتيح الجنة مودعة لديهم ، ثمنها الكآبة والنكد ! متجاهلين القواعد الخمس التي تنطبق على الفن كغيره ( الاباحة وال......) !
إن هذا الفن إلى -حد الساعة -يعد  فنا سماعيا تلقينيا يتعلمه الفنانون بواسطة تدريبهم على جس الأ وتار الموسيقية وبعض الآلا ت الالكترونية والمزامير وكذا الطبول ، حيث يدلونهم أساتذتهم على أمكنة النغم المختلفة ،على الاوتار  ،كما يلقنوهم الأسماء المختلفة لمايسمى لدينا بالبحور و اظهورة والاشوار والنحيات وغير ذلك من المسميات المتعارف عليها فنيا ، رغم جهل بعضنا لمعنى تلك الاسماء ودلالاتها  مثل اسقير  وفاقو وكر ولبير (ولقنيدية ) وغير ذلك من   تلك المسميات التي حفظت لدينا مع الحانها  ، ثم نسي  بعد ذلك معظم الوقائع التي كانت سببا لتلك التسمية ، وربما يعود ذلك  إلى غياب ظاهرة التدوين الفني لدينا يومئذ للأسف !
وبمقتضى هذ الإيجاز  حول فن  (البظان )إن صح هذا التعبير ، فإني آمل حاليا -لما اعتلى كرسي وزارة الثقافة -وزير وطني مثقف ، يعلم ماللفن من أهمية على مختلف الصعد- أن يعمل جاهدا من أجل إقناع الحكومة بضرورة الرفع من مستوى الفن في بلادنا حتى يواكب نهضتنا المنتظرة إن -وجدت  - وأن يكون أحد روافدها الأساسية التي تعتمد عليه ! لأن هذ الفن بمثابة حبل السرة الذي يغذي - ثقافيا - الجسم الوطني وامتدادا ته في مختلف الأقطار التي يتواجد بها سكان من أصل بظاني !
إن العناية المتوخاة بالفن الموريتاني تكمن في الكثير من جوانبها في إجاد معهد فني ، أوكلية فنون جميلة يدرس فيها الفن بصفة عامة ، والموريتاني بصفة خاصة ، على يد جهابذة الفن الرفيع من موريتانين وعرب وأفارقة  واربيين حتى ينال هذ الفن حقه من العناية لكي يتبوأ مكانته اللائقة به بين فنون الامم وآدابها .
وأن يحصل الدارسون له في تلك الكلية او المعهد على شهادات حسب تحصيلهم الفني،  لكي يتمكنوا- لاحقا - من الاتحاق بنقابة الفنانين مما يوفر لهم إمكانية تمثيل البلاد فنيا داخليا وخارجيا ، وذلك في المواسم الفنية الوطنية وكذا الدولية .  
وقبل وجود تلك المؤسسة الفنية فإني آمل من اولئك الفنانين الكبار وكذا الفنانات الذين واللائي يعلمون  الفن بأنهم  عند ما يرون  في تلامذتهم استعابا كاملاللمقرر الفني المتعلق بالفن الموريتاني ، بأن يستدعوا فنانين كبارا معروفين بخبرتهم في مجال الفن الموريتاني لليستمعوا  من اولئك الشباب حتى يرون أنهم قد استوعبوا ذلك المقرر وقد واصبحوافنانين حقا وبإمكانهم تقديم الفن الموريتاني في أروع صوره للعالم وللوطن على حد سواء ، فعندئذ ستمنح لهم شهادات فنية كتلك التي كان يمنحها الفقاء لتلامذتهم ، في مجال الفقه ، وكما هو الحال اليوم في بلادنا لمايمنح المحام الشهادة المهنية للمحامين الذين قد أكملوا تدريبهم في مكتبه على أحسن ما يكون !
وأخيرا أتمنى على السيد الوزير أن يغتنم فرصة النهوض بالفن الموريتاني تلبية لرغبة ظلت دفينة لدى كل مواطن مورتاني طيلة نشأة الدولة الموريتانية الحديثة .
 وسيكون من نتا ئج ذلك العمل الرائع  -إن تم العمل به -هو إزدهار الفن مما يساهم ذلك في انعاش الثقافة الوطنية وانعكاس ذلك إيجابيا على الاقتصاد الوطني كما يجعل  إسمك ايها السيد الوزير يسجل في سجل الانجازات  الوطنية التاريخية بحروف من ذهب خالية من أي غش أو تدليس .
وربما إن قمت بتلك المبادرة تجعل الاهتمام بالفن في بلادنا كالذي كان عليه حاله ، أيام إمارة سيف الدولة الحمداني في حلب يوم كان يحضر في مجلسه ابو فراس الحمداني وهو يعيد ذكرياته في سجنه من خلال قصيدته المشهورة (أراك عصي الدمع)وكذا المتنبئ وهو يعاتب سيف الدولة نفسه في قصيدته التي منها.... فيك الخصام وانت الخصم والحكم . ثم الفرابي الذي كان يحضر ذلك المجلس مصحوبا بآلته الموسيقية التي بواسطتها يطرب مجلس الامير حتى الرقص ، ثم ينومهم بها  حتى السبات العميق ، كما كان يحدثهم ايضا في شأن بداية الخلق من خلال نظريته المعروفة حول ( العقول المفارقة ) ! 
إذن فالفن لما يزدهر تتفتح للامة ابواب الرفاه والامن والاستقرار على مصراعيها  ، وذلك بإرادة الله عز وجل ، إن شاء  ذلك لتلك الامة !

ذ/ إسلمو محمد المختار ولد مانا .