تل أبيب تعترف: إخراج الأسلحة الكيميائية من سوريّة لتجنّيبها ضربة عسكرية أمريكيّة كان مخططاً إسرائيلياً بامتياز

خميس, 2015-06-18 14:08

بغضّ النظر عمّن يقف وراء أصل اقتراح إخراج الأسلحة الكيميائيّة من سوريّة، كمخرج لتجنّب سوريّة ضربة عسكرية أمريكيّة، فإنّه في حكم المؤكّد أنّ منطلق هذا المطلب وهدفه الأساسي كانا يصبّان في الدرجة الأولى في المصلحة الإستراتيجية الإسرائيلية.

وكونه مطلبًا إسرائيليًا بامتياز، لا يحتاج إلى إقرار أو كشف من مسؤول إسرائيلي، وخاصّةً أنّ الجهة التي تملك هذه القدرات، سوريّة، تُصنّف وفق الرؤية الأمنية الإسرائيلية ضمن قائمة التهديدات الإستراتيجية المحدقة بالأمن القومي الإسرائيلي.

ووفق المعايير نفسها، تأتي أيضًا عملية استنزاف الجيش السوري والمقاومة التي تلبّي مطلبًا استراتيجيًا إسرائيليًا، وخاصة أنهما مواجهة دفاعية تستهدف وجودهما وعناصر قوتهما التي استطاعت أنْ تفرض معادلات إقليمية أدّت إلى إحداث تغيير جذري في البيئة الإستراتيجية المحيطة بالدولة العبرية، قبل انطلاق الأحداث الأمنية في الساحة السورية. مع ذلك، ينبغي القول إنّ إخراج الأسلحة الكيميائية من سوريّة كان ضمن صفقة أشمل تهدف إلى تجنيب سوريّة مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكيّة، في الوقت الذي كانت وما زالت تخوض مواجهة عسكرية واسعة على أراضيها مع الجماعات المسلحة.

وكان يُمكن للمواجهة مع الجيش الأمريكيّ، وفق الرؤية السورية، أنْ تؤثر بشكل سلبي جدًا في مسار المواجهات الداخلية في غير مصلحة الجيش السوري والنظام. ويبدو أنّ النظام في حينه وافق على التنازل عن هذه القدرات، تفاديًا لتهديد رأى أنّه أسوأ وخارج أولوياته في المرحلة الحالية التي كانت تتطلب التركيز على مواجهة الخطر الذي يتفاقم من الساحة السورية وعبرها.

في هذا السياق، ذكرت صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة، استنادًا إلى صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكيّة، أنّ وزير الطاقة يوفال شطاينتس هو من وقف قبل عامين وراء الاتفاق الروسي ــ الأمريكيّ، لتجريد النظام السوري من الأسلحة الكيميائية. وبحسب الصحيفة، ورد هذا المضمون في كتاب للسفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، وعضو الكنيست عن حزب (يش عتيد)، مايكل أورن.

وأكّد شطاينتس، الذي كان يتولى في حينه وزير الشؤون الاستخبارية، هذا الكلام في مقابلة معه، مُشيرًا إلى أنّه ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يكشفا في حينه عن دورهما في الاتفاق، خشية أن يُقال إنّه فكرة ومؤامرة إسرائيليتين، ويحول ذلك دون تحقيقه على أرض الواقع. وهكذا يؤكد شطاينتس، ضمنيًا، أنّ إخراج الأسلحة الكيميائية من سوريّة كان مخططًا إسرائيليًا بامتياز، بقيت خلاله تل أبيب بعيدة عن الواجهة حتى لا تؤثر سلبًا في فرص تحقيقه.

أمّا عن كيفية بدء هذا المسار، فقد أوضح شطاينتس أنّ الاتصالات الدبلوماسية بدأت بالصدفة، موضحًا ذلك بالقول إنّه بعد مقابلة إذاعية ذكر فيها أنّ إسرائيل لديها أدلة على أن نظام الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد مسؤول عن الهجمات الكيميائية التي نفذت عام 2013، طلب دبلوماسي روسي لقاءه، وطلب منه الاطلاع على المعلومات الاستخبارية في هذا الشأن. لكن إسرائيل رفضت ذلك، وطرحت كبديل من عرض هذه المعلومات فكرة الاتفاق، وأشار الوزير الإسرائيليّ، المُقرّب جدًا من نتنياهو، في سياق حديثه للصحيفة العبريّة إلى أنّه بعد مرور عدّة أيّام بدأ الأمريكيون والروس بدفع الاتفاق، فيما جلست إسرائيل جانبًا، على حدّ قوله.

جدير بالذكر أنّ أورن في كتابه الجديد، يتهّم كلّ من الرئيس الأمريكيّ ونتنياهو بالعمل على تردّي العلاقات الإستراتيجيّة بين واشنطن وتل أبيب، ولكنّه يتهّم أوباما أنّه قام بفعل ذلك عن سبق الإصرار والترصّد منذ أنْ انتُخب لرئاسة أمريكا في العام 2008.

الناصرة – “رأي اليوم”- من زهير أندراوس: