إسرائيل تتلقّى صفعةً إيرانيّةً ثانيّةً: بعد الكشف عن اختراق هاتف غانتس وسرقة كلّ مُحتوياته الإعلان رسميًا عن سيطرة طهران على هاتِف باراك وكلّ ما يحمله

ثلاثاء, 2019-03-19 01:33

في الوقت الذي ما زالت إسرائيل تُلملم جراحها البالغة من الصفعة التي تلّقتها من المُخابرات الإيرانيّة، عندما كُشِف النقاب عن أنّ المُخابرات في طهران، تمكّنت من اختراق الهاتف الخلويّ لرئيس هيئة الأركان العامّة السابِق لجيش الاحتلال، الجنرال في الاحتياط بيني غانتس، ورئيس حزب (أزرق-أبيض)، الذي يسعى لإسقاط رئيس الوزراء الإسرائيليّ الحاليّ، بنيامين نتنياهو، جاء أمس برنامج التحقيقات الاستقصائيّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ (عوفداه)، وبالعربيّة (الحقيقة)، ليكشِف النقاب عن إخفاقٍ وفشلٍ إسرائيليين جديديْن: المُخابرات الإيرانيّة، نقل برنامج التحقيقات، عن مصادر أمنيّةٍ وسياسيّةٍ رفيعة المُستوى في تل أبيب، استطاع أيضًا اختراق الهاتِف المحمول لرئيس الوزراء ولوزير الأمن سابقًا، إيهود باراك، و”سرقة” جميع محتوياته، على حدّ تعبير المصادر. وإذا استعرنا الأسلوب الرياضيّ في كتابة التقرير فيُمكِننا القول والفصل أيضًا أنّه حتى اللحظة تمكّنت إيران من إحراز هدفين قاتلين في مرمى كيان الاحتلال الإسرائيليّ، الذي لا يترك مُناسبةً إلّا ويزعم فيها أنّ مُخابراته هي من أقوى المُخابرات في العالم.
ويأتي هذا الكشف، الذي تصدّر عناوين وسائل الإعلام العبريّة منذ مساء أمس، على وقع قرار المُستشار القضائيّ للحكومة الإسرائيليّة، د. أفيحاي مندلبليط، القاضي بفتح تحقيقٍ جنائيٍّ حول الشخصيّة أوْ المكتب الحكوميّ، الذي كان مسؤولاً عن تسريب المعلومات حول اختراق هاتف غانتس المحمول وسرقة جميع مُحتوياته من قبل المُخابرات الإيرانيّة، وبحسب صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، في عددها الصادر اليوم الاثنين، فإنّ القرار تمّ اتخاذّه بعد أنْ تلقّى المُستشار القضائيّ شكوى رسميّة من حزب (أزرق-أبيض) بقيادة غانتس، والذي ألمح إلى أنّ ديوان رئيس الوزراء الإسرائيليّ، نتنياهو، هو المسؤول عن التسريب، لأنّ رئيس الوزراء هو المسؤول عن جهاز الأمن العّام (الشباك الإسرائيليّ)، وعن الهيئة الوطنيّة لمُكافحة السايبر، أيْ الحرب الالكترونيّة.
في السياق عينه، زعم مُحلّل الشؤون الأمنيّة والإستراتيجيّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، د. رونين بيرغمان، نقلاً عن مصادر أمنيّة في تل أبيب، أكّد على أنّها مُطلعّة جدًا، زعم أنّ وزارة الأمن الإيرانيّة، التي تملك أذرعًا في جميع أنحاء العالم، هي المسؤولة عن عمليتي الاختراق لهاتفيْ غانتس وباراك، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ هذه الوزارة هي التي كانت مسؤولةً عن العمليات التي تمّ تنفيذها في عامي 1992 و1994 ضدّ السفارة الإسرائيليّة ومباني الجاليّة اليهوديّة في بوينس أيريس في الأرجنتين.
وتابعت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة قائلةً إنّه في العقود الثلاثة الأخيرة خصصت واشنطن وتل أبيب أموالاً باهظةٍ وموارد بشريّةً كبيرةً من أجل اختراق هذا الجسم المُخابراتيّ الإيرانيّ، إلّا أنّهما لم تفلحا في مُهّمتهما، مُشيرًا إلى أنّ جهود كيان الاحتلال والولايات المُتحدّة الأمريكيّة ما زالت مُستمرّةً في هذا المجال، ولكن بدون نتائج تُذكر، على حدّ قول المصادر.
من ناحيته، أكّد مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، في دراسةٍ عن الحرب الالكترونيّة بين الولايات المتحدة وإيران أنّه منذ عدّة سنوات تقوم إيران بتطوير برامج محوسبة لحماية برنامجها النوويّ، وأنّها خصصت لهذا المجال مليار دولار أمريكيّ، لافتةً إلى أنّ عمل الإيرانيين لا يقتصر على الدفاع فقط، إنمّا على تنفيذ الهجمات، وللتدليل على ذلك، أشارت الدراسة إلى التصريحات الصادرة عن وزارة الدفاع الأمريكيّة (البنتاغون)، التي أكّدت على أنّه يتحتّم على واشنطن الاستعداد بما فيه الكفاية لصدّ الهجمات الالكترونيّة الإيرانيّة على منشآتٍ أمريكيّةٍ مهمّةٍ بهدف تعطيلها، بحسب تعبيرها.
وزادت الدراسة إنّ إيران في المجال الدفاعيّ تعمل على صدّ الهجمات من قبل أمريكا وحليفاتها، ومن الناحية الثانية، فإنّ إيران تعمل أيضًا على صدّ الهجمات الالكترونية التي تقوم بها المعارضة في الداخل، التي تهتم جدًا بالحصول على معلوماتٍ سريّةٍ لتوزيعها على الأعداء، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ إيران تعمل على إقامة منظومة حواسيب مستقلّةٍ لا يعرف عنها أحد، مؤكدةً أنّه في حال تصعيد الأمور بين واشنطن وطهران، فإنّ الأخيرة لن تتورّع عن القيام بهجماتٍ الكترونيّةٍ ضدّ منشآتٍ حيويّةٍ وحساسّةٍ في أمريكا، مثل البنية التحتية للطاقة، مؤسسات اقتصاديّة ومنظومات السير، ومنظومات أخرى.
كما أكّدت الدراسة على أنّ منظومة (السايبر) الإيرانيّة غير واضحة المعالم، ولكن من المُمكن التأكيد على أنّ قدرات (السايبر) التابعة للحرس الثوريّ الإيرانيّ كبيرةً وخطيرةً جدًا، وبالتالي يُمكن اعتبار الجمهوريّة الإسلاميّة دولةً متطورّةً جدًا في هذا المجال، وأنّها تمكّنت من تطوير برامج وفيروسات هجوميّةٍ لتعطيل منشآتٍ غربيّةٍ وأيضًا إسرائيليّةٍ، كما أنّها طورّت منظومات لاختراق الحواسيب الأكثر أمنًا، وذلك بهدف جمع المعلومات الاستخبارية، كما أنّ إيران قامت بتطوير أدوات مخبأة وتُشغِّل عن طريق الأوامر من بعيد.

(رأي اليوم)