لماذا اعترفت “النائبة” و”الصحافية” بولا يعقوبيان الآن وبعد عام بأن الحريري كان “محتجزا” في الرياض وأُهين وامليت عليه الاستقالة؟

اثنين, 2018-10-08 18:16

لا نعرف الدوافع الحقيقية وراء ظهور السيدة بولا يعقوبيان، مقدمة البرامج السابقة في تلفزيون “المستقبل”، والنائبة المستقلة في البرلمان اللبناني على محطة تلفزيون “الجديد” بعد عام تقريبا من لقائها الشهير مع السيد سعد الحريري، رئيس الوزراء المكلف (جرى احتجازه في الرياض في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017) الذي تماهت فيه (في حينها) مع الراوية السعودية الرسمية التي كانت مخالفة للواقع المأساوي.

النائبة يعقوبيان اعترفت “ان كل شيء كان مبررا بطريقة لا تشعر بأن هناك امرا ما”، وهي تتحدث عن ظروف المقابلة، وأكدت ان السيد الحريري الذي دعاها الى الرياض لإجراء المقابلة معه، تعرض لإهانات وربما مسائل أخرى قالت انها لا تعرفها، او بالأحرى ارادت اخفاءها، وجزمت “بأنه كان محتجزا”، وكان واضحا اثناء المقابلة، والكلام لها، انه كان “متعبا” و”مضغوطا”، مثلما كان واضحا انه لم يرد الاستقالة التي امليت عليه، واوحت بأنه لم يرغب بشن هجوم على ايران وحزب الله.. وشددت على ان هذا الهجوم، وامور أخرى كانت خارج ارادته.

ربما يكون كشفها لكل هذه الحقائق من قبيل “صحوة ضمير”، او لابراء الذمة، او لتمتعها بحصانة برلمانية، او “للثأر” من تيار المستقبل، والسيد الحريري، الذي لم يدعماها وحزب “التيار المدني” في الانتخابات النيابية الأخيرة على رأس قائمته، ونذهب الى ما هو ابعد من ذلك، ونقول انها ارادت “الاعتذار” لإقدامها على هذه “الخطيئة” المهنية والوطنية.

لا نستبعد ان يكون “اختفاء” الزميل جمال خاشقجي، وتزايد احتمالات مقتله، لعب دورا في صحوة الضمير هذه، لدى “زميلة” صحافية مارست “السلطة الرابعة” لما يقرب من ربع قرن، خاصة ان هناك بعض القواسم المشتركة بينهما، وابرزها انهما يقفان في الخندق السياسي والإقليمي نفسه، والفارق ان الأخير، أي الزميل الخاشقجي، تمرد على السلطة التي خدمها لأكثر من اربعين عاما، وقرر الانتقال الى معسكر المعارضة “مكرها”، وتوجيه الانتقادات الى هذه السلطة، مع الاعتراف انها كانت “خفيفة”، وتركزت على بعض الاعتقالات، وانتهاك حقوق الانسان واتخذت طابع النصائح، وابرزها ضرورة الانسحاب من حرب اليمن، ولكن ما لم يعلمه ان الولاء المطلق والدائم للسلطة هو المطلوب، واي نصائح او انتقادات غير مقبولة منه او من غيره في العهد السعودي الجديد الذي يحكم بالقبضة الحديدية، ولا يتسامح مع خصومه.

النائبة يعقوبيان كانت تعلم جيدا ان السيد الحريري كان محتجزا، عندما غردت على حسابها على “التويتر” قائلة “كل كلمة قلتها بعد مقابلة الحريري كانت صادقة وتعبر عن حقيقة ما شاهدت، كان حرا في منزله عندما وصلت بعد اكثر من أسبوع على الاستقالة وكان معه مرافقوه الذين ذكرت اسماءهم”.

كنا نتمنى لو ان الصحافية يعقوبيان لم تقل هذا الكلام وتحلت بفضيلة الصمت في وقت كان الجميع في لبنان وخارجه يلتقون على أرضية واحدة، وهي ان السيد الحريري كان محتجزا، وتعرض للإهانة، وكان على رأس المتضامنين معه الرئيس ميشيل عون والسيد حسن نصر الله الذين انتقدهم.

الزميل الخاشقجي ربما تحول الى “ضحية” وفقد حياته لانه قرر في نهاية المطاف ان ينحاز الى ضميره ويقول الحقيقة، وهو يعلم جيدا في قرارة نفسه انه قد يدفع ثمنا غاليا لتمرده هذا، وهذا الموقف جبّ كل ما قبله، ووضعه جنبا الى جنب مع دعاة الإصلاح داخل بلاده وخارجها.

سنظل، ورغم تحفظاتنا، نثّمن للسيدة يعقوبيان عودتها الى جادة الصواب، وانحيازها للحق، حتى لو جاء هذا الانحياز متأخرا عاما، ونأمل ان يحذو السيد الحريري الطريق نفسه، احتراما لمكانته، ووالده، وكل الذين وقفوا الى جانبه في أيام محنته الصعبة، ونحن، والملايين غيرنا في الانتظار.

“راي اليوم”